أزمة الحوثيين وحروب ربع الساعة الأخيرة
حوثي
من أعسر الأمور على الإنسان فرداً كان أو جماعة أن يكون له حالتان في وقت واحد، وأن يكون في حالة مزدوجة، ولذلك كان المنافقون هم الأسوأ لأن الشخص منهم يريد أن يكون اثنين، وله وجهان ولسانان وذلك ما ليس في مقدورهم فيقعون في الفضائح.
الحالة الحوثية تحيا في هذه الحالة، إنها تحاول التوفيق بين نقيضين حيث تريد أن تظل مسلحة، تشن الحروب وتقطع الطرق، وفي الوقت نفسه تريد أن تظهر بأنها من أهل الحوار، وأنها مدنية وجماعة سياسية.
وفي الوقت الذي يقتضي منها الحوار أن تظهر بأنها متفقة مع القوى السياسية بشأن الديمقراطية والانتخابات، والنظام الجمهوري غير أنها تفضحها خطب زعيمها عبدالملك وشعاراتها التي تقول بأنه من أولياء الله، وملصقاتها الداعية إلى الانقلاب على السلطة ويقينها بوجوب الولاية، وأن من عدى عبدالملك هو استبدادي جائر ظالم، أما عبدالملك فعادل غير أنه يحتاج إلى إبادة 85% من الشعب ليقيم العدل بين الذين يدينون بإمامته التي هي قدر يجب الإذعان له.
وجد الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني ضالتهم فقد اعتبروه آلية للإلهاء، يحاورون، ويحاربون في الوقت نفسه، ولهم في الحوار غطاء لحروبهم، وظنوا أن فترة 6 أشهر سيكسبون الكثير، ويسقطون محافظات ويسيطرون على العاصمة بالاشتراك مع الرئيس المخلوع وانتهت الفترة المقررة للحوار ثم مدد له ومضت شهور أخرى، وجاءت اللحظة التي يجب أن يختم فيها الحوار، والانتقال إلى مرحلة جديدة حاولوا مع غيرهم من القوى المتضررة من إنهاء الحوار والتزاماته الهروب عبر وضع العراقيل أمام إنهاء الحوار وتأجيله ما أمكن في الوقت الذي يظهر أنهم نجحوا مؤقتا إلى حين.
الثورة والخيانة..
حاول الحوثيون استغلال الثورة إلى أقصى حد، فانضموا إلى ساحة التغيير في العاصمة وكسبوا اعترافا من القوى السياسية والثوار، لكنهم ظلوا معزولين باختيارهم، ولم يندمجوا في الثورة وأثناء الثورة مارسوا الخيانة بصورها المختلفة.
كانت قنوات الاتصال بأسرة صالح مفتوحة، وتجسدت في سلوك يشبه إلى حد بعيد سلوك بني قريضة في غزوة الأحزاب، لأنهم لا يحترمون شعبا ولا ثروة فقد انطلقوا مما يعتقدون أنه الحل والذي يتمثل في الحرب ليس لإسقاط نظام أسرة صالح فهم مدينون له، بل في الحرب على الشعب، والسعي للسيطرة على محافظات، فقاموا بغزوات وشنوا حربا على محافظة الجوف، في اللحظة التي كانت الثورة على وشك المواجهة الشاملة مع نظام صالح، ولم يقدروا لقوى الثورة اعتبارهم منها، واعتبار صعدة في المحافظات المؤيدة للثورة، والتوافق على تعيين فارس مناع محافظا، وهو المشترك بينهم وبين صالح وكان رئيسا للجنة صالح الرئاسية للوساطة ومزود الطرفين بالسلاح.
المبادرة الخليجية
أعلن الحوثيون رفضهم للمبادرة والسعي لإسقاطها ثم ما لبثوا أن انضموا إلى الحوار المنبثق عنها، ومع مشاركتهم في الحوار لم يكفوا عن الحروب في صعدة وحجة بل وفجروا حربا مع دماج وامتدت إلى كتاف، ثم إلى عمران، وهاهم يسعون لصنعاء المحافظة، في أرحب ويخططون ويفجرون في العاصمة، من الأمن القومي إلى محاولات لاقتحام وزارة الداخلية.
أهداف..
أهداف الحوثيين تبدو واضحة للعيان، لقد تحدث عنها حليفهم الرئيس المخلوع: شمال الشمال.
المرحلة الأولى: شمال الشمال
- إنهم يسعون لإخضاع محافظة صعدة، وممارسة التطهير المذهبي والعرقي والمناطقي، وأن تكون قاعدة آمنة لتصدير الحرب إلى محافظات أخرى.
- السيطرة على الحزام القبلي/ الجغرافي للعاصمة.. يقدر الحوثيون أنهم بإسقاط محافظة الجوف، وعمران.
ما حقيقة ما يجري في عمران؟
إن الحوثيين يعتقدون أن سقوط الإمامة كان من أسبابه الرئيسية قبيلة حاشد، ويعتقدون أن هزيمة حاشد والسيطرة على معاقلها، إنهاء خصم قوي، سيمهد الطريق أمامهم للسيطرة على معظم المناطق، وأن مجموعات من قبائل بكيل تنضم إليهم لولاءات قديمة، ولأنها قد تجد ذاتها في النظام الجمهوري، وبصرف النظر عن صحة ذلك أم خطئه، فإن سقوط حاشد يشجع البعض منهم على القتال إلى جانب الحوثيين.
سيناريوهات المشهد المتوقع
يعتقد الحوثيون أنهم قد أعطوا فرصا لتحقيق أهدافهم وأن هذه الفرص توشك على الانقضاء، إنهم في الواقع وجدوا أنفسهم في حالة قتالية لا توجد في أي بلد جماعة مسلحة خارجة على النظام العام وتحمل السلاح للانقضاض على السلطة وفي الوقت نفسه يتعامل معها النظام والقوى السياسية على أنها جماعة طبيعية ومحترمة وأن هذه الحالة والفرص التي أوجدتها توشك على الانتهاء لذلك فإنها تشن حروبا.