Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: سياسة العقاب وأدبه في التشريع الإسلامي الأربعاء أبريل 25, 2012 7:33 pm | |
|
سياسة العقاب وأدبه في التشريع الإسلامي
لفضيلة الشيخ / علي عبد الباقي شحاتة
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية
هدف سياسة العقاب ، في الشريعة الإسلامية ، حماية المصلحة العامة ، وحماية المصلحة العامة ، وحماية الفضيلة ، ودفع الفساد ، ومن أجل ذلك ، فإن العقوبات الشرعية يستتبع توقيعها : أولاً : الزجر : بمعني ردع الجناة من العودة إلي ارتكاب الجريمة ، وكذلك منع الغير من اقتراف ذات الجرم . وهذا يتمثل علي وجه خاص في الحدود . ثانياً : تحقيق العدالة ، إذ إن العقوبة تنزل بالجاني ألماً تراه الجماعة المجني عليها مقابلاً لذات الجرم ، فتهدأ النفوس ، وتطهر نفس الجرم ، ويعود إلي الاستقامة مقلعًا عن جريمته ، ذلك لأن إصلاح ذات الإنسان المنحرف المرتكب للخطيئة أهم أغراض العقاب في الشريعة . ومن أجل تهذيب وإصلاح حال الخطائين ، نري أن العقوبة تقع علي جسد الخاطئ ، بالجلد ، والضرب ، وعلي داخل نفسه ، بشهود جمع من الناس ، توقيع هذا الجزاء : (è( ôpkô¶uø9ur $yJåku5#xtã ×pxÿͬ!$sÛ z`ÏiB tûüÏZÏB÷sßJø9$# ) في حد الزنا لغير المحصن وهو الذي لم يزوج بعد . · وهذا لاشك أدخل في العقاب ، وأدني ثمرة في الإصلاح ، وزجر الغير ، والابتعاد به عن مجرد التفكير في اقتراف مثل هذا الجرم · وإذا كان هدف العقوبة دائماً الردع والإصلاح ، فالأولي أن نعود إلي النظر في كثير من الجزاءات المقررة في قانون العقوبات ، لنستبدل بالحبس ، الجلد ، أو الضرب العلني ، حتى تجدي في الزجر ، لأن أساس العقوبة في الشريعة ، هو الجلد ، لا السجن والحبس · والجلد عقوبة بدنية مؤقتة بساعات ، لا تهدر آدمية المستحق لها وتتيح للمذنب فرصة التوبة والأدب والصلاح وخدمة الأسرة والجماعة ، بل وخدمة النفس ، بالسعي المشرف والعمل النافع ، إذ إن الحبس أو التغريم ، أو هما معاً ، لا يردعان الكثير من الخاطئين · وسنري أن السجون وقتئذ ، قد قَلٌَ روادها ، وانحسرت كثرتهم الحالية عن فئة المحترفين وعتاة المجرمين ، الذين اعتادوا الجريمة علي اختلاف صنوفها ، واستمرأوا كسبها ، وهؤلاء نري أن فقهاء الإسلام قد قالوا في شأنهم – علي ما جاء في الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلي الحنبلي – أنه يجوز للأمير فيمن تكررت منه الجرائم ولم ينزجر عنها بالحدود ، أن يستديم حبسه ، إذا استضر الناس بجرائمه ، حتى يموت ، بعد أن : يقوم بقوته ، وكسوته ، من بيت المال ، ليدفع ضرره عن الناس . · ومن أجل هذه السياسة العقابية ، في الشريعة الإسلامية ، لم تكن السجون بهذه الكثرة التي نشهدها ، فقد كانت عقوبة الحبس في الأعم الأغلب ، إما حبس في تهمة استظهاراً ، واحتياطاً ، كما فعله الرسول صلي الله عليه وسلم فقد روي الحاكم في المستدرك ، عن عراك بن مالك ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة – رضي الله عنهم – أن النبي صلي الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة يوماً وليلة استظهاراً واحتياطاً ، هذا الوجه من الحبس يقابل في نظامنا الآن ، الحبس الاحتياطي علي ذمة التحقيق وإما حبساً مستديماً للخطرين ، الذين يتضرر الناس من جرائمهم ويروعون الآمنين ، في الأموال والأنفس والأعراض والثمرات . حقوق السجين : والمتتبع لأقوال الفقهاء المتناثرة ، في مواضع كثيرة ، من كتب الفقه الإسلامي في شأن السجون ، يجد أنها في نطاق القول الجامع ، الصادر من الرسول – صلوات الله وسلامه عليه -: ( إن الله كتب الإحسان علي كل شيء .. ) فهم يوصون بتوقير الإنسان المحبوس ، والامتناع عن إهدار كرامته ، التي حفظها الله ، وأوصي بها وبتوفير الرعاية الصحية له ، والقيام علي أمور معاشه ، داخل السجن ، وأمور أسرته من : زوج ، وولد ، ووالد ، واستدامة زيارتهم له ، واستقباله إياهم صلة للرحم ، واستعانة بهم علي إصلاح ذات نفسه وانتزاع الشرور من بين جنبيه ، كما يوصي الفقهاء – إعمالاً لتلك القاعدة الجامعة – بأن يكون في السجن العلاج من داء الإجرام ، باشتغال السجين بما يعود عليه نفعه مادياً ، كعمل يدر عليه كسباً أو مهنة يتعلمها ، ليحترفها ، تعطيه ربحاً طيباً ، ولذلك يجب أن يتوسع في إلحاق مصانع بالسجون ، يتدرب فيها المسجونون ، ويعملون ، وتصرف لهم أجورهم ، أو إلي المستحقين لهم عنهم ، وتدخر لهم ، وأن تلحق بها كذلك مدارس ابتدائية وإعدادية ، وثانوية وللنظر في إدخال عقوبة الجلد وحدها أو مع الحبس في بعض الجرائم وفي حالة الجمع بينهما ، يكون الحبس عقوبة تبعية ، ولنعمل علي وضع النماذج الصالحة من البشر أمامه ، تزكوا برؤيتها نفسه ، ويلين قلبه ، ونعني بهذه النماذج نفراً من المستقيمين في دينهم ، ودنياهم ، عظة وقدوة . ومع هذه الوصايا من فقهاء الإسلام ، فإنهم قد احتاطوا لئلا يكون السجن مدرسة خطرة تؤلف بين قلوب المجرمين فقالوا بوجوب تصنيفهم والبعد بذوي المروءات الذين زلت أقدامهم عن طريق الحق والفضائل في مكان َقصِيٌ ، عمن ساءت دخائلهم وصارت الجريمة كسبهم ومأواهم . ومن هنا كانت عقوبة التعزيز ، سواء بالجلد والضرب ، أو الحبس ، أو بالتغريم ، أو بالعظة ، والنصح ، واللوم مختلفة باختلاف الناس وما جبلوا عليه وهم في ذلك جد مختلفون . وبعد : فإن عقوبة الحبس ، أو السجن ، بالمصطلح السائد قانونًا ، قد صارت غالبة ، وقد أوجزت فيما سبق ، خطة السجن ، والسجون ، كما أوصت بها نصوص الشريعة الإسلامية . هذه العقوبات المقررة التي تحدثت عنها تكون في حق من ثبت في حقه الجريمة المستوجبة للعقوبة ، أما الحديث عن التعذيب ، أو الضرب ، أو الجلد ، أو الحبس في حق من لم يثبت بعد في حقه الحدث ، فهذا أمرُ لا تقره الشريعة الإسلامية ، باعتبار أن الإنسان في هذه الحالة بريء ولم تثبت في حقه الجناية ، فإذا حدث هذا فإنه يعبر إكراهاً له يرفضه الشرع . وآمل – ونحن نعمل علي مراجعة القوانين ونشر الإصلاحات في مجتمعنا تشريعاً وسلوكاً وقضاءً واقتضاءً – وأن تتعدل سياسة العقاب وفقاً لنصوص الشريعة حداً ، وتعزيزاً . (zô`tBur ß`|¡ômr& z`ÏB «!$# $VJõ3ãm 5Qöqs)Ïj9 tbqãZÏ%qã ) وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله .. ويشرق نور الإسلام ، وقوة اليقين في قلوب الآثمين ، فيخشون الله وتحيا ضمائرهم ، فإنها لا تعمى الأبصار .. ولكن تعمى القلوب التي في الصدور . " اللهم أهدنا الصراط المستقيم .. صراط الذين أنعمت عليهم .. غير المغضوب عليهم .. ولا الضالين " آمين . just_f
| |
|