www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



سلوكيات يجب الحذر منها  _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



سلوكيات يجب الحذر منها  _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.just.ahlamontada.com

شعر : خواطر : قصة : نقاشات جادة : حقوق مرأة : أكواد جافا نادرة : برامج صيانة :برامج مشروحة مع السريال : بروكسيات حقيقة لكسر الحجب بجدارة . والمزيد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

الى زوار منتدى البرنامج المشروحة / الكرام . نفيدكم بأن برامجنا المطروحة كاملة ومشروحة ومع السريال وتعمل بأستمرار دون توقف أن شاءالله . ولكن روابطها مخفية تظهر بعد التسجيل . و تسجيلكم دعم للمنتدى


 

 سلوكيات يجب الحذر منها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد الرسائل : 13163
تاريخ التسجيل : 12/10/2007

سلوكيات يجب الحذر منها  Empty
مُساهمةموضوع: سلوكيات يجب الحذر منها    سلوكيات يجب الحذر منها  Icon_minitimeالسبت يوليو 06, 2013 7:12 pm



سـلوكيـات يجب الحذر منها

يحيى بن موسى الزهراني
إمام الجامع الكبير بتبوك

المقدمة

الحمد لله الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد ، الحمد لله الحق المبين الذي هو على كل شيء قدير ، وأشهد أن لا إله إلا الله والصلاة والسلام على من بعثه الله بشيراً ونذيراً للعالمين نبينا وحبيبنا محمد ، وعلى آله وصحابته الغر الميامين ، وعنا معهم بمنك وكرمك ياأكرم الأكرمين . . . أما بعد :
فالقلب مصدر السعادة والشقاء للإنسان ، فإن احتوى على نفس مطمئنة ومؤمنة بلقاء الله وبجنته وناره فصاحبه من السعداء ، وإن احتوى على نفس أمارة بالسوء وتدفع للمعاصي والذنوب والفواحش فصاحبه من الأشقياء ـ عياذاً بالله من ذلك ـ فإذا صلح القلب صلح سائر الجسد واستبشر صاحبه بالخير والنور ، وكان من أهل الخير والسرور فهو في الدنيا بصير العين والقلب ، ذو بصيرة ونضر ثاقب ، يراقب الله عز وجل في السر والعلانية ، يرجو رحمة الله ، ويخشى عذابه ، تتوق نفسه للقاء الله عز وجل ، ليجد ما أعد الله له من النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول ، فهو من السعداء في الدنيا وفي القبر وفي  الآخرة ، علم حدود الله فوقف عندها ولم يتعداها ويتخطاها إلى ما حرم الله بل التزم بما أمر الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام فهو وقّاف عند حدود الله و محارمه يقوم بأوامر الله ، ويجتنب  نواهيه ، فهنيئاً لهذا القلب المطمئن هنيئاً له بما أعد الله له من نعم لا تعد ولا تحصى ، وهذا هو القلب السليم ، أما القلب الأخر وهو القلب السقيم المريض فإنه قلب فاسد ، وسيفسد سائر الجسد ، فصاحبه ذو قلب مكبوب منكوس تغيرت فيه ملامح الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، فهو يدعو صاحبه إلى فعل الفواحش الظاهرة والباطنة لايقف عند حدود الله ، عرف محارم الله فارتكبها ، واستوعب أوامر الله  فتركها وانصرف عنها ، استوثق بقفل الذنوب والمعاصي ، وأغلق عليه وأحكم الغطاء ، فهذا الجسد الذي احتوى هذا القلب فهو كالبيت الخرب ، دمار ظاهره وباطنه ، فصاحبه لا  يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، انكب على الشهوات والهوى ، أعمى البصر والبصيرة ، مطموس الفطرة والخلقة ، اجترأ صاحبه على فعل كل فاحشه ورذيلة ، وارتكاب كل معصية وخطيئة ، لا يردعه رادع ، ولا يمنعه مانع ، فهو لم يطع الخالق سبحانه ، بل تعدى حدوده ، قال تعالى: { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين } ( النساء 14 ) ، لا يمل ولا يفتر عن مشاهدة الأفلام الخليعة وسماع الأغاني الماجنة ، لا يمل ولا يكل من العكوف على الدشوش وما فيها من هرج ومرج ، وما فيها من بعد عن الله  وأوامره ، يفعل الفواحش غير آبه بما أعد الله له من العذاب والسعير في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة فكيف بصاحب هذا القلب إذا احتوشته ملائكة العذاب ، سود الوجوه أصواتهم كالرعد القاصف ، كيف بهذا المسكين عندما يوضع في قبره ليس معه أنيس ولا جليس إلا عمله القبيح ، كيف به في وحشة القبور والعذاب يأتيه من كل مكان فإنا لله وإنا إليه راجعون ، كيف بهذا المخلوق إذا تشققت السماء بالغمام وتنزلت الملائكة الكرام وتطايرت الصحف فآخذ صحيفته باليمين وآخذ صحيفته بالشمال أو من وراء ظهره ، كيف بهذا المسكين إذا قيل له { اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء14 ) ، ماذا تفعل يا مسكين إذا ناداك الملائكة للحساب والعتاب ، إذا نوديت أين فلان بن فلان تقدم للحساب ؟ كيف ستقابل جبار السماوات والأرض وكل شيء محصى عنده { في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى } ( طه52 ) ، كيف بك أيها الغافل عندما تنطق وتشهد عليك جوارحك بكل ما فعلته وقلته ، يقول تبارك وتعالى : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } ( النور24 ) ، وقال تعالى : { ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون * حتى إذا ما جاءُوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون } ( فصلت 19/20 ) ، فأين المفر ؟ وأين الملجأ ؟ وأين المهرب ؟ قال تعالى : { ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين } ( الذاريات 50 ) ، ماذا ستقول للخالق سبحانه ؟ ماذا ستقول لعالم الخفيات ، قال تعالى : { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } ( الحاقة 18 ) ، هذا القلب هو القلب المطموس بصيرته ، المريض سريرته .        
قيل أن لقمان دفع إليه سيده بشاة وقال اذبحها وائتني بأطيب ما فيها ، فأتاه بالقلب واللسان ، ثم بعد أيام أتاه بشاة أخرى وقال له اذبحها وائتني بأخبث ما فيها ، فأتاه بالقلب واللسان ، فسأله سيده عن ذلك ، فقال : ما أطيبهما إذا طابا ، وما أخبثهما إذا خبثا .  

أسباب صلاح القلب :    
1ـ قراءة القران بالتدبر والتفكر فيه ، وفيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2ـ تقليل الأكل .
3ـ قيام الليل وإحياؤه بالعبادة .
4ـ الدعاء واغتنام أوقات الإجابة .
5ـ مجالسة الصالحين .                    
6ـ الصمت عما لا يعني .
7ـ الابتعاد عن أهل الفسق والمعاصي .
8ـ أكل الحلال والابتعاد عن أكل الحرام والمشتبه .
9ـ اجتناب المنكرات والملاهي .
10ـ اغتنام الأوقات بالنافع من الأقوال والأعمال .
11ـ الإكثار من الصيام ، والتتابع بين الحج والعمرة .
12ـ الخلوة بالنفس ومحاسبتها .
13ـ العلم بأن الله مطلع على الأقوال والأعمال .
14ـ بر الوالدين .                    
15ـ زيارة القبور فإنها تذكر الآخرة .
16ـ الصدقة ، وتفقد الفقراء والمساكين ومعرفة أحوالهم .
17ـ زيارة المرضى ، ومن يعانون سكرات الموت .
18ـ المحافظة على الصلوات جمعة وجماعات .
19ـ التفكر في مخلوقات الله تعالى .
20ـ النظر في عواقب الظلمة والطغاة والمفسدين الذين قصهم القرآن ، أو من نسمع عنهم في هذه الأزمان .


أسباب مرض القلب :
1ـ البعد عن الحق بعد معرفته ، قال تعالى : { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لايهدي القوم الفاسقين } ( الصف5 ) .
2ـ أكل الحرام ، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم [ الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب ، يارب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام وغذي بالحرام  ، فأنا يستجاب لذلك ] ( مسلم ) .
3ـ فعل المعاصي ، فإن المعاصي تؤثر في القلوب ، قال تعالى :{ كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } ( المطففين14 ) .
4ـ استماع المحرم من الكلام مثل الغناء وغيره ، فالغناء صوت الشيطان ، قال تعالى :{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ( الإسراء64 ) .
5ـ النظر المحرم ، ومشاهدة الصور والأفلام الخليعة ، والجلوس أمام الدشوش بالساعات الطويلة ، لمشاهدة أفلام الرذيلة والله عزوجل يقول : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } ( النور30/31 ) .
6ـ أصدقاء السوء ، قال تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } ( الزخرف67 ) .
7- الانجراف في تيار الحياة الغادرة ، قال صلى الله عليه وسلم : [ الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً ] ( الترمذي وهو حديث حسن ) . وقال عليه الصلاة والسلام : [ لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء ] ( الترمذي وقال حسن صحيح ) .
ومن أسباب فساد القلب ومرضه ضد ما ذكرنا في أسباب صلاح القلب سابقاً .


أمراض القلوب :
وللقلوب أمراض وأسقام هي من سخط الله قريب ، وعن رضاه بعيد ، تميز بها أراذل الناس وجهلاؤهم ، حتى امتلأت صدورهم سواداً وظلمة على عباد الله ، لعدهم رضاهم بربهم سبحانه وبما أنعم به على كثير من خلقه ومنع منها الكثير ، بحكمته وعلمه الذي وسع كل شيء ، فتوقدت صدورهم ناراً وغلاً وحقداً على عباد الله غير راضين بقدره وقضائه ، ومن هذه الأمراض ما يلي :

أولاً :  الحسد :
الحسد داء عضال وهو مرض خطير من أمراض القلوب . والحسد حمل ابن آدم على قتل أخيه ، فالحسد يبعد صاحبه عن التقوى ويركبه الأهواء فيضل ويغوى ، يضيق صدر الحسود ويتألم ويتفطر إذا رأى نعمة أنعمها الله على أخيه المسلم ، فيعاني من شدة البؤس والغيظ ، فلا يشكو ما أصابه من حزن وقلق إلا إلى الشيطان أو إلى نفسه الأمارة بالسوء أو إلى من هو مثله في الحسد ، فالحسود لا يفعل الخير ولا يحبه لإخوانه المسلمين ، وغاية ما يتمناه هو زوال نعمة الله على عباده ، إنه بهذا العمل قد سلك طريق الشيطان عليه لعنة الله ، فما منع الشيطان من السجود لأبينا آدم إلا الكبر والحسد ـ نعوذ بالله من ذلك ـ وما حمل قابيل على قتل هابيل إلا الحسد ، والحسد من الأمور المحرمة والمنهي عنها في هذا الدين العظيم ، إلا ما كان من قول النبي : [ لا حسد إلا في اثنتين رجل أتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ( أي أنفقه في القربات والطاعات ) ورجل أتاه الله حكمه فهو يقضي بها ويعلمها ] ( متفق عليه ) ، والحسد هنا بمعنى الغبطة أي أنه لا يغبط أحد إلا على إحدى هاتين الخصلتين .
والحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها سواءً كانت نعمة دين أو دنيا ، والحسد من صفات أهل الشر والزيغ والفساد والإلحاد ، والحسد بضاعة من بضائع الشيطان ، وبئست البضاعة بضاعة الشيطان ، ويا حسرة المشترين ويا ندامتهم ، قال تعالى : { ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله } ( فاطر43 ) ، وقال تعالى : { أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله } ( النساء54 ) ، وقال تعالى : { ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق } ( البقرة109 ) .

أنواع الحسد :
وللحسد أنواع ومراتب ثلاثة ، يتفاوت الناس ويتدرجون فيها ما بين الحلال والحرام وهذه المراتب هي :
1- تمني زوال النعمة عن الغير : وهذه المرتبة من أخطر المراتب وأشدها حراماً لتحريم الدين لها ولما في ذلك من تصادم مع قول الله عزوجل ، وقول نبيه عليه الصلاة والسلام .
2- تمني استصحاب عدم النعمة : لكراهية الحاسد أن يحدث الله لعبد من عباده نعمة يمتن بها سبحانه على عبده ، فالحاسد يتمنى دوام ما في محسوده من نقص أو عيب كالفقر والجهل وهذا حرام .
3- حسد الغبطة : وهو تمني أن تكون له مثل حال المحسود من غير أن لا تزول النعمة عن المحسود ، وهذا ليس بحرام ، بل ولا يعاب صاحبه لأنه يسعى أن يكون له مثل ما أعطى الله أخيه .

أسباب الحسد :
وللحسد أسباب نابعة من قلب الحاسد بحيث تجعله يمتلئ غيظاً وكمداً على من يحسده وقد يوصله ذلك إلى قتل محسوده عياذاً بالله من ذلك ، ومن أبرز هذه الأسباب :
1- عدم الرضى والقناعة بقسمة الله تعالى بين العباد في أمور الدنيا ، فتجد هذا الحاسد ساخطاً دائماً ، ولسان حاله يقول : لماذا فلان عنده مال وأنا ما عندي ؟ لماذا فلان في مركز مرموق وأنا لا ؟ وهكذا .
2- الحقد والعداوة والبغضاء : فالمبغض لا يحب أن يرى ممن يبغضه نعمة عليه من الله عز وجل بل على النقيض من ذلك .
3- العُجب : وهو داء خطير يدفع صاحبه إلى الحسد ، بل يدفع صاحبه لرد الحق ، فالمغرور والمعجب بنفسه لا يحب أن يعلو عليه أحد من الناس .
4- الاشتراك في عمل واحد : فتجد بعض التجار يحسد صاحبه على إقبال الناس عليه وهو لم يأته إلا القليل ، وكذلك الحسد الذي يتصف بعض الموظفين الذين يتسمون بالكسل لزملائهم المتميزين ، وهذا لا يجوز لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
وما ظهر مرض الحسد في أمة إلا تفرقت وتناحرت وذهب مجدها وضعف سلطانها وأخذ أفرادها يكيد بعضهم لبعض ، وعم فيهم التنافس غير المحمود ، وانتشر بينهم التباغض وهنا تكون الحياة في هذا المجتمع جحيماً لا يطاق .

أسباب دفع الحسد :
ويمكن أن يندفع حسد الحاسد وشره عن المحسود بأسباب عشرة ، ذكرها العلامة بن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد وأذكرها ملخصة فيما يلي :
1- التعوذ بالله من شره .
2- تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه .
3- الصبر على عدوه وأن لا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه .
4- التوكل على الله  ، ومن يتوكل الله على فهو حسبه . ومن يتوكل على الله يهد قلبه .
5- فراغ القلب من الاشتغال بحاسده أو الفكر فيه وأن يقصد أن يمحوه من باله .
6- الإقبال على الله والإخلاص له .
7- تجريد التوبة إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي .
8- الصدقة والإحسان ما أمكنه ذلك .
9- وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها ولا يوفق له إلا من عظم حظه عند الله وهو طفئ نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه ، فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إحساناً وله نصيحة وعليه شفقة .
10- وهو الجامع لذلك كله وعليه مدار هذه الأسباب وهو تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم .
فعلى كل مسلم أن يتقي ربه سبحانه وتعالى ويغسل قلبه من أدران الحقد والحسد ليسلم في تصوره ويستقيم في سلوكه ، ويحسن التعامل مع الآخرين ، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول : { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً } ( البخاري ومسلم ) ، وقال عليه الصلاة والسلام : { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه } ( صحيح الجامع ) ، فعلى صاحب كل شر من حاقد وحاسد وغيرهما أن يعلموا بأن هذه أمراض فتاكة وخطير على الفرد والمجتمع .
فالحاسد لا يضر إلا نفسه بحزنه وقلقه عندما يرى نعم الله على عباده . فعلى المسلم تجنب الحسد لأنه من خلق الأدنياء وصفة الجهلاء ، فإذا رأى المسلم نعمة أنعم الله بها على عباده فعليه أن يسعى لأن يحصل على مثلها ولا يتمنى زوالها عنهم ، فينبغي للمسلم أن يطهر قلبه من هذا الداء العضال ، ويصلح سريرته ، ويحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه ، ويفرح لفرحه ، ويحزن لحزنه . قال تعالى : [ أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سُخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون ] ( الزخرف 32 ) .

ثانياً : النميمة :
مرض خطير من أمراض القلوب و أدوائها ، وعامة عذاب القبر منها ـ اللهم أعذنا منهاـ والنميمة : هي نقل الكلام بين الناس ( من شخص إلى آخر ) بقصد الإفساد وإيقاع البغضاء والضغينة بين الناس .
والنمام : هو الذي يتحدث مع القوم فينم عليهم فيكشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو الثالث ( النمام ) ، وسواء أكان الكشف بالعبارة أو بالإشارة أو بغيرهما .

الدوافع إلى النميمة :
1- العداوة والبغضاء بين الناس .
2- مشاركة أصحاب السوء ورفاق الرذيلة حديثهم بالغيبة والنميمة .
3- حب التحدث في أعراض الناس بالنميمة .
4- إرادة السوء بالمحكي عنه .
5- حب إثارة العداوة بين الناس .
والنميمة محرمة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
قال تعالى : { هماز مشاء بنميم } ( القلم11 ) ، والهماز : هو المغتاب .
و قال تعالى : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } ( ق18 ) .
وعن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لا يدخل الجنة نمام ] ( متفق عليه ) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مر بقبرين ، فقال : انهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، بلى إنه كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الأخر فكان لا يستتر من بوله ] ( متفق عليه ) .
والنميمة داء عضال وسقم بطال ، ابتلي بها بعض الناس ـ أصلحهم الله ـ وهي من كبائر الذنوب التي تستحق العقوبة .

عقوبة النمام :
في الدنيا : فإذا عُرف من أفسد بين الناس فينبغي أن يُتخذ بحقه الجزاء الرادع والحازم من قبل من بيده الأمر .  
وفي القبر : ما ذكرناه في الحديث السابق من عذاب النمام ، العذاب الذي لا يعلم به إلا الجبار سبحانه وتعالى .
وفي الآخرة : [ لا يدخل الجنة نمام ] ( متفق عليه ) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه } ( البخاري ومسلم والترمذي ) .
وروي عن علي رضي الله عنه أن رجلاً سعى إليه برجل فقال له علي رضي الله عنه : ( يا هذا ، نحن نسأل عما قلت ، فإن كنت صادقاً مقتناك ، وإن كنت كاذباً عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك ، فقال الرجل : أقلني يا أمير المؤمنين ) ، وروي عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى ، أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئاً ، فقال له عمر : ( إن شئت نظرنا في أمرك ، فإن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية : [ إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ] (الحجرات 6 ) ، وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية : [ هماز مشاء بنميم ] ( القلم 11 ) ، وإن شئت عفونا عنك ، فقال : العفو يا أمير المؤمنين ، لا أعود إليه أبداً ) ، وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى : ( من نم إليك نم عليك ) ، ورفع إنسان رقعة إلى الصاحب بن عباد يحثه فيها على أخذ مال يتيم وكان مالاً كثيراً ، فكتب على ظهرها : النميمة قبيحة ، وإن كانت صحيحة ، والميت يرحمه الله ، واليتيم جبره الله ، والمال نماه الله ، والساعي ( النمام ) لعنه الله .
قال الشاعر :
                تـنـح عـن الـنـمـيـمـة واجـتـنـبها
                                  فـإن الـنـم يـحـبـط كـل أجـر
                يـثـيـر أخـو الـنـمـيـمـة كـل شـر
                                  ويـكـشـف للـخـلائـق كـل سر
                ويـقـتـل نـفـسـه ســواه ظـلــمـاً
                                  ولـيـس الـنـم مـن أفـعـال حر



كيف تتعامل مع النمام :
قال الإمام الذهبي : كل من حُملت إليه نميمة ، وقيل له : قال فيك فلان ، كذا وكذا لزمه ستة أحوال :
أولاً : ألا يصدقه ، لأنه نمام فاسق ، مردود الخبر .
ثانياً : أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح فعله .
ثالثاً : أن يبغضه في الله عزوجل ، فإنه بغيض عند الله ، والبغض في الله واجب .
رابعاً : ألا يظن في المنقول عنه السوء لقوله تعالى : [ اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ] ( الحجرات 12 ) .
خامساً : ألا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث عن تحقق ذلك مصداقاً لقوله تعالى : [ ولا تجسسوا ] ( الحجرات 11 ) .
سادساً : ألا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه ، فلا يحكي نميمة .
فالنمام لا يعرف للشهامة سبيلاً ، ولا للمروءة طريقاً ، والنميمة من أكبر المصائب ، وأشد الرزايا على المجتمعات .
فكم من أسر تفككت ، وكم من إخوة تنازعوا وتقاطعوا وتدابروا من أجل النميمة ، فمن أتاك ينم إنسان فلا تستأنس من كلامه ، وازجره وامنعه من ذلك ، فمن نقل لك سينقل عنك ، فانتبه واحذر واحفظ لسانك من قول الحرام ، واُذنك عن سماع الحرام ، ويكفي النمام أنه لا يدخل الجنة بل هو من أهل النيران ـ نعوذ بالله من النار ـ ، لأن النميمة بضاعة من بضائع الشيطان البخيسة الثمن ، فمن اشترى هذه البضاعة فهو من حزب الشيطان ، والله يقول : { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون } ( المجادلة19 ) ، والنميمة من الفساد والإفساد بين الناس ، والله تعالى يقول : { إن الله لا يحب المفسدين } ( القصص77 ) ، والنميمة صفه من صفات إبليس عدو الإنسان ، ومكيدة من مكائده فينبغي على الإنسان أن يحذر من هذه الصفة السيئة القبيحة الممقوتة .
فمن استحل النميمة وهو عالم بحرمتها يحرم الله عليه الجنة ، وإن لم يستحلها فهو تحت المشيئة ويجب أن يُبغض النمام لأن الله يبغضه .
ثالثاً : الغيبة :
وهي داء مسموم ، وعرض من عروض التجارة الخاسرة مع الشيطان ، والغيبة هي ذكر الإنسان بما يكره ، والغيبة تذهب الحسنات ، وإذا قلت في أخيك كلمة يكرهها فأنت له بها مغتاب ، وهو لا يكره كلمة تقال فيه إلا إذا كان فيها عيباً يريد ستره عن الناس ، وهذا العيب تريد أن تكشفه أنت للناس حتى يحتقروه ، ويبغضوه ، ويحترسوا منه ، لئلا يصاحبوه ، وإذا أراد مصاهرتهم رفضوه ، وإذا تقدم إلى عمل منعوه ، لأنك حقرته عندهم فاحتقروه ، بل وتريد أن لا يردوا عليه السلام إذا سلم عليهم .
أخي الكريم ، هذا أمر مؤلم للقلوب ومؤسف للنفوس ، لا يرضاه ذا دين وعقل ، فينبغي على المسلم إذا أتاه من يغتاب إنسان عنده رده حتى يتبين له صدقه من عدمه .
قال تعالى : { يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين } ( الحجرات6 ) .
وقال تعالى : { ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم } ( الحجرات12 ) .
كم من أسر تفككت ، وكم من ديار قد خُربت ، وكم من بيوت هُدمت ، وكم من حُروب اشتعلت ، كل ذلك بسبب الغيبة والنميمة ـ أعاذ الله المسلمين منها ـ قال صلى الله عليه وسلم : [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيراً أو ليصمت ] ( متفق عليه ) ، قال النووي رحمه الله : [ اعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه مصلحة ، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الإمساك عنه ، لأنه قد يجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه ، وذلك كثير في العادة ، والسلامة لا يعدلها شئ ] أ.هـ .
فإذا وثق الإنسان من أن كلامه فيه خير تكلم ، وإذا شك في مصلحة الكلام فالسكوت من ذهب ، والغيبة : ذكر الإنسان في غيبته بما يكره من قول أو عمل ، قال صلى الله عليه وسلم : [ أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ،  قال " ذكرك أخاك بما يكره " قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ] ( مسلم ) .

الفرق بين الغيبة والبهتان والشتم :
الغيبة : قال الجرجاني : الغيبة : ذكر مساوئ الإنسان في غيبته وهي فيه ، وقيل أن الغيبة : ذكر العيب بظهر الغيب ، وقال بن الأثير : الغيبة : أن تذكر الإنسان في غيبته بسوء وإن كان فيه ، وقال بن التين : الغيبة : ذكر المرء ما يكرهه بظهر الغيب . وكل هذه التعاريف بمعنىً واحد .
البهتان : ذكر مساوئ للإنسان وهي ليست فيه .
الشتم : ذكر المساوئ في مواجهة المقول فيه .

أسباب الغيبة :
للغيبة أسباب عديدة مبعثها التنقص من المرء المُغتاب لأسباب منها :
1- شفاء غيظ المغتاب بذكر مساوئ من يغتابه .
2- مجاملة الأصدقاء والرفاق ومشاركتهم فيما يخوضون فيه من الغيبة .
3- ظن المُغتاب في غيره ظناً سيئاً مدعاة إلى الغيبة .
4- أن يبرئ المغتاب نفسه من شئ وينسبه إلى غيره أو يذكر غيره بأنه مشارك له .
5- رفع النفس وتزكيتها بتنقيص الغير .
6- حسد من يثني عليه الناس ويذكرونه بخير .
7- الاستهزاء والسخرية وتحقير الآخرين .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء ياجبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم } ( أحمد وأبو داود بإسناد صحيح ) ، وعن المستورد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : { من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم . . } ( أحمد وأبو داود وصححه الألباني ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : { من أكل لحم أخيه في الدنيا قُرّب له يوم القيامة ، فيقال له : كله ميتاً كما أكلته حياً ، فيأكله ويكلح ويصيح } ( حسن سنده الحافظ ابن حجر في الفتح ) ، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من ذكر امرأ بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه } ( الترغيب والترهيب وجود سنده الطبراني ) .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( عليكم بذكر الله تعالى فإنه شفاء ، وإياكم وذكر الناس فإنه داء ) ، وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، أنه مر على بغل ميت فقال لبعض أصحابه : لأن يأكل الرجل من هذا حتى يمتلأ بطنه خير له من أن يأكل لحم رجل مسلم ) ، وقال الحسن رحمه الله : ( ذكر الغير ثلاثة : الغيبة والبهتان والإفك ، وكل في كتاب ا لله عزوجل ، فالغيبة أن تقول ما فيه ، والبهتان أن تقول ما ليس فيه ، والإفك أن تقول ما بلغك ) ، وقال أيضاً رحمه الله : ( والله للغيبة أسرع في دين الرجل من الأكلة في الجسد ) .

من أضرار الغيبة :
1- صاحب الغيبة يعذب النار بأكل النتن القذر .
2- ينال عقاب الله في قبره .
3- تذهب أنوار إيمانه وآثار إسلامه .
4- لا يغفر له حتى يعفو عنه المغتاب .
5- الغيبة معول هدم وشر مستطير .
6- تؤذي وتضر وتجلب الخصام والنفور .
7- مرض اجتماعي يقطع أواصر المحبة والمودة بين المسلمين .
8- دليل على خسة المغتاب ودناءة نفسه .
فأمر الغيبة عظيم وخطرها جسيم ، قال المصنف في الأذكار : [ فأما الغيبة فهي ذكرك الإنسان بما فيه مما يكرهه سواءً كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خُلقه أو خَلقه أو ماله أو ولده أو والداه أو زوجه أو خادمه أو مملوكه أو عمامته أو ثوبه أو مشيته أو حركته وبشاشته وخلاعته وعبوسه وطلاقته أو غير ذلك مما يتعلق به ] أ.هـ
وقد شبه الله عزوجل المغتاب كمن يأكل لحم إنسان ميت ، فالنفوس والطباع السليمة تنفر وتتقزز من أكل لحم الميتة من بهيمة الأنعام ، فكيف بجثة إنسان ميت ، واعلم كما أن الغيبة محرمة فاستماعها أيضاً محرم ، فيجب على من سمع إنسان يتكلم بغيبة أن يحذره من عواقبها وينهاه عنها ، فإن لم ينته وجب عليه أن يقوم ويتركه ، كذلك ينبغي للمسلم أن يرد ويذب عن عرض أخيه المسلم إذا سمع من يغتابه ، قال صلى الله عليه وسلم : { من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة } ( الترمذي وهو حسن ) .

أسباب إباحة الغيبة :
وتباح الغيبة في ستة أمور إذا كان الغرض منها صحيحاً وشرعياً وهذه الأسباب هي :
1- التظلم : فيقول ظلمني فلان بكذا .
2- الاستعانة على تغيير المنكر بمن يستطيع إزالته ورد العاصي إلى الصواب : فيقول فلان يعمل كذا أو كذا .
3- الاستفتاء : ظلمني فلان . . . بكذا وكذا ، فهل له ذلك .
4- تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم : فمن شاوره في إنسان يريد الزواج من بناته مثلاً فعليه إبداء المساوئ التي في ذلك الخاطب بنية النصيحة .
5- المجاهرة بالمنكر : فهذا يجوز ذكره بما يجاهر به من أجل النصيحة.
6- التعريف : فمن كان معروفاً عند الناس بلقب معين مثل : الأصم ، الأعرج . . . فيجوز تعريفهم بذلك ، ويحرم تسميتهم بذلك من جهة التنقص والعيب .
فيا أخي الكريم هل سلمت من كل عيب ؟ هل عصمك الله من كل نقص ؟ الجواب : لا    إذاً فتش وابحث عن عيوب نفسك أولاً وعالجها ، فوالله لو بقيت الدهر كله تبحث وتعالج عيوبك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ، إذاً احذر أعراض المسلمين والتعرض لها بأي سوء ، فإن ذلك مما قد يُفسد عليك دينك ويوقعك في الخاتمة السيئة ، فتدارك نفسك قبل فوات الأوان .

رابعاً : الرياء :
إن دين الإسلام ليس دين مظاهر وإشهار الأعمال أمام الناس من أجل المراءاة بها ، فالأعمال إن لم تكن خالصة لله عزوجل فصاحبها ممقوت عند الله وعند الناس ، فمن أراد بأي عمل لله أراد به عرضاً من الدنيا فعمله مرفوض عند الله تعالى ، فكم من أناس تاجروا واشتروا بضاعة الشيطان الكاسدة الخاسرة تلك البضاعة المزجاة ، وكم من أناس تلبسوا بلباس الشيطان وحذوا حذوه ، واقتفوا أثره فزلة أقدامهم ، فمن ابتغى بأعماله الدنيا وراءا بها أهل الدنيا ، أخذ نصيبه في الدنيا ، أما في الآخرة فتجئ أعماله كالجبال فيجعلها الله عزوجل هباءً منثوراً ، قال تعالى : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً } ( الفرقان23 ) ، فالرياء داء عضال ينبغي لكل مسلم أن يحذره فهو مُحبط للأعمال ـ ولاحول ولا قوة إلا بالله ـ وهو من صفات المنافقين الذين وصفهم الله بقوله : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً } ( النساء142 ) ، وقد توعدهم الله بأشد العذاب ، قال جل من قائل سبحانه : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً } ( النساء145 ) ، فالرياء صفة من صفات المنافقين ـ أعاذنا الله منها ـ فهم لايصلون ولايصومون ولايتصدقون ولايفعلون الخير إلا من أجل أن يحمدهم الناس على ذلك الفعل ، قال تعالى : { لاتحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم } ( آل عمران188 ) ، فهؤلاء هم شر الخلق وأسوأ الناس  ، فاحذرهم وحذر منهم ، فالرياء مبعد عن الجنان ، مقرب للنيران ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ] ( مسلم ) .
والرياء شرك ، فصاحبه أشرك مع الله غيره في الأعمال التي لا تكون إلا لله عز وجل.
فالمرائي يأخذ ثوابه في الدنيا ، أما في الأخره فله العذاب جزاءً وفاقاً والله لا يظلم مثقال ذرة ، وصدق الله إذ يقول : { وما أنا بظلام للعبيد } ( ق29 ) ، وقال تعالى : { ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد } ( الحج 10 ) ، وقال عزوجل : { وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } ( العنكبوت40 ) ، فيوم القيامة يُهان المراؤون ويُذلون لأنهم يُسحبون على وجوههم موضع كرامتهم في الدنيا .
وذكر في بهجة الناظرين  قال : فقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، شرك السرائر ، كما في حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه الصحيح قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا أيها الناس : إياكم وشرك السرائر ) قالوا : يا رسول الله وما شرك السرائر ؟ قال : ( يقوم الرجل فيصلي ، فيزين صلاته جاداً لما يرى من نظر الناس إليه فذلك شرك السرائر ) ، وسماه الشرك الخفي كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ الشرك الخفي ، أن يقوم الرجل فيصلي ، فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل ] وسماه الشرك الأصغر كما في الحديث الذي أخرجه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً ] ، حينئذ يقلب المرائي كفيه ندماً وحسرةً على ما راءا به من أعمال في الدنيا ، وكذلك يريه الله أعماله وقد ذهبت هباءً منثوراً ، فاحذر أخا الإيمان الرياء فإنه شر بلاء ويذر الأعمال هباء ، فمن راءى في الدنيا جعل الله ثوابه في الدنيا يتحدث الناس عنه ، ويوم القيامة له العذاب الأليم ، وسيفضحه الله عز وجل على رؤوس الخلائق جزاءً لعدم إخلاصه ، وقد يُحرم من دخول الجنة ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا ، لم يجد عَرف الجنة يوم القيامة ] ( صحيح أبو داود وغيره ) ، وعَرف الجنة يعني ريحها .
فالله الله إخوة الإيمان في الإخلاص في القول والعمل ، فالله تبارك وتعالى أمرنا بذلك في سورة البينة قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } .
عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : [أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ، ويحمده الناس عليه ؟ قال : تلك عاجل بشرى المؤمن ] ( مسلم ) ، فمن أخلص عمله لله عز وجل فحمده الناس عليه فليس هذا من باب الرياء ، فالله تعالى يجازيه في الدنيا بشهادة الناس له بالخير والثناء عليه بما هو أهل له من عمل الخير ، ويجازيه في الأخرة بالجنة ، وفي هذا أيضاً دليل على رضى الله ومحبته لهذا العبد ، فمن أحبه الله عز وجل وضع له القبول في الأرض .
فيُسر العبد بفضل الله تعالى عليه ، أما المرائي فإنه يورد نفسه المهالك والمصاعب ليحظى بالقبول ، وهيهات هيهات ، فإن الله سبحانه يحقره ، ويصغره .
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في السر والعلانية ، والإخلاص في كل صغيرة وكبيرة من الأعمال والأقوال .


خامساً : الكِبر والعُجب :
ذلك الداء المحبط للأعمال والذي ابتلي به بعض الناس ـ هداهم الله ـ داء العجب والكبر داءٌ تفشى واستشرى في كثير من المجتمعات ومن أسبابه :
1- فضيلة ونعمة فضل الله بها ذلك الإنسان فيعجب ويغتر بها في نفسه فيترفع بها على عباد الله .
2- عدم معرفة حق الله تعالى عليه من شكر هذه النعم .
3- عدم الخوف من الله عزوجل .
4- كذلك من الأسباب نسي ذلك المتكبر أن هذه النعم لاتدوم إلا بالشكر ، قال تعالى : {  لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ( إبراهيم7 )  ، فمن كفر النعمة أن لا يعرف حق الله فيها ولايشكره عليها ، فكما أن الله أعطاه هذه النعم فقد يسلبها منه ، وليس الله بظالم له ، بل ذلك المتكبر هو الظالم لنفسه .
5- عدم وقر الإيمان في القلب .
6- عدم تذكر الموت وما أعد الله في القبر للمتكبرين من العذاب .
7- عدم تذكر الوقوف بين يدي الجبار المتكبر سبحانه ، فمن تكبر على الله أذله الله .

أنواع الكبر :
وللكبر أنواع ثلاثة يجب على العاقل الحذر منها وهي :
1- التكبر على الله عز وجل : وهو أفظع أنواع الكبر وأخبثها على الإطلاق وما ذاك إلا بسبب الجهل وسوء الأدب مع الله تعالى ، وعدم معرفته سبحانه حق معرفته ، وأدلة ذلك كثيرة في القرآن الكريم ، ومنها :
تكبر فرعون الطاغية على رب العزة والجلال حيث قال : [ أنا ربكم الأعلى ] ( النازعات 24 ) .
وقول النمرود لإبراهيم الخليل عليه السلام : [ أنا أحيي وأميت ] ( البقرة 259 ) . وقول كفار قريش عندما أمروا بالسجود للرحمن : [ وما الرحمن أنسجد لم تأمرنا وزادهم نفوراً ] ( الفرقان 60 ) .
2- التكبر على رسل الله عليهم الصلاة والسلام ، وهو أمر خطير ومؤدي إلى الهاوية وآذان بالخسارة لمن فعله ، فالله جل وعلا لم يرسل إلا مبشرين ومنذرين فمن أطاعهم وتواضع لهم كان حظه جنة المأوى ، ومن عصاهم وتكبر عليهم وعاندهم كان له كفل من نار تلظى ، وتلك عاقبة الكفرة والمتجبرين والمتكبرين ، ولذلك أمثلة في كتاب الله تعالى منها :
كقول فرعون وحزبه متكبرين على موسى وأخيه هارون عليهما السلام : [ أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ] ( المؤمنون 47 ) .
وكذلك استهزاء الكفار بالنبي صلى الله عليه وسلم في قولهم : [ وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً أهذا الذي بعث الله رسولاً ] ( الفرقان 41 )
وقولهم أيضاً في الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم : [ وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ] ( الزخرف31 ) .
3- التكبر على عباد الله تعالى ، وحدث عن هذا النوع من الكبر ولا حرج ، وهذا واقع ملموس في عصرنا هذا والشواهد عليه أكثر من أن تحصر .
فإن الإنسان لايتكبر على أحد حتى يعجب بنفسه ويرى لها على غيرها الفضل فمن العجب يتولد الكبر ، قال تعالى : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين } ( القصص83 ) ، قال بن كثير في تفسيره [ يخبر تعالى أن الدار الآخرة ونعيمها المقيم جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين الذين لايريدون علواً في الأرض أي ترفعاً على الخلق وتعاظماً وتجبراً ولا فساداً فيهم أي عملاً بالمعاصي ] ، وقال بن سعدي في تفسيره [ الدار الآخرة نجعلها داراً وقراراً للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً ، أي ليس لهم إرادة فكيف العمل للعلو في الأرض على عباد الله والتكبر عليهم وعلى الحق ، فإن كانوا لا إرادة لهم في العلو في الأرض ولا الفساد ، لزم من ذلك أن تكون إرادتهم مصروفة إلى الله وقصدهم الدار الآخرة ، وحالهم التواضع لعباد الله والانقياد للحق  والعمل الصالح ، وهؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة الحسنى ، ولهذا قال : { والعاقبة } أي حالة الفلاح والنجاح التي تستقر وتستمر لمن اتقى الله تعالى ، وغيرهم المتكبرون وإن حصل لهم بعض الظهور والراحة فإنه لا يطول وقته ،  ويزول عن قريب ، وعلم من الآية الكريمة أن الذين يريدون العلو في الأرض ، أو الفساد ليس لهم في الدار الآخرة نصيب ولا لهم منها حظ ] .
قال تعالى : { ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً * كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً } ( الإسراء37 )  ، فهذا نهي عن التكبر وأنها صفة سيئة يكتسبها الإنسان ويكتسيها فيبغضه الله تعالى ، ثم يبغضه الناس ، فهو مهما تكبر وأعجب بنفسه فلن يخرق الأرض ولن يبلغ طولاً مثل الجبال ، فعلام يتكبر المرء.
فالمتكبر يختال في مشيته ويتبختر في خطاه ، ولذلك يستحق غضب الله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري في الأدب المفرد : [ ما من رجل يتعاظم في نفسه ويختال في مشيته إلا لقي الله تعالى وهو عليه غضبان ] .
والمتكبرون يحشرون يوم القيامة في صور الذر يطؤهم الناس لهوانهم على الله فهم شرار الخلق ، فهاهو قارون عدوالله أعطاه الله عزوجل من الكنوز والأموال ما شاء الله له ذلك فما عرف حق الله فيها ، فبدل أن يشكر الله على هذه النعمة كفر بها ، وتكبر على الناس وتبختر واختال وأعجب بنفسه ، فبينما عدو الله يختال في مشيته ، إذ خسف الله به وبأمواله وبداره الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، فانتبهوا أيها الناس .
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ] فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ، ونعله حسناً ؟ قال [ إن الله جميل يُحب الجمال ، الكِبر بطرُ الحق وغمط الناس ] ( مسلم ) ، بطر الحق : عدم قبول الحق ورده على قائله ، غمط الناس : احتقار الناس .
هذا هو الجزاء الأوفى لمن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فجزاؤه أن يحرم يوم القيامة من دخول الجنة ـ نعوذ بالله من ذلك ـ فالمتكبر يرد الحق ولا يقبله وذلك تكبراً وتجبراً وترفعاً على الناس ، فالكبر من الذنوب العظيمة التي تستحق العذاب من الله تعالى في الدنيا والقبر والآخرة .

أدلة في ذم الكبر والعجب :
وإليك أخي الكريم هذه الأحاديث الصحيحة عن ذم الكِبر والعُجب كي تتجنبها وتحذرمنها :
1ـ عن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظٍ مستكبر ] ( متفق عليه ) .
العتل : الغليظ الجافي ، الجواظ : الضخم المختال في مشيته .
2ـ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ احتجت الجنة والنار فقالت النار : فيّ الجبارون والمتكبرون ، وقالت الجنة : فيّ ضعفاء الناس ومساكينهم ، فقضى الله بينهما : أنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء ، وأنك النار عذابي أعذب بك من أشاء ولكليكما عليّ ملؤها ] ( مسلم ) .
فالكبر طريق ممهد ، ومسلك سهل إلى النار ، فأين الراغبون في الجنان .
3ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ قال الله عز وجل : العز إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن ينازعني عذبته ] ( مسلم ) .
فصفة العزة والكبرياء لله عز وجل فمن نازع الله في صفة من صفاته أدخله النار والله ليس بظالم له ، بل ذلك المتكبر هو الظالم لنفسه .
4ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه ، مُرجّل رأسه ( أي ممشطه ) يختال في مشيته إذ خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها ( يغوص وينزل فيها ) إلى يوم القيامة ] ( متفق عليه ) ، فهذا عذابه في القبر إلى أن تقوم الساعة .
فهل بعد كل هذا سيتكبر المتكبرون ، ويتجبر المتجبرون ، أم هل سيختال المختالون ، فالحذر الحذر عباد الله من هذه الصفات الشنيعة الدنيئة .
وما أجمل التواضع لله ولعباد الله ، فهو أساس الرفعة والعلو في الدنيا والآخرة ، وقد أمر الله عباده بالتواضع ولين الجانب لبعضهم البعض وعدم التكبر أو الترفع ، فقال جل جلاله : [ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ] ( الشعراء215 ) ، وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد } ( مسلم ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله } ( مسلم ) ، وعن أنس رضي الله عنه أنه مر بصبيان فسلم عليهم وقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . ( متفق عليه ) . فمن الناس اليوم من لا يسلم على الأطفال ولا يداعبهم ولا يلاطفهم ، فالناس فيهم ما بين متكبر وجاهل بهذا الفعل النبوي الكريم.

أنواع التواضع :
1- ومن أنواع التواضع ، التواضع مع نعم الله عز وجل فبالشكر تدوم النعم ، فعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث قال : وقال : { إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان } وأمر أن تسلت القصعة قال : { فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة } ( مسلم ) .
2- ومن صور التواضع وأنواعه ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم ، قال أصحابه : وأنت ؟ فقال : { نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة } ( البخاري ).
3- وحال الدعوة إلى الوليمة اليوم حال تسخط منها النفوس ويخاف منها الإصابة بجائحة تبدل هذه النعم إلى نقم ، وتحول الغنى إلى فقر ، فالوليمة اليوم لا يُدعى إليها إلا الأغنياء والرؤساء ومن لديهم المصالح المشتركة أما الفقراء والمساكين فلا يجوز أن يُدعوا إليها وهذا والله من الجهل المركب لدى كثير من الناس ، فبئس طعام الوليمة يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء ، بل هل يُنصر الناس ويُرزقون إلا بضعفائهم وفقرائهم ، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ،  ومما يجعل العقول منذهلة مستغربة مستنكرة أن البعض لا يرضى بالدعوة إلا إذا كان فيها أصناف الطعام وألوانه ، وأشكاله وأطايبه ، فإن لم يكن ذلك موجوداً ما أعار تلك الدعوة اهتماماً ولا أقام لها وزناً ولا قدراً ، وهذا من ضعف اليقين وقلة الدين ، والتكبر والغرور على نعم الله وعباد الله ، فأين أولئك من قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت } ( البخاري ) ، فانظر إلى المعلم الأول صلوات ربي وسلامه عليه كيف يسطر لأمته هذا الأدب الرائع مع نعم الله وعدم ازدرائها أو احتقارها ، وكيف يعلم الأمة الأدب في إجابة الدعوة وصدق الله إذ يقول : [ وضرب الله قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ] ( النحل 112 ) .
هذا هو التواضع لله ولعباد الله ولنعم الله ما اتصف بها عبد من عباد الرحمن إلا زاده الله بها رفعة وعزاً في الدنيا والآخرة .


سادساً : الكذب :
داء عظيم وخطير ، ابتلى به البعض ، داء تفاقم وتعاظم في هذا الزمان ، فنسأل الله السلامة والأمان ، وهو مرض أشبه بالميكروب المستوطن في البيئة الإنسانية ، فقلما يخلو منه إنسان ، ندر أن تتنظف منه بيئة ، ويصعب عليك أن تجد طائفة من طوائف البشر تنزهت عن الكذب وتبرأت منه .
وما من حق ضائع ، ولا فقير جائع ، ولا ظلم باطش ، ولا اعتداء جائر ، إلا وله ثوب من الكذب يتلفلف به .
قال تعالى : [ إن الله لا يهدي من مسرف كذاب ] ( غافر 28 ) ، وقال تعالى : [ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ] ( الزمر 60 ) ، وقال عز وجل : [ إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بالله وأولئك هم الكاذبون ] ( النحل 105 ) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما ابتعثاني ، وإنهما قالا لي : انطلق  ، وإني انطلقت معهما ، . . فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه ليشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثلما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى . قال : قلت : سبحان الله ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق . . . قال : قلت لهما : فإني قد رأيت الليلة عجباً ، فما هذا الذي رأيت ؟ قال : قالا لي : أما إنّا سنخبرك : وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق . . . } ( البخاري ومسلم ) ، وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً ، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه } ( الصحيحة وهو حسن ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : { ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ، ويل له ، ويل له } ( ابوداود والترمذي والنسائي والبيهقي )  .
وعلى النقيض من الكذب امتدح الله جل وعلا أهل الصدق ، وحث العباد على هذه الصفة الحميدة التي هي من خصال الفطرة ، ومن صفات أهل هذا الدين الحنيف دين الإسلام الذي لا يقبل الله غيره من الأديان ، فقال جل من قائل سبحانه : [ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ] ( التوبة 119 ) ، وقال تعالى : [ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً ] ( مريم 54 ) ، ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم أمته على الصدق ، وبين لهم أن الصدق من أسباب النجاة عند الله وأنه من الأسباب التي يسعد العبد بها عند لقاء ربه سبحانه لأنه من أسباب دخول الجنة ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، والبر يهدي إلى الجنة . . } ( البخاري ومسلم ) .
 
أسباب الكذب :
وللكذب أسباب تنم عن جهل أصحابها ، وقلة حلية مستعمليها لبعدهم عن  الله تعالى وتماديهم في الغي والظلال ، ومن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://just.ahlamontada.com
 
سلوكيات يجب الحذر منها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.just.ahlamontada.com :: just_f _ المنتديـــــــــات :: just_f _ المكتبــة الاسلاميــة-
انتقل الى: