www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



 النفس منطقة الخطر _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



 النفس منطقة الخطر _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.just.ahlamontada.com

شعر : خواطر : قصة : نقاشات جادة : حقوق مرأة : أكواد جافا نادرة : برامج صيانة :برامج مشروحة مع السريال : بروكسيات حقيقة لكسر الحجب بجدارة . والمزيد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

الى زوار منتدى البرنامج المشروحة / الكرام . نفيدكم بأن برامجنا المطروحة كاملة ومشروحة ومع السريال وتعمل بأستمرار دون توقف أن شاءالله . ولكن روابطها مخفية تظهر بعد التسجيل . و تسجيلكم دعم للمنتدى


 

  النفس منطقة الخطر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد الرسائل : 13163
تاريخ التسجيل : 12/10/2007

 النفس منطقة الخطر Empty
مُساهمةموضوع: النفس منطقة الخطر    النفس منطقة الخطر Icon_minitimeالجمعة يونيو 28, 2013 9:20 pm

[rtl]
النفس منطقة الخطر

الشيخ حسن الصفار

المقدمة
جهود طائلة وإمكانات هائلة يصرفها الإنسان من أجل الاهتمام بجسمه وبحياته المادية، حتى أصبح كل جانب من جوانب الحياة المادية عالماً قائماً بذاته؛ ففي مجال الغذاء والطعام هناك: الزراعة وتربية المواشي وأسماك البحر، ومصانع الأطعمة والأغذية بمختلف ألوانها وأشكالها. وفي مجال الصحة والطب: هناك الجامعات والمستشفيات ومصانع الأدوية والبحوث والاكتشافات. وفي مجال الألبسة والأزياء وشؤون المنزل وقضايا الأناقة والجمال: هناك آفاق واسعة واهتمام كبير.
وعلى صعيد الاهتمام بالجانب العقلي من شخصية الإنسان تتقدم البشرية بخطى حثيثة لاكتشاف مجاهيل العلم والكون؛ فكل فرع من فروع المعرفة له تخصصه ومؤسساته، وهناك المدارس والجامعات ومراكز البحوث والدراسات، والمؤتمرات ودوائر المعارف والمجلات والمطبوعات. ولا تزال مسيرة الاختراعات والاكتشافات العلمية متواصلة متتابعة.
أما الجانب الروحي النفسي فهو البعد المهمل والمتروك من شخصية الإنسان، حيث لا يستأثر إلا باهتمام ضعيف بسيط، وحتى مجال دراسات علم النفس فإنها غالباً ما تنحو نحو الاتجاه المادي، وتتجاهل العمق الروحي المعنوي.
ولا نجانب الحقيقة إذا قلنا: إن الرسالات والشرائع الدينية الإلهية إنما جاءت للاهتمام بهذا المجال الأساسي قبل غيره لأولويته على المجالين الآخرين، ولعلم الله تعالى بضعف البشر وتساهلهم فيه. فحينما يتحدث القرآن الحكيم عن أهداف بعثة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه يضع هدف التزكية النفسية في المقام الأول، يقول تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.
[/rtl]
[rtl](1/1)[/rtl]




[rtl]ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يعتبر أن دوره الأساسي ومهمته الرئيسية هي إنضاج وإكمال المستوى الروحي النفسي الذي تنبثق عنه أخلاق الإنسان وسلوكياته، يقول (صلى الله عليه وآله) في الحديث المتواتر المشهور: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).
لذلك فإن الثروة المعنوية والكنوز الروحية في الإسلام عظيمة وهائلة، وإنسان هذا العصر طغت فيه المادة، وسادت أجواءه الشهواتُ والأهواء، هذا الإنسان يعاني الآن فراغاً قاتلاً، وإهمالاً خطيراً في التوجه إلى خبايا أعماق نفسه، واكتشاف زواياها وجوانبها.
وما آلام البشر ومآسيهم المحزنة في هذا العصر والتي تتجلى في الحروب المدمرة، والاعتداءات الظالمة، والتمييز العنصري، والفقر والجوع المميت، والجرائم البشعة المنتشرة، والفساد الأخلاقي الفتّاك، وانتهاك حقوق الإنسان، كل ذلك ما هو إلا نتيجة طبيعية للفراغ الروحي والانحرافات النفسية.
إن البشرية اليوم، وأكثر من أي وقت مضى في حاجة ماسّة لثروات الإسلام الروحية وكنوزه المعنوية.. وهنا يأتي دور المسلمين في اكتشاف تلك الكنوز وكشفها للعالم.
غير أن المؤسف في الأمر ما يعانيه أكثر المسلمين من بُعد وابتعاد عن قيم دينهم وتعاليم شريعتهم حتى كادوا أن يساووا غيرهم في الجهل بمعالم الدين والتنكر لأحكامه مع تفوق الآخرين عليهم بالتقدم المادي.
ومع اليقظة الدينية الجديدة والصحوة الإسلامية المباركة التي يهبُّ نسيمها على المسلمين الآن، كان لابد من التوجه والاهتمام بالبعد الروحي الأخلاقي في الثقافة الإسلامية.
[/rtl]
[rtl](1/2)[/rtl]




[rtl]وهذه السطور المتواضعة بين يديك -أيها القارئ العزيز- هي محاولة بسيطة للمشاركة في الاهتمام بهذا الجانب الخطير، وكانت في الأساس مجموعة من الأحاديث والمحاضرات ألقيتها في فترات مختلفة، وقد نالت تسجيلاتها رواجاً وإقبالاً يكشف عن تلهف الجمهور لهذا النوع من الأحاديث، مما شجّع بعض الأخوة المؤمنين على كتابتها وتقديمها للطبع والنشر بعد شيء من التصحيح والتهذيب.. وإذ أقدمها اليوم مع تعديلات وتنقيحات لأعتذر للقارئ من غلبة طابع الأسلوب الخطابي على مواضيعها، وأضرع إلى الباري سبحانه أن يجعلني من المتعظين بها، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها المؤمنين، وله الشكر والحمد على نعمه وتوفيقه.
المؤلف
1/ شعبان/ 1411هـ

الفصل الأول
منطقة الخطر

قال الله العظيم في كتابه الحكيم: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}(1).
صدق الله العلي العظيم
لشخصية الإنسان في هذه الحياة ثلاثة أبعاد، ومن مجموع التفاعل بين هذه الأبعاد الثلاثة تتكون شخصية الإنسان:

البعد الأول: العقل.
البعد الثاني: النفس.
البعد الثالث: الجسد.
أما الروح فهي وعاء يشمل هذه الأبعاد جميعاً. ولعلنا بحاجة إلى تحديد ما نقصد من هذه المصطلحات، فماذا نقصد بالروح؟ وماذا نقصد بالعقل ؟ وماذا نقصد بالنفس؟
أما الجسد فأمره واضح ولا يحتاج إلى شرح وتحديد، ذلك لأن هذه المصطلحات كثيراً ما تدور حولها معارك ضارية بين الفلاسفة والعلماء والمتكلمين لتحديد المقصود من كل مصطلح.
معنى الروح:
إننا نقصد بالروح هنا تلك القوة التي تبعث الحياة في الإنسان وتنبع منها الحياة، والتي بمفارقتها للجسم تنتهي حياة الإنسان في هذه الدار الدنيا.
[/rtl]
[rtl](1/3)[/rtl]




[rtl]هذا ما نقصده بالروح، ولذلك قلنا: إنها وعاء يشمل العقل والنفس والجسد؛ لأنه من دون الروح التي تعطي الحياة أيّ عقل يكون؟! أو أية نفس تمارس دورها؟! وأيّ جسد يتحرك؟! وإذا انتهت إقامة الروح في جسد الإنسان في هذه الدنيا انتهى وجوده منها أيضاً وانتقل إلى عالم آخر.

ما هو العقل؟
نقصد به ذلك ((النور الذي يميز الإنسان به بين الحق والباطل)) ، بين الشر والخير، بين الممكن والمستحيل، وبعبارة أخرى هو قوة الإدراك والتمييز والمعرفة، فبالعقل يدرك الإنسان ويميز ويقيّم الأشياء.
تعريف النفس:
أما النفس فهناك اختلاف كبير عند الفلاسفة في تحديد المقصود منها حتى أن بعضهم أنهى تعريفات النفس إلى أربعين تعريفاً، حتى قال الشاعر:
قد حار في النفس جميع الورى
والفكر فيها قد غدا ضائعا
وبرهن الكل على ما ادعوا
وليس برهانهم قاطعا
من جهل الصنعة عجزاً فما
أجدر أن يجهل الصانعا

ولكننا نقصد بالنفس هنا: ((مركز العواطف والميول والشهوات لدى الإنسان)). والقرآن يطلق عليها تارة عنوان ((النفس)) ، ويطلق عليها تارة أخرى اسم ((القلب)).
بين النفس والعقل:
بالعقل تدرك الأشياء فتعرف أن هذا الأمر ممكن وذاك مستحيل، وأن واحداً زائداً واحداً يساوي اثنين، واثنين في اثنين يساوي أربعة، العقل هو الوحيد القادر على إدراك هذه الأشياء، فالعلم والمعرفة والتقييم والحكم على الأشياء كلها تكون بواسطة العقل.
أما النفس ففيها عواطف الإنسان مثل الحب والبغض، فالحب وحب الذات والأنانية والخوف وجميع العواطف والأحاسيس تنبع من النفس، إذن فهناك فرق واضح بين العقل والنفس.
[/rtl]
[rtl](1/4)[/rtl]




[rtl]والنفس بهذا المعنى تعتبر أخطر منطقة في شخصية الإنسان؛ فهي مصدر سعادته أو شقائه، وكما يقول الله عزّ وجلّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}، النفس التي هي مركز الميول والعواطف والرغبات بإمكانها أن توجه الإنسان نحو السعادة، وبإمكانها أن تنحرف بالإنسان وتنزلق به في هاوية الشقاء والفساد والانحراف.

أين دور العقل؟
العقل ليس له دور حاكم مثل النفس... لماذا؟
لأن العقل يدرك الأشياء ويقيمها، يدرك مثلاً أن العمل والنشاط جيد وأن الكسل سيئ، ويدرك أن العدل حسن والظلم قبيح. فدور العقل في حياة الإنسان هو دور الإدراك والتقييم، ولكن النفس تتخذ الموقف، وهي التي تبادر وتمتلك زمام الموقف؛ فبيدها أن تصدق وتعمل بما يقوله العقل أو تنحرف وتزيغ عما يقوله. لذلك فإن القرآن الحكيم يشير إلى هذه الناحية فيقول: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}(2) ، فمن الناحية العقلية أصدر العقل حكمه وقال لهم: إن هذه الحقائق صحيحة وثابتة وواجبة، ولكنهم جحدوا بها مع تيقن أنفسهم بصحتها.. لماذا؟ لأن أهواءهم النفسية وعواطفهم الشهوانية لم تسمح لهم بأن يطبقوا كلام العقل.
وفي آية أخرى يقول القرآن الحكيم: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(3) انظروا وتدبروا؛ إنهم يعلمون، فعقولهم قررت أن هذا الشيء حق، العقل أدرك صواب وأحقية هذا الأمر وقال للإنسان: يا إنسان هذا حق، ولكن الهوى والشهوات والعواطف هي التي تجعل الإنسان ينحرف عما يقرره العقل ويكتم الحق ويتستر عليه.
وهناك أمثلة وأحاديث كثيرة تدل على أن العقل قد يصبح آلة بيد النفس تقوده وتأمره، العقل هذه القوة العظيمة يصبح أداةً بيد النفس وكزورق تتقاذفه رياح الشهوات وأهواء النفس يميناً ويساراً فتستخدمه فيما تريد.
كيف يؤسر العقل؟
[/rtl]
[rtl](1/5)[/rtl]




[rtl]في البداية العقل يعطي رأيه يقول لك: الصيام ممتاز، ومن الجيد أن تصوم، هذا ما يقوله لك العقل، ولكن النفس قد لا تسمح بالصيام، والعواطف والأهواء والشهوات أمور تجنح بك نحو الإفطار، وحينما تريد أن تفطر تحتاج للتفكير في أفضل وسيلة للإفطار، وأحسن طعام تتناوله، وكيف تستطيع أن تحصّل الطعام، هنا لابد أن تستخدم عقلك.
عقلك قال لك: لا تفطر وصم، ولكن نفسك قررت الإفطار، وعندما قررت ذلك استخدمت العقل، العقل يقول لك: طيب أنت تريد أن تفطر وأنا لست موافقاً على إفطارك، أنا أقول لك: صُمْ، فتجيبه النفس وهي تنهره بعنفٍ وحدةٍ: وما شأنك؟ أنت أبديت رأيك وانتهى دورك، وليس لك شأن في هذا، والمطلوب أن تبتكر طريقة لتحصيل الطعام وأن تبتدع وسيلة لتحصيل الشهوة.
فيقف العقل عند حدوده ويجيب: حاضر بالخدمة فيطيع النفس ويدلها على الوسائل والأساليب.
وإليك مثالاً آخر: العقل يقول: السرقة ليست جيدة، فتعترضه النفس وتقرر السرقة، ولكن السرقة تحتاج إلى خطة، فمن الذي يضع الخطة؟ إنه العقل.
فتقول النفس للعقل: أنا صممت على السرقة وعليك الآن أن تضع خطة للسرقة، والعقل يحتج بعدم موافقته، وأن السرقة شيء غير جيد، فتنهره النفس: دعك من هذا انتهى دورك وأنا الآن قررت السرقة ويجب عليك أن تضع خطة للسرقة، فيطيعها العقل ويصبح آلة في خدمة أهواء النفس.
وللإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كلمات جميلة ورائعة تعبر عن هذه الحقيقة، يقول فيها: ((وكم من عقل أسير تحت هوى أمير)) (4).

العقل أسير ولكن عند مَنْ؟
إنه أسير عند الهوى المتأمر في حياة الإنسان؛ فيأمر العقل ويصبح أسيراً تحت سيطرته. ويقول (عليه السلام): ((أكثر مصارع العقول تحت بُروق المطامع)) (5).
وفي كلمة أخرى يشير الإمام علي (عليه السلام) إلى أن العقل إنما يمارس دوره القيادي الصحيح في حياة الإنسان إذا لم تقيده الأهواء ورغبات الدنيا حيث يقول:
[/rtl]
[rtl](1/6)[/rtl]




[rtl]((شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى وسلم من علائق الدنيا)) (6).
كما يتحدث الإمام (عليه السلام) عن حدوث حالة اختراق الشهوات لعقل الإنسان فيقول: ((قد خرقت الشهوات عقله)) (7).
وعنه (عليه السلام): ((ذهاب العقل بين الهوى والشهوة)) (Cool.
ويقول أيضاً: ((عدو العقل الهوى)) (9).
إذن النفس لها قدرة التحكم بالعقل واستخدامه، ومن هنا تبرز أهمية النفس ويكمن الخطر، ومن هنا نجد القرآن الحكيم يعلق سعادة الإنسان وفلاحه ونجاحه على مدى سلامة نفسه، يقول تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}(10)، إذن فالمسألة مسألة النفس، من يزكي نفسه فقد فاز فوزاً عظيماً، لذا يجب أن نولي قضية صحة النفس وسلامتها أهمية كبرى.
ثغرة المنطق الإغريقي:
قالوا في تعريف علم المنطق بأنه: ((آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر)) (11)، وقالوا عن تحديد وظيفته وغايته بأنها تجنب الخطأ وتصحيح الأفكار. ((إذن فحاجتنا إلى المنطق هي تصحيح أفكارنا)) (12)، ويرى ابن حزم الأندلسي: أن علم المنطق ((يقف على الحقائق كلها ويميزها من الأباطيل تمييزاً لا يبقى معه ريب)) (13).
ولكن المنطق الإغريقي المتداول والذي رتب مسائله وفصوله الفيلسوف أرسطو (384 - 322 ق. م) هل يؤدي هذا الدور ويقوم بهذه الوظيفة؟
كلا، فهو قد اقتصر على الاهتمام بشكل التفكير وصوره؛ لذلك عُرِف بالمنطق الشكلي والصوري، ولم يتعداها للبحث عن الخلفيات والتأثيرات النفسية على فكر الإنسان.
[/rtl]
[rtl](1/7)[/rtl]




[rtl]يقول العلامة المدرسي: ((يُقَيَّم هذا المنطق بأنه نظَّم مسيرة الفكر الإنساني في قبال التطرف والفوضى والسفسطة، ولكنه من جهة أخرى قيَّد هذا الفكر بتركيزه الكبير على الجانب الصوري منه، أي أنه لم يحاول البحث عن مصدر الأفكار بمقدار ما كرّس بحوثه حول علاقة الأفكار ببعضها، وكان مثله مثل من يبذل جهده في جمع الأعداد وتفريقها دون أن يفكر فيما وراء هذه الأعداد من حقائق تدل عليها. فمنطق أرسطو الشكلي باهتمامه بشكل التفكير وإغفاله البحث عن مادة التفكير وموضوعه سَبَّبَ تناسي دور السلبيات البشرية التي تدعو إلى الضلالة، كما تناسى دور العقل في تحدي هذه السلبيات؛ ولذلك لم يوفق هذا المنطق لإعطاء الإنسان مزيداً من التقدم الفكري)) (14).
((يتصور الرأي السائد في المنطق أن مشكلة الإنسان في العلم، هي مشكلة عقلية محضة، يمكن حلها بوضع قواعد لتنظيم عملية التفكير، إلا أن الحقيقة: أن المشكلة هي مشكلة نفسية، قبل أن تكون عقلية، ولذلك فنحن بحاجة إلى معالجة النفس البشرية، قبل أن نضع قواعد لعقله، وتنظيم فكره، ذلك لأن النفس البشرية قد تستأثر بإرادة الإنسان، وتوجهها إلى حيث تتحرك أهواؤها، وهنالك تبقى قدرة الإنسان على التفكير معطلة رأساً، ولا تغنيه القواعد الموضوعة لتنظيم فكره)) (15).

الاهتمام بالنفس:
[/rtl]
[rtl](1/Cool[/rtl]




[rtl]البعض قد يصرفون اهتماماتهم ويولون عنايتهم لعقولهم فيزودون عقولهم بالمعلومات والأفكار فيخدمون عقولهم كثيراً، وبعض الناس يخدمون أجسامهم كثيراً فيقدمون لها الطعام والشراب واللذات والراحة، ولكن كثيراً من الناس يتساهلون مع أنفسهم مع أنه لا قيمة للعقل ولا قيمة للجسد إن لم تكن النفس سليمة، فإذا كانت النفس مريضة فإنها تستخدم العقل استخداماً سيئاً يؤدي بالجسد إلى الهلكة، ولو راجعنا التاريخ ونظرنا إلى الواقع المعاصر لوجدنا أن أشخاصاً لديهم القدرة الكبيرة في الجانب العلمي والعقلي وعقولهم تختزن معلومات واسعة جداً، ولكنهم في أسفل الدرك من الشقاء والانحطاط، وأبرز مثال على ذلك هو ((إبليس)) ، فهل كان انحطاطه وشقاؤه لقلة علمه؟
كلا...
إبليس مشكلته لم تأتِ لقلة معلوماته، بالعكس، فهو في هذا الجانب كان متفوقاً، وكان عالماً كبيراً يعلم أشياء لا نعلمها نحن ولم نطلع عليها، ولكن من أين أُدين؟ {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}(16) ، مقتله كان التكبر، والتكبر حالة نفسية وليست عقلية؛ لذلك لم يستطع أن يستفيد من علمه وعقله، وكثير من الذين انحرفوا، وكثير من الذين شقوا، المشكلة التي كانت عندهم ليست مشكلة قلة العلم والمعرفة وإنما هي مرض النفس.
وسلام عليك يا أبا الحسن حين قلت: ((ومَنْ لم يُهذِّب نفسه لم ينتفع بعقله)).
وفي كلمة أخرى يقول الإمام علي (عليه السلام):
((مَنْ جانب هواه صح عقله)) (17).
ويشير الإمام علي (عليه السلام) إلى تأثير الأمراض النفسية على العقل وأدائه لدوره القيادي في حياة الإنسان فيقول: ((واعلموا أن الأمل يسهي العقل)) (18)، ((عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله)) (19).
[/rtl]
[rtl](1/9)[/rtl]




[rtl]من هنا يجب أن نولي جانب النفس أهمية قصوى؛ فالنفس إذا كانت مصابه بالأمراض كالتكبر والغرور والخوف والجبن والكسل والأنانية والحقد وما أشبه، فكل شيء لا يفيد، قال الله تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ}(20) أي أنه حتى الإيمان لا يُوَفَّقُون له، فالذين لم يؤمنوا بالأنبياء والرسل هل كانت عقولهم مريضة وعاجزة عن ا لمعرفة؟
كلا، بل كانت المشكلة تكمن في نفوسهم حيث مرض التكبر وسيطرة الأهواء.

مسئوليتنا تجاه النفس:
إننا قد نصرف أوقاتاً على تقديم العلم والمعرفة لعقولنا، وقد نصرف وقتاً طويلاً على تقديم الراحة واللذة لأجسامنا ولكن كم نصرف لحماية أنفسنا ولوقايتها من الأمراض النفسية؟
الذين يدرسون في الجامعات الغربية والشرقية في المجالات التي يتوجهون إليها، عقولهم ضخمة، إن الإنسان ليشعر بالضعة والحقارة أمام تلك العقول الجبارة التي تصمم هذه الآلات والتي تبتكر هذه الوسائل والآليات الإلكترونية الحديثة، انظروا إلى ما ينتجه الغرب من آلات ووسائل ومن تقدم علمي، هذا عمل عقلي ضخم جداً، ولكن إلى جانب ذلك تترعرع الأمراض والسلبيات والأخطاء في تلك النفوس فتجعل تلك العقول وتلك الأجساد حطباً للشقاء في الدنيا، وحطباً لجهنم في الآخرة.
التصور الخاطئ:
في بعض الأوقات يخطئ الإنسان فيتصور أن الوقت الذي يصرفه على سلامة نفسه وقت ضائع، مثلاً: إنك حين تذهب إلى المقبرة لتشييع جنازة مؤمن تصرف وقتاً في الذهاب والرجوع والبقاء في المقبرة، هذا الوقت قد تتصور أنك لو صرفته في سبيل نشاط عقلي حيث تطالع كتاباً، أو تفكر في موضوع تفيد به عقلك لكان أفضل، ولكن هل المطلوب مني فقط إفادة عقلي؟ هل المطلوب مني فقد توفير المعلومات والخدمات للعقل؟ ونفسي أين هي؟ وكيف صحتها ووضعها؟
[/rtl]
[rtl](1/10)[/rtl]




[rtl]يجب أن أصرف وقتاً من أجل تزكية نفسي وهذا هو سر العبادات الإسلامية وسر التوجيه إليها، إنك تصرف وقتاً على الصلاة والدعاء وعلى تشييع جنائز الموتى ولمحاسبة النفس تطبيقاً للرواية الشريفة عن الإمام الكاظم (عليه السلام): ((ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عَمِلَ خيراً استزاد الله منه وحمد الله عليه، وإن عَمِلَ شراً استغفر الله منه وتاب إليه)) (21).
إذا لم يكن هناك توازن بين تقدم علم الإنسان وتوسع محيط إدراكه وعقله مع سلامة نفسه فهناك خطر كبير على مستقبل الإنسان. فيجب أن نهتم بسلامة أنفسنا وليكن من برامجنا فترة للعناية بها.

الفصل الثاني
خطورة النفس في منطق الإسلام

(1)
النفس أمارة بالسوء
طبيعة النفس بما تنطوي عليه من رغبات وشهوات أنها تدفع بالإنسان نحو المفاسد والانحرافات، من أجل تحصيل الملذات وإشباع الأهواء، وإذا ما سيطرت الشهوات على النفس، ولم تكن للإنسان إرادة رادعة، ولا مقاومة حصينة، فستهوي به شهواته إلى مكان سحيق، على حساب مستقبله، ومختلف جوانب مصلحته الدنيوية والأخروية.
وقد قرأت هذه الأيام خبراً نشرته جريدة (الحياة) التي تصدر في لندن يصلح شاهداً ونموذجاً على مدى ما يصل إليه الإنسان من انحطاط وخسة إذا انقاد إلى أهواء نفسه وشهواتها.
تقول الجريدة في عدد الصادر بتاريخ 27/ 1/ 1991 - 12/ 7/ 1411هـ ما يلي:
من دلائل التفكك الاجتماعي والضياع الخلقي اللذين يتخبط بهما الجيل الجديد في أمريكا ما شهدته محكمة شيكاغو الأسبوع الماضي حين أصدرت حكماً بالسجن على والدة شابة حبست طفلتها في صندوق سيارتها من أجل دخولها إلى الملهى الليلي للقاء ((صديقها)).
[/rtl]
[rtl](1/11)[/rtl]




[rtl]وقد أفادت باتريسيا (29 عاماً) أنها كانت على موعد مع ((صديقها)) في أحد الملاهي الليلية ولم تتمكن من إيجاد مربية تسهر على طفلتها جايني (ثمانية أشهر) من زوجها السابق الذي طلقته بعد ثلاثة أشهر من ولادة الطفلة. وقالت في مركز الشرطة: ((لا أفهم لماذا تظلمونني بهذا الشكل، فقد مددت طفلتي على بساط في صندوق السيارة، وتركت لها قربها جهاز راديو كي تلهو بسماع الموسيقى فلا تخاف من الصمت والظلمة)).
واكتشف المحققون أن المرأة تركت ابنتها طوال ثلاث ساعات في صندوق السيارة، فيما أصرت على أنها كانت تتفقد ابنتها كل نصف ساعة: ((كنت أستأذن صديقي بحجة الذهاب إلى الحمام، وأخرج لأتفقد جايني، لكنه شك في الأمر بعد بضع مرات ولم يعد يسمح لي بالخروج)).
وأفاد الشاهد جون نولاند العامل في مطعم بيتزا أنه مرّ قرب السيارة مرتين، وسمع صراخ طفل لكن لم يخطر بباله أنه في صندوق السيارة.
أما ريجينا جاكسون التي اتصلت بشرطة شيكاغو فقالت في إفادتها: ((ظننت للوهلة الأولى أن في صندوق السيارة قطة تموء بهذا الصوت المخنوق، ثم اقتربت أكثر وأرهفت السمع حتى تأكدت أنه صراخ طفل)).
ولدى تلقي المخابرة هرع رجال الشرطة إلى المكان وفتحوا صندوق السيارة ليجدوا الطفلة على شفير الاختناق من شدة البكاء وانقطاع الهواء. فأخذوها وسحبوا السيارة بالقاطرة.
وبعد دقائق طويلة وصلت باتريسيا تتفقد ابنتها فأخذت تصرخ بأن ثمة من خطف ابنتها وسرق سيارتها، سوى أنها لم تصرخ طويلاً لأن رجال الشرطة كانوا يترصدون على مقربة من المكان فاعتقلوها. وحين أخبروها بأنهم أخذوا طفلتها إلى بين الأحداث أخذت تصيح بهم متوعدة بالادعاء عليهم بتهمة خطف ابنتها وسرقة سيارتها، ولم تهدأ إلا على صدمة سماعها من قائد الفرقة: ((أنت موقوفة يا سيدتي بتهمة إهمال ابنتك وتعريضها للموت)).
[/rtl]
[rtl](1/12)[/rtl]




[rtl]هكذا تكون النفس أمارة بالسوء، ولذلك تحذرنا النصوص الدينية من هذه الطبيعة المتأصلة في النفس، وتدعونا إلى التسلح بالوعي والإرادة، لنصمد أمام الإغراءات، ونتمرد على أوامر الشهوات والأهواء:
يقول القرآن الحكيم نقلاً عن نبي الله يوسف الصديق (عليه السلام) ، الذي ضرب أروع الأمثلة في الصمود أمام الشهوة، والثبات أمام الإغراء، ولكنه مع ذلك يؤكد الطبيعة النفسية الدافعة نحو السوء، وأن التقوى هي وحدها وسيلة النجاة، وملجأ الخلاص، وهي التجسيد لرحمة الله.
يقول تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}(22).
ويشير الإمام علي (عليه السلام) إلى ما يحل بالإنسان ويصيبه إذا ما تجاهل طبيعة نفسه الأمارة بالسوء، وتعامل معها بانقياد مطلق وثقة عمياء، حيث يقول:
((إن النفس لأمارة بالسوء والفحشاء، فمن ائتمنها خانته، ومن استنام إليها أهلكته، ومن رضي عنها أوردته شر المورد)) (23).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((إن هذه النفس لأمارة بالسوء فمن أهملها جمحت به إلى المآثم))(24).
وتتوسل نفس الإنسان بالخداع والإغراء، لإيقاع الإنسان في شبك المعصية والحرام. على الإنسان أن يكون يقظاً حذراً، وألاّ يمنح ثقته ويسلم قياده لأهواء نفسه، يقول الإمام علي (عليه السلام): ((إن نفسك لخدوع، إن تثق يقتدك الشيطان إلى ارتكاب المحارم)) (25).
وفي عهده الذي كتبه لمالك الأشتر لَمَّا ولاّه مصر يقول الإمام علي (عليه السلام): ((وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات، ويزعجها عند الجمحات، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم الله)) (26).
أما الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) فإنه ينبه الإنسان ويحذره من طبيعة نفسه، بأسلوب تربوي حكيم، عبر المناجاة والتضرع إلى الله سبحانه، فيقول في مناجاته المعروفة بمناجاة الشاكين:
[/rtl]
[rtl](1/13)[/rtl]




[rtl]((إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الأمل، إن مسّها الشرُّ تجزع، وإن مسّها الخير تمنع، ميّالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة، وتسوفني بالتوبة)) (27).
وكم في التاريخ من أفراد ومن تجمعات كانوا ضحايا وقرابين لانخداعهم واغترارهم بنفوسهم الأمارة بالسوء، وقتلى الخوارج في واقعة النهروان، الذين يقارب عددهم الأربعة آلاف شخصاً، هم نموذج واضح لهذه الحقيقة، فقد كانوا من أنصار الإمام علي (عليه السلام) ومن أصحابه، ولكنهم في لحظة غفلة وضلال، استحوذ عليهم الشيطان، وأسلموا قيادهم للنفس الأمارة بالسوء‍‍‍!!.
يقول الإمام علي (عليه السلام) وقد مرّ بقتلى الخوارج يوم النهروان: ((بؤساً لكم، لقد ضرّكم من غرّكم)).
فقيل له: مَنْ غرّهم يا أمير المؤمنين؟
فقال: ((الشيطان المضل، والأنفس الأمارة بالسوء، وغرّتهم بالأماني وفسحت لهم بالمعاصي، ووعدتهم الإظهار، فاقتحمت بهم النار)) (28).

(2)
الجهاد الأكبر.. جهاد النفس
إن أكبر وأصعب امتحان كتبه الله تعالى على الإنسان في هذه الحياة هو ابتلاؤه بنفسه، وعلى أساس نجاح الإنسان وتفوقه في هذا الامتحان يكون موقعه عند الله، ومستقبله الدنيوي والأخروي. من هنا كانت المعركة مع النفس أشق وأخطر معركة يخوضها الإنسان في حياته.
فهي معركة حتمية لا خيار لأحد فيها ولا يستثنى أحد منها حتى الأنبياء والأوصياء والأولياء. وإذا كان الإنسان يستطيع اجتناب المعارك والصراعات مع الآخرين بطريقة أو أخرى فإنه لا فرار له من معركته مع نفسه.
هي معركة دائمة مساحتها طوال عمر الإنسان منذ أن يدركه الوعي وإلى أن تفارقه الحياة. ويحصل أن يكسب إنسان المعركة ضد نفسه طيلة حياته ثم يخسرها في اللحظات الأخيرة من عمره!!
[/rtl]
[rtl](1/14)[/rtl]




[rtl]كذلك فإنها معركة شاملة تستوعب كل جوانب حياة الإنسان، ومختلف شؤونه، وتمتد إلى جميع الزوايا والتفاصيل، فكراً وإحساساً، وعملاً وقولاً، وإشارة وصمتاً؛ حيث إن خطر الأهواء والشهوات النفسية يهدد سلامة معتقد الإنسان وأفكاره، وصحة مشاعره وأحاسيسه، وصدق أقواله ومواقفه، واستقامة تعامله وعلاقاته.
والأدهى من كل ذلك قوة الارتباط وشدة العلاقة ووثاقتها بين الإنسان ونفسه، فالنفس أقرب شيء للإنسان، وهي متداخلة معه وملتصقة به. وكم هو صعب على الإنسان أن يعايش عدوه ويتداخل معه، ويكون قريباً منه ووثيق الصلة به!
لكل ذلك تصبح المعركة مع النفس أخطر معركة، ويصدق تماماً ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، وهذا ما تؤكده النصوص التالية:
يقول تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}(29).
فالمنتصر على نفسه في معركته الحتمية الدائمة الشاملة معها يستحق الجائزة الكبرى وهي الجنة، والوصول إلى الجنة يستحق من الإنسان كل ذلك التعب والمشقة والعناء.
وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث سريَّة -فرقة عسكرية- فلما رجعوا قال: ((مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر))
قيل: يا رسول وما الجهاد الأكبر؟
قال: ((جهاد النفس)) ، ثم قال: ((أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه)) (30).
ولعل الفقرة الأخيرة إشارة إلى أحد جوانب خطورة المعركة مع النفس، وهو التداخل والالتصاق الذي تحدثنا عنه، فهي عدو داخل الإنسان وبين جنبيه!!
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) (31).
عن فضالة بن عبيد قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المجاهد من جاهد نفسه)) (32).
[/rtl]
[rtl](1/15)[/rtl]




[rtl]ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((أشجع الناس من غلب هواه)).
وعن الإمام علي (عليه السلام): ((املكوا أنفسكم بدوام جهادها)) (33).
وعنه أيضاً (عليه السلام): ((صلاح النفس مجاهدة الهوى)) (34).
ويتحدث الإمام علي (عليه السلام) عن بعض التكتيكات في المعركة مع النفس قائلاً: ((إذا صعبت عليك نفسك فاصعب لها تذلّ لك، وخادع نفسك عن نفسك تنقد لك)) (35).
فعلى الإنسان أن لا ينهزم بسرعة أمام صعوبة المعركة، ولا أن يستجيب لخداع العدو، وبصموده تنهزم أهواء النفس وتنهار ذليلة خانعة، وبوعيه يفوّت الفرصة على الإغراءات ويخدعها.
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((أقبل على نفسك بالإدبار عنها)) (36) ذلك أن الإقبال على النفس بالاستجابة لرغباتها مهلك للإنسان ونفسه، بينما التعامل مع النفس بالتنكر لأهوائها هو لمصلحة النفس.
وعنه أيضاً (عليه السلام): ((دواء النفس الصوم عن الهوى والحمية عن لذات الدنيا)) (37).
وفي إحدى خطبه يقول الإمام علي (عليه السلام):
((واعلموا أنه ما من طاعة الله شيء إلا يأتي في كُره، وما من معصية الله شيء إلا يأتي في شهوة، فرحم الله امرؤاً نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعاً، وإنها لا تزال تنزع إلى معصية في هوى.
واعلموا -عباد الله- أن المؤمن لا يصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون عنده، فلا يزال زارياً عليها، مستزيداً لها)) (38).
وفي وصية قدمها إلى شريح بن هاني يقول الإمام علي (عليه السلام): ((اتق الله في كل صباح ومساء، وخف على نفسك الدنيا الغرور، ولا تأمنها على حال، واعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب، مخافة مكروه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر، فكن لنفسك مانعاً رادعاً، ولنزوتك عند الحفيظة واقماً قامعاً)) (39).
وقول الإمام علي (عليه السلام): ((أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه)) (40) لأن خلفية العمل، وهي الانتصار على النفس ومخالفتها، أهم من ذات العمل.
[/rtl]
[rtl](1/16)[/rtl]




[rtl]ويؤكد الإمام علي (عليه السلام) الدور الحاسم لذات الإنسان في مقاومة نفسه فيقول: ((واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ)) (41).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنةً يوم الخوف الأكبر)) (42).
كما سبق وأن أشرنا فالمعركة مع النفس لا يستثنى منها أحد فهذا علي مع عظمته ومكانته إلا أنه ممتحن بنفسه كسائر البشر، ولعل من أسرار عظمته نجاحه المميز في الانتصار على نفسه.
ويقول أيضاً (عليه السلام): ((خدمة الجسد إعطاؤه ما يستدعيه من الملاذ والشهوات والمقتنيات وفي ذلك هلاك النفس)) (43).
وتسليطاً للضوء على طبيعة المعركة مع النفس وتحديد أطرافها ومواقعها يقول الإمام علي (عليه السلام): ((العقل صاحب جيش الرحمن، والهوى قائد جيش الشيطان، والنفس متجاذبة بينهما فأيهما غلب كانت في حيزه)) (44).
وفي حديث أخر بنفس المضمون يقول (عليه السلام): ((العقل والشهوة ضدان، مؤيد العقل العلم، ومزين الشهوة الهوى، والنفس متنازعة بينهما فأيهما قهر كانت في جانبه)) (45).
فالعقل هو رائد معركة الإنسان ضد نفسه، والعلم والمعرفة سلاح رئيسي في هذه المعركة، ولكل من طرفي المعركة وهما العقل والهوى جنود وأسلحة فهما جيشان: جيش الرحمن وجيش الشيطان يتصارعان على أرض نفس الإنسان.

(3)
النفس وتأثيرها المصيري على الإنسان
حياة الإنسان الدنيوية ومستقبله الأخروي كلاهما رهين نفسه وخاضع لتأثير حالته النفسية، فإذا ما صفت النفس وانقادت لتوجيه العقل ضمن الإنسان سعادته في الدارين، وإذا ما حصل العكس من ذلك بسيطرة أهواء النفس وشهواتها على قرار الإنسان، فإن الشقاء سيلف حياته في الدنيا والآخرة.
والنصوص الدينية تؤكد هذه الحقيقة وتسلط الأضواء على براهينها وأبعادها كما يأتي:
[/rtl]
[rtl](1/17)[/rtl]




[rtl]يقول تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَ}(46).
ففلاح الإنسان ونجاحه يرتبط بتزكيته لنفسه، والخيبة والدمار نتيجة حتمية لتمركز الانحرافات وتلويثها للنفس، وكما أن النفس تتقبل التزكية بالتقوى، فإنها مهيأة للانحراف والفجور.
يقول الإمام علي (عليه السلام): ((ولا يَلُمْ لائمٌ إلا نفسَه)) (47) فالنفس هي التي تصنع مستقبل الإنسان، وإذا ما لاحظ الإنسان سوءاً في مصيره ومستقبله، فلا يتحمل مسئولية ذلك إلا نفسه.

(4)
من أمراض النفس
إنما تنبع الأسواء والمشاكل من تلك الحالات المرضية، التي تحدث في النفس، وتنمو وتترعرع في حناياها، فما هي تلك الحالات المرضية؟ وكيف يعالجها الإنسان؟
هذا ما تتحدث عنه بعض النصوص الدينية التالية:
جرأة الإنسان على قتل أخيه الإنسان ومصادرة حقه في الحياة تعتبر أكبر جريمة بشعة، وإنما يقوم بها الإنسان على بشاعتها نتيجة حالة نفسية مرضية، ويتحدث القرآن الحكيم عن أول جريمة قتل وقعت على الأرض حيث قتل قابيل بن آدم هابيل، وينسب القرآن هذه الجريمة إلى النفس. يقول تعالى:
{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ}(48).
والخوف حالة نفسية، يقول تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى}(49).
والبخل مرض نفسي، يقول تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}(50).
[/rtl]
[rtl](1/18)[/rtl]




[rtl]والنفس هي التي تزين للإنسان وتدفعه للارتداد عن الدين وسوء التعامل مع قضاياه، كما حصل للسامريّ، صاحب نبي الله موسى (عليه السلام) ، والذي أضل المؤمنين بتوجيههم لعبادة عجل صنعه من الحليّ، يقول تعالى: {قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي}(51).
وأهواء النفس سبب مخالفة الأنبياء والعدوان عليهم، يقول تعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}(52).
وأخوة نبي الله يوسف (عليه السلام) إنما قاموا تجاهه بتلك الجريمة النكراء، حيث ألقوه في قاع الجبّ، وهو ذلك الصغير الوديع المتفرد في جماله وحسنه، إنما صنعوا ذلك لانحراف نفسي أصابهم، يقول تعالى على لسان أبيهم يعقوب (عليه السلام):
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}(53).
والحسد حالة مرضية نفسية بين الأفراد أو الأمم والمجتمعات، يقول تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ}(54).
والتكبر مرض يعشعش في أرجاء النفس، يقول تعالى: {لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}(55).
والإعراض عن دين الله ورسالة الأنبياء إنما ينشأ من حالة انحراف نفسي يطلق عليه القرآن (سفاهة) ، يقول تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}(56).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((آفة النفس الوله بالدنيا)) (57).
ويقول أيضاً (عليه السلام): ((عجب المرء بنفسه أحد حسّاد عقله)) (58).

(5)
إصلاح النفس أولاً
[/rtl]
[rtl](1/19)[/rtl]




[rtl]أول وأهم قضية يجب أن يتوجه إليها الإنسان ويركز عليها هي إصلاح نفسه؛ لأن ذلك مفتاح سعادته، ولأنه بعد ذلك يستطيع معالجة سائر القضايا، وتحصيل مختلف متطلبات الحياة، ويضمن حينئذٍ الاستفادة الصحيحة والاستخدام السليم لما منحه الله من طاقات وقدرات. أما مع انحراف النفس فكل المكاسب والإمكانات التي ينالها الإنسان في هذه الحياة قد تصبح وبالاً عليه، ووسائل دمار تصيبه والآخرين بالشر والضرر.
فالعلم أو المال أو القوة أو الجمال أو أي إمكانية أخرى إذا كانت تحت تصرف نفس شريرة فاسدة، أو تَحْكُمُها قراراتٌ شهوانية من وحي الهوى، فإنها قد تجلب الخسار والشقاء والدمار لصاحبها وللآخرين.
ومآسي البشرية في الماضي والحاضر هي سجل كبير لشواهد وأدلة هذه الحقيقة الواضحة.
لذا كان من الطبيعي أن تركز النصوص الدينية على مسألة الاهتمام بإصلاح النفس كمنطلق لإصلاح الإنسان والحياة كما نلاحظ في النصوص التالية:
يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}(59).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((من لم يهذِّب نفسه لم ينتفع بالعقل)) (60)، فكما سبق في الفصل الأول من الكتاب، أن العقل يعطي رأيه وموقفه في القضايا والأمور، لكن النفس بشهواتها وأهوائها غير المنضبطة والملتزمة تُسكِتُ صوتَ العقل، وتدفع الإنسان إلى مخالفته.
يقول الإمام علي (عليه السلام): ((أعجز الناس من عجز عن إصلاح نفسه)) (61).
فالعاجز عن إصلاح نفسه هل يقدر على إصلاح نفوس الآخرين أو إصلاح أمور الحياة؟!
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((أعجز الناس من قدر على أن يزيل النقص عن نفسه فلم يفعل)) (62).
ومبدئياً فالإنسان قادر على إزالة نواقص نفسه لكن الأهواء والشهوات هي التي تمنعه من ذلك، ومن عجز عن مقاومة شهواته لا يرجى له الانتصار في الحياة.
ويقول أيضاً (عليه السلام): ((من أصلح نفسه ملكها، من أهمل نفسه أهلكها)) (63).
[/rtl]
[rtl](1/20)[/rtl]




[rtl]وما قيمة الحياة في أسر الهوى وعبودية الشهوة؟ إنها تصبح حينئذٍ جحيماً للمعصية والإثم، وبؤرة للفساد والشر.
يقول الإمام علي (عليه السلام): ((من لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى، ومن كان في نقص فالموت خير له)) (64).
وأسوأ شيء أن يشعر الإنسان باستغناء نفسه عن الإصلاح وعدم حاجتها للتهذيب، عندها يغضب عليه الربُّ سبحانه، ويكرهه الناس، لتماديه في فساده وانحرافه، يقول الإمام علي (عليه السلام):
((ومن رضِيَ عن نفسه كَثُرَ الساخطُ عليه)) (65).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((أيُّها الناس تولوا مِنْ أنفسكم تأديبها، واعدلوا بها عن ضراوة
عاداتها)) (66).
فالتعود على أمر لا يعطيه الشرعية ولا يجعله صحيحاً إن كان في أصله سيِّئاً، وعلى الإنسان ألاّ يستسلم لعادات نفسه مهما كانت متمكنة في حياته.
وكتب الإمام علي (عليه السلام): وصيةً لابنه الإمام الحسن (عليه السلام) جاء فيها: ((ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك، أن يكون ذلك وأنت مقبل العمر، ومقتبل الدهر، ذو نيّة سليمة، ونفس صافية)) (67).
ففي بداية الحياة وقبل أن تتلوث النفس بالمصالح والانشدادات المادية يكون إصلاحها أسهل وأفضل.
عن الإمام علي (عليه السلام): ((ليس على وجه الأرض أكرم على الله سبحانه من النفس المطيعة لأمره)) (68).
وعنه أيضاً (عليه السلام): ((سبب صلاح النفس الورع)) (69).
وقال أيضاً (عليه السلام): ((من ذم نفسه أصلحها، من مدح نفسه فقد ذبحها)) (70).
ويقول الإمام علي (عليه السلام): ((من جانب هواه صح عقله)) (71).
وفي كلمة أخرى يشير الإمام علي (عليه السلام) إلى أن العقل لا يمارس دوره القيادي الكامل في حياة الإنسان إلا إذا استقل عن تأثيرات أهواء النفس وشهواتها فيقول: ((شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى وسلم من علائق الدنيا)) (72).

(6)
النفس أخطر الأعداء
[/rtl]
[rtl](1/21)[/rtl]




[rtl]معرفة الإنسان بعدوه، واطلاعه على خططه وأساليبه، تجعله أقدر على مواجهته والتغلب عليه. وكلما خفي العدو أو أخفى خططه ووسائله، كانت مقاومته أصعب وخطورته أشد.
وهنا تكمن مشكلة الإنسان مع نفسه، حيث لا يكتشف عداوتها بسهولة، كما تتفنن في استخدام الأساليب والوسائل الماكرة الخادعة والتي قد لا يحسب الإنسان لها حساباً، أو لا يتوقع أثرها العدائي.
ومهمة النصوص والتوجيهات الدينية تتحدد بشكل أساسي في تعريف الإنسان على نفسه، وكشف دوافعها أمامه، ليتعامل معها بيقظة ونباهة ووضوح.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك)) (73).
ويقول الإمام على (عليه السلام): ((عدو العقل الهوى)) (74).

(7)
محاسبة النفس ومراقبتها
وجود الرغبات والميول الشهوانية في النفس أمر لا خيار للإنسان فيه، حيث اقتضت ذلك حكمة الربّ سبحانه، لكن توجيه تلك الميول وترشيد تلك الرغبات هي مسئولية الإنسان التي خلق من أجل أن يؤديها في هذه الحياة.
وعلى الإنسان أن يمارس بعقله ووجدانه دور الإشراف على نزعات النفس، وملاحظة رغباتها، ليمنع من نمو وترعرع الاتجاهات الفاسدة، وليعالج ما قد يعتور النفس من أمراض وعاهات، وليضع حداً لما قد يحصل من أخطاء وأغلاط.
وكما يحتاج الجسم إلى الغسل والتنظيف، وإجراء الفحوص الطبية، ومعالجة الأمراض الطارئة، كذلك تحتاج النفس إلى صيانة مستمرة، ورقابة دائمة، للحفاظ عليها من التلوث، ولحمايتها من الشوائب.
وتأتي النصوص الدينية بشكل مكثف داعية إلى ضرورة اعتماد برنامج ثابت، وخطة دائمة لمحاسبة النفس ومراقبتها.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((على العاقل أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيما صنع الله عز وجل إليه)) (75).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((لا يكون العبد مؤمناً حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه والسيد عبده)) (76).
[/rtl]
[rtl](1/22)[/rtl]




[rtl]وعن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): ((ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفاً كل موقف مقام ألف سنة ثم تلا هذه الآية: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ})) (77).
وعن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام):
((ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عَمِلَ خيراً استزاد منه، وحمد الله عليه، وإن عَمِلَ شراً استغفر الله منه وتاب إليه)) (78).
ويحذر الإمام علي (عليه السلام) من غياب دور المحاسبة والمراقبة على النفس قائلاً: ((من أهمل نفسه ضيّع أمره)) (79).
((عن شداد بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله، قال هذا حديث حسن، قال: ومعنى قوله: من دان نفسه؛ يقول: حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة. ويروى عن عمر بن الخطاب قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وتزينوا للعرض الأكبر وإنما يخف الحساب يوم القيامة على من حاسب نفسه في الدنيا. ويروى عن ميمون من مهران قال: لا يكون العبد تقياً حتى يحاسب نفسه كما يحاسب شريكه من أين مطعمه وملبسه)) (80).
وعلى الإنسان أن يكون دقيقاً وصارماً في محاسبة نفسه ومراقبتها وإلا فسيدفع ثمن التساهل والتسيب غالباً. يقول الإمام علي (عليه السلام): ((من سامح ن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://just.ahlamontada.com
 
النفس منطقة الخطر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  اصول علم النفس الحديث علم النفس الشواذ
»  الشيعة الخطر القادر
» هل يوجد مافيا فى السعودية ؟ ( المهاجر الخطر ) ! و2
» وزير التخطيط : اليمنيون تجاوزوا الخطر الأكبر
» دبابة تقوم بالقصف في مواجهات اليوم في منطقة تعز . فيديو

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.just.ahlamontada.com :: just_f _ المنتديـــــــــات :: just_f تطــــــويــــــــر الـــــــذات-
انتقل الى: