www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



  حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
الزوار الكرام
نفيدكم بأن لدينا الكثير من المتميز
أنتسابكم دعم للمنتدى



  حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة _2__84270772bz0

الادارة


www.just.ahlamontada.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.just.ahlamontada.com

شعر : خواطر : قصة : نقاشات جادة : حقوق مرأة : أكواد جافا نادرة : برامج صيانة :برامج مشروحة مع السريال : بروكسيات حقيقة لكسر الحجب بجدارة . والمزيد
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

الى زوار منتدى البرنامج المشروحة / الكرام . نفيدكم بأن برامجنا المطروحة كاملة ومشروحة ومع السريال وتعمل بأستمرار دون توقف أن شاءالله . ولكن روابطها مخفية تظهر بعد التسجيل . و تسجيلكم دعم للمنتدى


 

  حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد الرسائل : 13163
تاريخ التسجيل : 12/10/2007

  حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة Empty
مُساهمةموضوع: حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة     حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة Icon_minitimeالجمعة يونيو 21, 2013 10:46 pm








حقيقة النفاق
وأنواعه
في ضوء الكتاب والسنة
وفهم سلف الأمة

إعداد :
علي رمضان أبو العز

غفر الله له ولولديه ولسائر المسلمين
مقدمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء و المرسلين ،وعلى آله وصحبه ومن اتبعه إلى يوم الدين وبعد
فإن الإنسان متى ما وفقه الله تعالى وهداه إلى الدخول في الإسلام فإنه قد تخطى بذلك عقبة كؤودا في طريقه إلى رضوان الله تعالى عز وجل حيث قال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
وبعد الدخول في الإسلام، ستكون هناك عقبة أخرى لابد لكل مسلم أن يتجاوزها لكي يتم إيمانه وهى التي جاءت في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)  ،وهذه العقبة هي عقبة الريبة والشك التي إن توقف عندها المسلم وقع في النفاق دون أن يشعر، ومثله في ذلك كالطالب الذي تم قيده في إحدى كليات الجامعة، فهو منتسب إليها، ولكنه لا يواظب على حضوره فيها، ولا يستعد لاختباراتها فهو وإن كان منتسبا إليها، كان كمن هو خارجها لأنه لا يهتم بأمور دراسته بها، ومن هنا فقد راودتني فكرة تأليف هذا الكتاب منذ سنوات عديدة، عندما لاحظت عدم اهتمام أغلبية المسلمين في هذا الزمان بأمور عقيدتهم عامة وبحقيقة النفاق بصفة خاصة وتربى على ذلك الصغير، وهرم على جهلها الكبير، وسبب ذلك الاكتفاء بالمناهج الدراسية التي لم تتناول هذا الموضوع بالدراسة والتحليل اللازمين ، وأود أن أشير إلى أن الإصرار على عدم معرفة الحق وبذل الجهد في سبيل تحصيله يوقع حتما صاحبه في الزلل مصداقا لقول الشاعر:
عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه     ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه
ورضى الله تعالى عن الصحابي الجليل امين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان الذي نبهنا إلى هذه الحقيقة في الحديث المشهور عندما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتن فقال رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركنى........... الحديث
وأغلبية المسلمين في هذا العصر: إذا سألتهم عن النفاق والمنافقين قالوا إن النفاق هو إظهار الإسلام واخفاء الكفر، دون إبداء الأسباب الحقيقية لهذا التعريف، وحين نقرأ بعض آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن المنافقين مثل قوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ) ، وتساءلنا إن كان هؤلاء يخفون الكفر ويظهرون الإسلام فلماذا يأتون إلى الصلاة وهم كسالى ؟ أليس بإمكانهم الإدعاء كذبا أنهم قد صلوا في رحالهم؟.
وإذا قرأنا في سورة المنافقين قوله عز وجل: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لآ يَفْقَهُونَ) ، علمنا إجابة السؤال السابق، أن المنافقين قد دخلوا في الإسلام حقا ثم كفروا لوقوعهم في إحدى شُعب الكفر التي سيأتي بيانها فيما بعد، وإذاً فإن هناك نوع آخر من النفاق غير الذي  نعرفه، وهذه الحقيقة غابت عن بعض مناهج التعليم في هذا العصر لانها مناهج  تعتمد في جزء كبير منها على تفسير أمور العقيدة بالرأي والعقل وتأويل اللغة وتنأى عن الاعتماد على كتاب الله عز وجل، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وفهم الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.
هذا، ولقد جمعت ما يسّره الله تعالى لي من آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وآثار السلف واجتهاداتهم في المسألة، فوجدتها ولله الحمد والمنة قد تطابقت واتفقت مع ما كنت أرجو من الوصول إلى حقيقة النفاق ، ولست أزعم أن جميع ما في هذه الدراسة صواباً فليس من معصوم إلا المصطفى صلوات الله  وسلامه عليه، فإذا صح شيء من هذا البحث فبتوفيق من الله عز وجل وما زل منه فمن نفسي ومن الشيطان واسأل الله عز وجل السداد في القول والعمل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
 
الفصل الأول
معنى النفاق في اللغة والشرع
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمة الله تعالي : لفظ النفاق قد قيل ، أنه لم تكن العرب تكلمت به ولكنه مأخوذ من كلامهم فإن نفق يشبه خرج ومنه نفقت الدابة: إذا ماتت -خرجت منها الروح- ، ومنه نافقا واليربوع (حيوان صحراوي يقوم بكتم احد جحريه ويظهر غيره ) ، والنفق في الأرض قال تعالى: (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)  ، فالمنافق هو الذي خرج من الإيمان باطنا بعد دخوله فيه ظاهراً، وقيد النفاق بأنه نفاق من الإيمان، ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة الملك نافقا عليه، لكن النفاق الذي في القرآن هو النفاق على الرسول صلى الله عليه وسلم، فخطاب الله ورسوله للناس بهذه الأسماء كخطاب الناس بغيرها وهو خطاب مقيد خاص لا مطلق يحتمل أنواعاًً . انتهى كلامه رحمه الله.
والنفق كما هو معلوم في عصرنا الحاضر هو سرب في الارض او الجبل له مدخل ومخرج، والإسلام هو الطريق الذي يسلكه من أسلم وإذا استمر فيه على شرع ومنهاج الله عز وجل ، فإنه يؤدي به إلى الإيمان ، ثم إلي الإحسان ، ثم إلي لقاء الله عز وجل في الجنة ، وهناك من يدخل الإسلام بالشهادتين، وقد يصلي، ويزكي، ويحج بيت الله الحرام ،ويصوم شهر رمضان، ولكنه يخرج من الإسلام عن طريق شُعب الكفر المعروفة في القرآن والسنة النبوية الشريفة ومنها: كفر الشك ،أو كفر الجحود، أو كفر الاستكبار، أو كفر الاستهزاء... إلى آخره، والصنف الأغلب والذي نحن بصدده هو كفر الشك في أحد أركان الإيمان الست وما يتعلق بها وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وهذه حالة النفاق التي وردت بشأنها أغلب الآيات القرآنية التي تحدثت عن النفاق، وأما النفاق الذي سببه التظاهر بالدخول في الإسلام خوفا من القتل أو السبي أو طمعا في مغانم المسلمين فقد وردت بشأنه آيات قليلة بالنظر إلى آيات النفاق كلها وسنستعرضها بالتفصيل في الفصول اللاحقة بإذن الله تعالى والله الموفق.
 
الفصل الثاني
نفاق الخوف من القتل أو السبي
وهذا النوع من النفاق يختص بمعظم المنافقين الذين كانوا يقيمون خارج المدينة فمنهم من أسلم في مكة ولم يهاجر إلى المدينة مع المقدرة على ذلك، ومنهم من أسلم من الأعراب حول المدينة وخارجها وهم الذين أظهروا الإسلام عند لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا رجعوا إلى قبائلهم عادوا الى الكفر، وإنما  أظهروه أمام المسلمين خوفا من القتل أو السبي وهؤلاء ، وأولئك نزل فيهم قول الحق تبارك وتعالى: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً. وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا. إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) ، تتحدث الآيات السالفة عن المنافقين خارج المدينة وتنهي المؤمنين عن موالاتهم، أو مصادقتهم حتى يحققوا إيمانهم المزعوم بالهجرة، والجهاد في سبيل الله ،وإذا أعرضوا عن ذلك فقد أمر الله عز وجل المؤمنين أن يأخذوهم ويقتلوهم حيث وجدوهم، ولا يستنصروهم ،ولا يستعينوا بهم حتى ولو بذلوا للمؤمنين الولاية والنصرة  ويستثنى من هؤلاء المنافقون الذين يلجأون إلى قوم عاهدوا المسلمين فدخلوا بينهم بالحلف، فحكمهم حكم أولئك في حقن دمائهم، كما يستثنى أيضا من القتل المنافقون الذين ضاقت صدورهم من قتال المسلمين وقتال قومهم من الكفار  والمشركين، فهم قوم ليسوا مع المؤمنين ولا عليهم، ومن لطف الله عز وجل بالمؤمنين أن كف أذاهم عن المسلمين، فإن لم يتعرضوا لقتال، وانقادوا أو استسلموا للمسلمين فليس للمسلمين أن يقاتلوهم ما سالموهم، وهذه الآيات ، قال في تفسيرها أبو السعود:هم قوم من أسد وغطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا من المسلمين فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا أو نكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم .
وأمثال هؤلاء إذا خرقوا عهدهم للمسلمين ولم يكفوا أيديهم عن قتالهم فان الله عز وجل أباح للمسلمين قتلهم لقيام الحجة الواضحة على غدرهم وخيانتهم.
وهذا النوع من المنافقين هو نوع مؤقت مثله كمثل نفاق الدخول في الإسلام للمنفعة وللكسب المادي، وخاصة بعد قيام دولة الإسلام ،وانتشار الدين فلا إكراه في دخوله لمن لم يدخله حقاً ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيميه عن هذا الصنف أن هؤلاء قد يحسن إسلام أحدهم فيصير من المؤمنين كأكثر الطلقاء [الذين أسلموا عند فتح مكة]، وقد يبقى من فساق الملة ومنهم من يصير منافقاً مرتابا،ً  أي يتحول إلى نفاق الشك والارتياب وهذا النوع الأغلب من النفاق  وموضوع هذا البحث والله من وراء القصد.
 
الفصل الثالث
نفاق الريبة والشك في القرآن الكريم
يمثل هذا النوع من النفاق أكثر المنافقين الذين ورد بشأنهم أغلبية الآيات القرآنية الخاصة بالنفاق، وكذلك الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين، وسبب استثناء هذه الفئة بهذا القدر الكبير في الشريعة الإسلامية ، أنها هي الفئة المستمر وجودها إلى يوم الدين، والتي أشرنا في الفصل السابق الى أن الأنواع الأخرى من النفاق يتحول إما إليها، أو إلى الإيمان، أو إلى الفسوق بمرور الزمن، وهذا الصنف هو الذي وردت فيه أول آيات النفاق في القرآن الكريم في سورة البقرة حيث يقول عز من قائل: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ. يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ. فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ. وَإِذَا لَقُواْ الَّذِين آمَنُواْ قَالُواْآمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ الى شياطينهمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ. اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ, أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ. مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ . أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ. يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، ثلاث عشرة آية نزلت في منافقي الريبة والشك وقد نزل قبلها أربع آيات في المؤمنين وآيتان في الكافرين، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على التنبيه إلى عظيم خطر وضرر المنافقين, كما يدل ذلك أيضاً على أن هذا القدر من الآيات لم ينزل في فئة محددة انتهت بانتهاء عصر النبوة، وإنما في فئة يمتد وجودها إلى قيام الساعة وفيما يلي تفسير الكلمات التي تظهر وتبين منافقي الريبة والشك.
1- العمه الوارد في كلمة يعمهون تعني التحير والتردد في الشيء قال الفخر: العمى عام في البصر والرأي والعمه في الرأي خاصة وهو التردد والتحير، لا يدري أين يتوجه .
2- قال البيضاوي رحمه الله في تفسير الآيات السالفة: هذا هو القسم الثالث المذبذب بين القسمين وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم وهم أخبث الكفرة، وأبغضهم إلى الله ولذلك أطال في بيان خبثهم وجهلهم واستهزائهم .
وفي الآيات السالفة بيان لجهل المنافقين، فظنهم أن مجرد نطقهم بالشهادتين وادعاء اليقين بالله واليوم الآخر، سيُكتب لهم النجاة كامتحانات الدنيا التي لا يشترط فيها التصديق والإيمان بالإجابة الصحيحة لأسئلة الامتحان، فهم يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك وما علموا أن الله عز وجل لا يخدع لأنه لا تخفى عليه خافية، وفي قوله تبارك وتعالى Sadوما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) أي لا يحسون بذلك، ولا يفطنون إليه لتماديهم في غفلتهم، ويُستفاد من ذلك أن عدم الشعور بالنفاق لا يعذر صاحبه عند الله عز وجل ، وفي قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) ، أي في قلوبهم شك ورجس فزادهم الله رجسا فوق رجسهم وضلالا فوق ضلالهم، قال ابن أسلم هذا مرض في دينهم وليس مرض في الجسد وهو الشك الذي اضلهم في الإسلام فزادهم رجسا وشكا  .
وفي قوله تعالى: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قال الفخر الرازي والتشبيه في الآيات في غاية الصحة لأنهم بإيمانهم أولا اكتسبوا نورا، ثم بنفاقهم أبطلوا ذلك النور وأطفأوه، ووقعوا في حيرة عظيمة لأنه لا حيرة أعظم من حيرة الدين لخسران انفسهم أبد الآبدين .
والمتدبر لقول الله عز وجل : (ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين) ، يتبين له أن الشك الحادث للمنافقين إنما هو حادث في وقوع يوم البعث والحساب ، فإنهم يقرون بوجود الله عز وجل، حالهم في ذلك الكفاروالمشركين الذين قال الله عز وجل فيهم  Sadوَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالآرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) .
فالمنافقون يعتقدون وجود الله عز وجل، ويشكون في يوم القيامة، وشكهم ذلك بمثابة النفاق الاعتقادي المؤدي الى الكفر بالله عز وجل ، ولذا كان اليقين باليوم الآخر، والاستعداد له هو الفيصل بين المؤمنين والمنافقين، كما سنفصل فيما بعد إن شاء الله.
وفي سورة آل عمران يقول الله عز وجل: (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ. وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) .
وما زلنا في سياق آيات القرآن الكريم التي تؤكد نوع النفاق القائم على الريبة والشك وتتحدث الآيات سالفة الذكر عن المنافقين الذين دُعوا الى القتال مع المسلمين في غزوة أحد وما أصاب المسلمين فيها بقضاء الله وقدره ليتميز المؤمنون من المنافقين كعبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه الذين تخاذلوا في يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجعوا، وكانوا نحواً من ثلاثمائة رجل ، فقال لهم المؤمنون: تعالوا قاتلوا المشركين معنا ، أو ادفعوا بتكثيركم سوادنا ، فقال لهم المنافقون لو نعلم قتالا لاتبعناكم ولكن لا نظن أن يكون هناك قتال، وهذا يرجع إلي شكهم في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وريبهم في أمر الآخرة، ولذا قال الله عز وجل بعدها مباشرة "هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان " أي بقولهم هذا  صاروا أقرب إلى الكفر منهم إلى الإيمان.
وفي سورة النساء يقول الله عز وجل: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُراءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً .مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) .
تؤكد الآيات سالفة الذكر حال منافقى الريبة والشك المتذبذب، وأن أعمالهم يشوبها التردد وعدم الإتقان، ولذا قال الله عز وجل Sadوإذا قاموا للصلاة قاموا كسالى)، أي يصلون وهم متثاقلون متكاسلون، ولم يأت بمعنى أنهم يتظاهرون بأداء الصلاة ، فيدل ذلك على أنهم يصلون فعلا، ولكن لشكهم في الثواب والعقاب، فإنهم يؤدونها بتردد وتكاسل ، كما أنهم يذكرون الله ولكن قليلا للسبب نفسه، ثم جاء قوله تعالى: (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا)، أي لا ينتسبون إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين نتيجة لشكهم في الإيمان بالله واليوم الآخر.
وفي سورة التوبة يقول الله عز وجل: (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ. إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) .
وتؤكد الآيات نفاق الريبة والشك في منافقى المدينة، ومعناها إنما يستأذنك يا محمد في عدم الخروج معك الى غزوة تبوك المنافقون الذين لم يثبت الإيمان في قلوبهم وشكّوا في ثواب الله  فهم يترددون حيارى لا يدرون ما يصنعون  .
 

الفصل الرابع
نفاق الريبة والشك في السنة النبوية
إن اليقين بثوابت الإيمان والعمل بموجبه هو الفيصل بين المؤمنين والمنافقين بل هو الفيصل بين الإيمان والكفر مصداقا لقول الله عز وجل : (قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّماَوَاتِ وَالأرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ. بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ) ،قال ابن كثير رحمه الله: هم شاكون في وقوعها ووجودها.
 وقال عز من قائل : (وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون) .
ولما كانت السنة النبوية الشريفة قد جاءت مؤكدة ومفصلة لآيات الله عز وجل فإننا سنورد من الأحاديث الصحيحة المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يؤكد ذلك ويرسخه في أذهاننا،قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثةً لا تسأل عنهم رجل ينازع الله إزاره ، وإزاره العز،ورجل في شك من أمر الله   والقنوط من رحمة الله  .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر الله له  .
 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المنافق كمثل الشاه العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيهما تتبع  .
وهذه الأحاديث توضح بجلاء أن المنافق ليس بالضرورة أن يكون  كافرا في الاصل ويتظاهر بالإسلام، بل إنه قد دخل الإسلام حقا ،ثم توقف عند الريبة والشك في أحد ثوابته فكان ذلك هو كفره (كفر الشك) فهو غير متيقن أي الفريقين على الحق.
قال النبي صلي الله عليه وسلم: ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريباً من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل , فأما المؤمن أو الموقن فيقول هو محمد رسول الله , جاءنا بالبينات والهدي فأجبنا وأمنا وأتبعنا هو محمد (ثلاثاً) فيُقال له نم صالحاً، قد علمنا أن كنت لموقناً به، وأما المنافق أو المرتاب ،فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته ، وفي حديث أخر بنفس بالمعني ، وفيه زيادة: يقال للرجل الصالح في قبره فيم كنت؟ فيقول كنت في الإسلام، فيقال له من هذا الرجل؟ فيقول محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله، فصدقناه، فيقال له :هل رأيت الله ؟ فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله ، فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له أنظر إلى ما وقاك الله تعالى ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلي زهرتها وما فيها فيقال له هذا مقعدك ويقال له علي اليقين كنت، وعليه مت، وعليه تُبعث إن شاء الله ويجلس الرجل السوء في قبره فزعاً مشعوفاً فيقال له: فيم كنت فيقول لا أدري فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول سمعت الناس يقولون قولاً فقلته فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له: أنظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضاً فيقال: هذا مقعدك, على الشك كنت،وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله، ثم يعذب  .
ومن هذه الأحاديث، وغيرها يتضح أهميه اليقين بالآخرة وما بها من حساب وعقاب، وجنة، ونار، وأن ذلك هو الفيصل بين المؤمن والمنافق.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بصلاة المنافق ؟ ان يؤخر العصر حتى اذا كانت الشمس كثرب البقرة - أي على وشك الغروب - صلاها1    
ويفيد هذا الحديث أن المنافق يصلي ولكن صلاته ينقصها الإتقان والأداء في وقتها مع الجماعة فهي إذن صلاة دون اليقين بجدواها نتيجة لشكه وارتيابه في ثوابت الإيمان. 
والاستمرار على ذلك الشك حتى الموت يحول بين صاحبه وبين النطق بكلمة التوحيد عند الوفاة مصداقاً  لقول الله عز وجل : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ).2

الفصل الخامس
النفاق مستمر إلى يوم القيامة
يعتقد الكثير من الناس أن النفاق قد زال بزوال عهد النبوة وهؤلاء الذين يفهمون النفاق على أنه الدخول في الإسلام خوفاً من السبي أو القتل أوطمعا في غنائم المسلمين، ولأن الناس في عصرنا الحاضر لا يرون جهادا، أو غزوا في سبيل الله، فإن النفاق الذي يفهمونه قد انتهي إلى يوم القيامة، وغاب عن أذهان هؤلاء أن الشك والريبة هما  سببا النفاق المستمر إلى يوم القيامة، و ها نحن نرى في عصرنا الحاضر ما يدل على ذلك من خلال المظاهر التالية:-
1- الاستهزاء والسخرية من اليوم الآخر.
2- الإهمال الشديد في أداء أركان الإسلام مثل الصلاة والزكاة والحج.
3- عدم الاهتمام بأمور الآخرة وتحري الحلال من الحرام.
4- عدم الاستعداد للرحيل من الدنيا، والاغترار بطول البقاء فيها.
5- عدم الاهتمام بعلوم الدين والعقيدة، والاكتفاء بما يدرس من مناهج التعليم.
والدليل على استمرار النفاق إلى يوم القيامة هو ما ورد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علامات الساعة والفتن التي ستقع قرب يوم القيامة ومنها قوله: فتنة الأحلاس هرب وحرب ، ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدم رجل من أهل بيتي يزعم أنه مني ، وليس مني وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ،ثم فتنة الدهماء لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة ، فإذا قيل انقضت تمادت ، ويصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافراً حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه ، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه حتى إذا كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو غده) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيميه مؤكداً استمرار النفاق: النفاق أنواع وشُعب كثيرة وليس نوعا واحد كما أن كثيراً من المتأخرين يغفلون عنها، وبهذا يظهر الجواب عن شبهات كثيرة تورد في هذا المقام ، فإن كثيراً من المتأخرين ما بقى في المظهرين للإسلام عندهم إلا عدل وفاسق، وأعرضوا عن حكم المنافقين -ظنا منهم أن عهد النفاق قد انتهي، ومضى زمنه- ،والمنافقون ما زالوا، ولا يزالون إلى يوم القيامة، والنفاق شُعب كثيرة وقد كان الصحابة يخافون النفاق على أنفسهم . وصدق القائل :
مازال فينا ألوف من بني سبأ               يؤذون أهل التقى بغيا وعدوانا
مازال لابن سلول شيعة كثروا            أضحى النفاق لهم سمتا وعنوانا
 
الفصل السادس
النفاق درجات
يعتقد كثير من الناس خطأ أن المنافقين هم صنف واحد ليس له أي علاقة بالمسلمين المؤمنين ، وهذا ليس صحيحاً علي إطلاقه، فالنفاق درجات، والايمان ايضا، وحينما يصل النفاق إلي أعلي درجة يكون الإيمان في أقل درجة والعكس صحيح، والمسلم قد يكون في قلبه إيمان ونفاق تختلف درجتهما باختلاف الفرد والمنافق المحض هو الذي بلغ النفاق فيه أكبر حد حتى تلاشي الإيمان لديه وانعدم، وهذا النوع من المنافقين الذي قلبه أسود، وهذا الذي يكون في الدرك الأسفل من النار، ولهذا كان الصحابة يخشون علي أنفسهم من النفاق ولم يخافوا التكذيب لله ورسوله، فإن المؤمن يعلم من نفسه أنه لا يُكذب الله ورسوله يقينا وهذا مستند من قال أنا مؤمن حقاً فإنه أراد بذلك ما يعلمه من نفسه من التصديق الجازم، ولكن الإيمان ليس مجرد التصديق بل لابد من أعمال قلبية تستلزم أعمالاًظاهرة كما تقدم فحب الله ورسوله من الإيمان وحب ما أمر الله به وبُغض ما نهي عنه وهذا من أخص الأمور بالإيمان.
ولذا أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم أن في أصحابه اثني عشر منافقاً منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل  في سم الخياط ، وهكذا كان فهم الصحابة رضوان الله عليهم، فقد رُوي عن حذيفه رضي الله عنه أنه قال: القلب أربعة، قلب أغلف فذلك قلب الكافر، وقلب مصفح ،وذلك قلب المنافق، وقلب أجرد فيه سراج يُزهر فذلك قلب المؤمن، وقلب فيه إيمان ونفاق فمَثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل النفاق مثل قرصة يمدها قيح ودم فأيهما علا عليه غلب  .
وهذا الذي قاله حذيفة رضي الله عنه موافقاً لقول الله عز وجل: (هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ)  ، فقد كان مثل ذلك فيهم نفاق مغلوب فلما كان يوم أحد غلب نفاقهم فصاروا إلي الكفر أقرب.
كما رُوى عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إن الإيمان يبدو لمظة بيضاء في القلب فكلما ازداد العبد نفاقاً ازداد القلب سوءاً، حتى إذا استكمل النفاق اسود القلب، وايم الله لو شققتم عن قلب المؤمن لوجدتموه أبيض، ولو شققتم عن قلب المنافق والكافر لوجدتموه أسود، وقال ابن مسعود: الغناء  ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، ولهذا قال يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان فعُلم أنه من كان معه من الإيمان أقل القليل لم يخُلد في النار، وإن كان معه كثير من النفاق فهو يعذب في النار علي قدر ما معه من ذلك ثم يخرج من النار.
لهذا فإن واجب كل من دخل في الإسلام الخوف علي نفسه من النفاق أسوة بأصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهم من خير البشر، فقد روي عن الحسن رضي الله عنه قوله عن النفاق : ماخافه الا مؤمن ولاأمنه الا منافق، كما قال أيضا : ما مضى مؤمن قط ولا بقى الا وهو من النفاق غير آمن، وما مضى منافق قط، ولا بقى الا وهو من النفاق آمن، وروي البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكه قال أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق علي نفسه ما منهم أحد يقول: إيمانه كإيمان جبريل.
الفصل السابع
الصفات القولية والفعلية للمنافقين
الاول: خُلف العهد مع الله عز وجل:-
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: آيه المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان،  وفي رواية لمسلم وإن صام وصلي، وزعم إنه مسلم وأغلبية  الناس يطبّقون هذا الحديث فقط علي معاملات البشر بعضهم لبعض وينسون أن يطبقوه علي علاقة البشر بربهم، وإن من أكبر أنواع الكذب وخُلف الوعد، وخيانة الأمانة هو نقض عهد الله وميثاقه، وعدم الإذعان لأوامره، فإن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، تلزم كل من أتي بها أن ينفذ ما أمره الله ورسوله به، وأن ينتهي عن ما نهي الله ورسوله عنه قال تعالي:  (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ. وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ. أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ. إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)  ، قال الفخر الرازي رحمه الله: نبّه الله تعالي علي إنهم إنما يُعرضون متي عَرفوا أن الحق لغيرهم أما إذا عرفوه لأنفسهم عدلوا عن الأعراض وأذعنوا ببذل الرضا ، وما النفاق إلا عقاب من الله عز وجل لكل من أخلف عهده معه قال تعالي: (وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ. فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ. فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ). 
الثاني: التكاسل عن أداء الصلاة وحضورها مع الجماعة:-
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أثقل الصلاة علي المنافقين صلاه العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حِزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من سره أن يلقي الله غداً مسلماً فليحافظ علي هذه الصلوات حيث ينادي بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدي، وإنهن من سنن الهدي، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلي مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف.
الثالث: الاعتماد علي سعة رحمة الله عز وجل دون تقديم العمل الصالح:-
قال الله تعالي: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ. يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ. فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ،  قال قتادة: مازال –المنافقون- على خدعة من الشيطان حتى قذفهم الله في نار جهنم،  وقال المفسرون الغرور بفتح الغين الشيطان لأنه يغر ويخدع الإنسان قال تعالي: (فلا تغرنكم  الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً).
الرابع: الإعراض عن الاستغفار والتوبة:-
يظن المنافقون أنهم لم يفعلوا ذنوباً تستوجب التوبة والاستغفار منها، وهذا أيضاً من الاغترار والجهل بأسماء الله وصفاته، فكما أنه جل شأنه غفور رحيم، فإنه شديد العقاب لمن استهان بعذابه، ويؤكد ما سبق قول الله عز وجل عنهم: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون)، أي إذا قيل لهؤلاء المنافقين هلموا إلي رسول الله حتى يطلب لكم المغفرة من الله عز وجل حرّكوا رءوسهم استهزاءاً واستكباراً معرضين عما دعوا إليه ،وقال تعالي عنهم أيضاً: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا)،  وقد رُوي عن عبد الله ابن مسعود أنه قال: (المؤمن يري ذنبه كالجبل يخاف أن يقع عليه، والمنافق يري ذنبه كذباب وقع علي أنفه فقال به هكذا)،أي ذبّه وطيره بحركة يديه، رواه البخاري.
الخامس: قلة ذكرهم لله عز وجل:-
إن المنافقين يشكّون في جدوى ذكر الله وفي مكانته عند الخالق عز وجل، ولقد قرر رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن الدعاء هو العبادة  في أكثر من حديث صحيح، وأفضل الدعاء الذكر, قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفضل الذكر: لا إله إلا الله وأفضل الدعاء: الحمد لله،  وسبب قلة ذكر المنافقين لله عز وجل أنهم سلموا قيادهم للشيطان، ولأنفسهم الأمارة بالسوء فأوصلهم ذلك إلي نسيان ذكر الله عز وجل قال تعالي عنهم: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ، أي استولى علي قلوبهم وتملك نفوسهم حتى أنساهم أن يذكروا ربهم ويستنيروا بشرعه في حياتهم.
السادس: عدم فهمهم للقرآن ،وعدم تدبرهم له:-
إن من نتائج الشك في اليوم الآخر، ونكث عهد الله ورسوله في عدم طاعتهما ،هو أن الله عز وجل قد أنزل عقوبته علي المنافقين فجعلهم في غشاوة  مستمرة إلي  يوم البعث والحساب، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالي: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا. وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا)  .
إذا فالمنافق يمكن أن يقرأ القرآن أو يُقرأ عليه ولكنه لا يعمل بموجبه بسبب الغشاوة التي تمنعه من فهمه وتطبيقه ، لذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر –المنافق- الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ،ومثل الفاجر –المنافق- الذي لا يقرأ القرآن مثل الحنظله طعمها مر ولا ريح لها  .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: إن من المنافقين من يصدق أنه كلام الله وأن الرسول حق ولا يكون مؤمنا،كما أن اليهود يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وليسوا بمؤمنين، وكذلك إبليس، وفرعون ،وغيرهما، لكن من كان كذلك لم يكن  حصل له العلم التام والمعرفة التامة، فإن ذلك يستلزم العمل بموجبه لا محالة.
السابع: عدم إيمانهم بقضاء الله وقدره وسقوطهم عند المحن:-
إن الإيمان بالقدر خيره وشره هو أحد أركان الإيمان الذي لا يتم إيمان المسلم إلا بها،فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لو أن الله عذّب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ،وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت علي غير هذا لدخلت النار ، والمنافقون يعبدون الله علي حرف ويسقطون من أول محنة يتعرضون لها قال تعالي: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)  ، قال الحسن رضي الله عنه: هو المنافق يعبد الله بلسانه دون قلبه ، وهذا حال كثير من منافقي هذا الزمان إذ أنهم إذا أنعم الله عليهم بالمال والخير الوفير شكر في الإسلام وأشاد به، وإن أصابته فاقة في المال والولد تهجم علي الدين وأهله، ولجأ إلي معصية الله ورسوله ،فحاله حال من قال الله تعالي فيهم: (فَأَمَّا الاِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) ، وحالهم حال من قال الله تعالي عنهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ. وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)  .
الثامن: السخرية والاستهزاء بالمؤمنين:  
قال تعالي: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزءُونَ. لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ)  .
قال الطبري: بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك وبين يديه ناس من المنافقين فقالوا: انظروا إلي هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه فأتاهم فقال: قلتم كذا وكذا فقالوا يا نبي الله إنما كنا نخوض ونلعب فنزلت الآية، ثم كشف أمرهم، وفضح حالهم وفي رواية أخرى قال المنافقون: ما رأينا مثل قراؤنا هؤلاء (أي رسول الله صلي الله عليه وسلم  وأصحابه) ،أكذب ألسنا ولا أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء، فنزلت الآيات سالفة الذكر والمنافقون في كل زمان ومكان معروفون باستهزائهم بالمؤمنين الملتزمين بشرع الله عز وجل وكذلك استهزاؤهم في ثوابت وأركان الإيمان مثل الجنة والنار لأنهم لا يدركون أن تلك الأركان واقعة لا محالة وأن استهزاءهم بها مسجل عليهم، وستشهد عليهم أسماعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يفعلون.
التاسع: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف:-
سبق أن ذكرنا بأن المنافقين قد استحوذ عليهم الشيطان وقبلوا سيطرته علي عقولهم، وقلوبهم إتباعا لشهواتهم وتصوروا أن الحدود التي فرضها الدين قيودا علي حرياتهم وتصرفاتهم فانقلبت معايير الأمور لديهم، فأصبح المعروف لديهم منكرا، والمنكر معروفا، قال الله عز وجل فيهم Sadالْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) ، ولأن المنافقين يحبون المنكر، ويكرهون المعروف، فإنهم يكرهون ظهور الحق واستعلائه علي الباطل مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالي:  (لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ).

العاشر: موالاة الكفار من دون المؤمنين:-                                  
إن المنافقين لا يثقون في وعد الله بتمكين المؤمنين في الأرض مصداقاً لقوله تعالي: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)،  وغالبا  يكون المؤمنون الاقل في القوة المادية من أعدائهم ويعتمدون في مواجهاتهم لأعدائهم بعد أخذ الأسباب ،علي تأييد الله عز وجل ونصره لهم، كما يشهد بذلك تاريخ المسلمين منذ الهجرة النبوية الشريفة إلي المديتة المنورة ، إلى انتشار الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ولكن المنافقين لا يؤمنون بغير الماديات، وتبهرهم القوة المادية، ولا يقيمون للإيمان بالله تعالي، واليقين بنصره للمؤمنين وزنا مصداقا لقوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) ، ولذا فإنهم يوالون الكفارالأقوى ماديا اعتقادا منهم بأن العزة في موالاتهم والانحياز إلي صفوفهم قال عز وجل: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا) .
الحادي عشر: حرصهم علي المكاسب الدنيوية العاجلة وزهدهم في مكاسب الآخرة:-
قال تعالي: (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) .
 ذكر الله عز وجل موقف المنافقين المثبطين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ويبين لنا أنه لو كان سفرا قريبا سهلا لخرجوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم ليخرجون لوجه الله بل طمعاً في الغنيمة، ولكن بعدت عليهم الطريق والمسافة الشاقة ،ولذا اعتذروا عن الخروج وسيحلفون للمؤمنين معتذرين بأعذار كاذبة بأنهم لم يقدروا علي الخروج بسبب هذه الأعذار، ولكن الله عز وجل أبطل  دعواهم وفضح كذبهم حيث أنهم كانوا يستطيعون الخروج ولم يخرجوا، ورد الله عز وجل هذا السبب إلي شكهم وترددهم وهذا هو مرضهم الذي لازمهم حتى أوردهم موارد الهلاك ،ومثل هذا الطبع والصفة تتكرر مع المنافقين في كل زمان ومكان، فتجدهم يزهدون اشد الزهد في طاعة الله وبذل الجهد والمال في سبيل الله ،  بينما هم لا يفرطون في مكسب مادي سيزول حتما، إما بانقضاء حياتهم الدنيوية،أوبنفاذه كما ينقذ زاد المسافر، ويبذلون من أجله الجهد والعرق وربما يهلكون أنفسهم من أجله، ولقد أكد ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: أثقل الصلاة علي المنافقين صلاه العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، فالتقاعس عن الطاعات سمة ملازمة لهم .
الثاني عشر: التحاكم إلي غير شرع الله تعالي:-
إن شرع الله عز وجل لا يجامل ولا ينحاز إلي فئة دون فئة، فهو الحكم العدل والميزان الحق، والمنافقون يكرهون التحاكم إلي شرع الله لأنه يتعارض مع أهوائهم، وشهواتهم الدنيوية، وعادةً ما يشككون في جدوى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ويتحججون بكثرة الفساد في المجتمع ،وأنه في حال تطبيق الشريعة الإسلامية، فإن القصاص سينال أغلبية الناس، ونسوا أو تنا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://just.ahlamontada.com
 
حقيقة النفاق وأنواعه في ضوء الكتاب والسنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دعاء من الكتاب والسنة
» الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن والسنة كتاب الكتروني رائع
» صفات أهل الكفر و أهل النفاق.mp3
» الحجاب الشرعي وحجاب النفاق
» الرقية الشرعية من القرأن والسنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.just.ahlamontada.com :: just_f _ المنتديـــــــــات :: just_f _ المكتبــة الاسلاميــة-
انتقل الى: