Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: خطورة الفرقة والتباغض السبت يونيو 22, 2013 10:10 pm | |
| [rtl] خطورة الفرقة والتباغض [/rtl] [rtl] [/rtl] [rtl] [/rtl] [rtl] الحمد لله الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، والذي أخرج المرعى ، أحمده سبحانه حمد الشاكرين ، وأشكره شكر الحامدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خير الخلق أجمعين ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، وألزموا أنفسكم طاعة ربكم ، فهي المنجية ، وهي الموجبة ، قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " . أيها المسلمون : كم كانت الأمم والشعوب قبل البعثة المحمدية ، تغط في ظلم عميق ، وتغوص في جهل سحيق ، في ظلمات ظلماء ، وجاهلية جهلاء ، [/rtl] [rtl] لقد سادت في تلك الحقبة من الزمن أموراً وعاداتٍ ظالمة قاسية باطلة ، أثرت سلباً على مجريات الحياة إبان ذاك ،[/rtl] [rtl] فهضمت الحقوق ، وسلبت الأموال ، وانتهكت الأعراض ، وقتلت الأنفس ، وسادت الحزبية القبلية الجاهلية ، وكثر الخصام ، وانعدم الوئام ، وزادت مساحة النفاق ،[/rtl] [rtl] واتسعت رقعة الشقاق ، فعمت الفوضى ، وكثرت اللأوى ، فرحم الله البشرية بأن أرسل إليهم أفضل البرية ، محمداً صلى الله عليه وسلم ،[/rtl] [rtl] ليخرجهم من ظلمات الجهل ، إلى نور العلم ، فقضى على معالم الوثنية ، وأبطل عادات الجاهلية ، واجتث جرثومتها ، واستأصل شأفتها ، فتاقت النفوس لهذا الدين الإسلامي العظيم ، [/rtl] [rtl] الذي حفظ للناس كرامتهم ، وصان أعراضهم ، وحصن فروجهم ، ووحد صفوفهم ، وأعطى كل ذي حق حقه .[/rtl] [rtl] قال تعالى : " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين *[/rtl] [rtl] قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " . أيها المؤمنون عباد الله : مما انتشر في بلاد المسلمين ، من أمور محرمة ، والتي هيأت لها بعض النفوس بالتمكين ، وعمل لها الشيطان الرجيم ، ظهور الحقد والغل وانتشار الكراهية والبغضاء بين الناس ، فساد مجتمعات المسلمين القطيعة والشحناء ، وعمت بها ربوع كثير من البلاد ، فأصبحت القلوب في ضيق ونكد ، وفي تعب ونصب ، لقد أصبح الابن يبغض أباه ، والأخ يكره أخاه ، والقريب يظلم قريبه ، والجار يكيد لجاره ، وكل ذلك بسبب أطماع دنيوية دنيئة ، من أجل حفنة من تراب ، أو شبر من خراب ، من أجل قطعة من أرض ، أو بضعة من غرض ، إن مثل تلك العادات يمقتها رب الأرض والسموات ، يقول الله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " ، لقد قطعت أواصر المحبة والمودة بين الناس ، بسبب تلك الأطماع ، وبسبب حب الدنيا وزينتها وزخرفها وبهرجتها ، ولقد مزقت وشائج صلة الأرحام ، بسبب حب الأرض وما فيها من دمار ، يحسبون أنهم سيخلدون في هذه الحياة ، والله من فوق سبع سموات قال لهم : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " ، ولقد حذر المولى جل وعلا من الركون إلى الدنيا ، أو اتخاذها وطناً وسكناً ، وأنها غادرة ما كرة ، فقال تعالى : " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون " ، هذا هو الجزاء الأوفى لمن ركن إلى الدنيا ، ورضيها من دون الأخرى ، أن يكون مصيره إلى النار والعياذ بالله .
أيها المسلمون : إن الإسلام يدعو أهله إلى الألفة والمحبة والمودة ، وتقوية الأواصر ، والتفاني من أجل خدمة المسلم لأخيه المسلم ، والتواضع لله ولعباده ، فمن تواضع لله رفعه ، ومن تعاظم على الله وضعه ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره ، بل كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ، هكذا جاء على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ويقول ربكم تبارك وتعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " ، وقال عليه الصلاة والسلام : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، وشبك بين أصابعه " [ متفق عليه ] ، فأين تطبيق تلك الآيات ، وأين العمل بتلك الأحاديث الكريمات ، أم أننا نسمع ولا نعقل ؟ أم أننا ننصت ولا ندرك ؟ أين المحبة اليوم ؟ أين الإيثار اليوم ؟ أين الاخوة اليوم ؟ ، قال صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [ متفق عليه ] ، لقد تباغض الناس ، لقد تلاعن البشر ، لقد حمل الجيران على بعضهم حقداً دفيناً ، وامتلأت قلوب الأرحام كرهاً عظيماً ، ما الأسباب ؟ وما الدوافع ؟ وما النتائج ؟ أما الأسباب والدوافع ، فهو الوهن ، والوهن : هو حب الدنيا وكراهية الموت ، كما صح الخبر عن نبي البشر [ رواه أبو داود ] ، وأما النتائج ، فلا يرفع لهم دعاء ، ولا يقبل لهم عمل ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال انظروا هذين ، حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا " [ رواه مسلم والأربعة وغيرهم إلا النسائي ] ، فيالها من خسارة فادحة ، ومصيبة عظيمة ، ونكبة كبيرة ، أن لا يرفع للإنسان عمل حتى يصفو قلبه على أخيه المسلم ، فلماذا لا تصفوا النفوس إذاً ، ولماذا لا تسموا القلوب أبداً ، ما أعظم أن يموت الإنسان ، ويقوم على جنازته مئات المسلمين للصلاة عليه ، وما أجمل أن يموت الإنسان ويقوم على قبره مئات المسلمين لدفنه ، الكل يسعى للصلاة عليه ، والكل يتسابق لدفنه ، والكل يدعو له بالمغفرة والرحمة ، والكل يذكر محاسنه ويكف عن مساوئه ، كل هذا بسبب حسن الخلق ، والتواضع لله ولعباده ، والتغاضي عن بعض التعديات ، والصفح عن الزلات ، ومغفرة الهفوات ، أما من كان سيئ الخلق ، كثير الشكاوى والدعاوى ، لا يعفو ولا يصفح ، ولا يتنازل ولا يقدر ، فهذا إذا مات هرب الناس عن جنازته ، وابتعدوا عن قبره ، وأصابته اللعنة ، وأدركته الحسرة ، ولا يندم على موته إلا هو ، ولا يتحسر على فقده إلا هو ، فلا يذكر إلا بشر ، بل لا يريد أحد أن يتذكره ، فلا يُدعى له بالرحمة ، ولا تطلب له المغفرة ، فهذان ، كما جاء في الحديث ، " مرت جنازة أمام النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه ، فأثنوا عليها خيراً ، فقال : وجبت ، ثم مرت جنازة أخرى ، فأثنوا عليها شراً ، فقال : وجبت ، قال عمر بن الخطاب : ما وجبت ، فقال صلى الله عليه وسلم : " الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة ، والأخرى أثنيتم عليها شراً ، فوجبت لها النار ، أنتم شهداء الله في الأرض " [ رواه البخاري ] . فاتقوا الله عباد الله وحسنوا خلقكم وأخلاقكم ، وابتعدوا عن الإضرار بالمسلمين ، وإياكم والإساءة إلى الجيران أو الإخوان والخلان ، أما ترضون بجنة خازنها رضوان .
عباد الله : أيعقل أن يتقابل اثنان ولا يسلم أحدهما على الآخر ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " [ رواه مسلم ] ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " [ رواه أبو داود ] . أيقبل من اخوة وأسرة التنافر والتباغض ؟ أيقبل منهم الكراهية والشحناء ، إنها أموراً منكرة ، وعادات سيئة ، فالدين لا يأمر بذلك ، والعاقل لا يرضى بذلك ، وضررها على الفرد والمجتمع ، إن تلك الأعمال الغوغاء ، والأفعال الهوجاء ، وكثرة القيل والقال ، وإفساد ذات البين بين المسلمين ، والفرح بإيقاع العداوة بينهم ، ليست من الدين في شيء ، وليست من العقل في شيء ، بل هي أقرب إلى عادات الجاهلية ، وأقرب إلى مسالك أهل النفاق والشقاق ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لمسلم أن يصارم مسلماً فوق ثلاث ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما ـ أي تقاطعهما ـ وإن أولهما فيئاً يكون كفارته عند سبقه بالفيء ، وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة جميعاً أبداً ، وإن سلم عليه فأبى أن يقبل تسليمه وسلامه ، رد عليه الملك ، ورد على الآخر الشيطان " [ الإرواء 7/95 ، والصحيحة 1246 ، والأدب المفرد 158 ] .
عباد الله : احذروا كل الحذر من الفرقة والتباغض ، وابتعدوا عن التنافر وكثرة الشكاوى وإزعاج السلطات بأمور دنيوية تافهة ، أو لرأي إنسان يريد الإفساد لا الإصلاح ، من كانت له على أخيه ملاحظة ، أو رأى منه زلة وهفوة ، أو لمس من خطأ وجفوة ، فلا يعني ذلك أن يحمل عليه في صدره كرهاً وبغضاً ، وليس معنى ذلك أن يتقدم ضده بخصومة أو شكوى ، وليس معنى ذلك أن يؤلب الناس عليه ، أو يثير الفوضى ، فيكثر الهلكى ، بسبب أمر كان من الممكن أن يتدارك بالنصيحة الأخوية ، وبالمشورة والروية ، وبالتسامح والعفو والإحسان ، وغض الطرف عن المشكلات ، وإيجاد الحلول المناسبة لها ، دون اللجوء إلى حقوق جاهلية ، أو أكل للأموال بالباطل ، حتى يتدارك الخطأ ، وتمنع الزلات ، وتقال العثرات . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار : ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم . الخطبةالثانية الحمد لله كثيراً كما يجزل كثيراً ، والشكر لله كثيراً كما ينعم كثيراً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رباً براً كريماً ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبياً رؤوفاً رحيماً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . فالدنيا جنة الكافر ، وسجن المؤمن . أيها الأخوة في الله : في معترك هذه الحياة ، وفي هذا الخضم ومن بين أمواج هذا البحر المتلاطم ، يجب التذكير بالحديث عن إصلاح ذات البين بما يذهب وغر الصدور ويجمع الشمل ويضم الجماعة ويزيل الفرقة ، المصلحون والساعون في الإصلاح رجال نبلاء شرُفت نفوسهم وصفت قلوبهم وصحت عزائمهم وأشرقت ضمائرهم ، حريصون على حفظ الأسرار ، متنزهون ومبتعدون عن الرغبة في غلبة طرفٍ على آخر ، راغبون في خير الجميع ، إنهم ذووا مروءات فضلاء ، فالله أكبر يا عباد الله يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين اثنين صدقة " [ رواه مسلم وابن حبان وابن خزيمة وغيرهم ] ، قال تعالى : " لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " . وأخرج أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة " قالوا : بلى يا رسول الله قال " إصلاح ذات البين ، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة " وفي بعض الروايات قال : " هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين " .
[/rtl] [rtl] [/rtl] | |
|