Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: أهم وأخطر كتاب عن القات ودوره في الحياة السياسية في اليم الإثنين ديسمبر 17, 2012 6:38 pm | |
|
|
| | صدر في يونيو العام الحالي 2012 كتاب بالألمانية والانجليزية للباحث بيير جاتر Peer Gaater، بعنوان سياسة القات "Politics of Qat" دور القات في حكم اليمن، لعله أهم كتاب على الاطلاق عن هذه النبتة الخبيثة ودورها في حياة اليمنيين، جاء صدوره متزامناً مع الثورة اليمنية التي تعيشها اليمن ولا تزال منذ ثورة الشباب السلمية التي جاءت لتغيير وتصحيح مسار تاريخ اليمن لبناء دولة مدنية ديمقراطية تتجاوز كل سلبيات الماضي البغيضة، بما فيها "القات".
"قليلة ?ي المنشورات التي تتحدث عن اليمن وتغفل عن ذكر ظا?رة القات. من بين فيض الكتب والمقالات المكرسة ل?ذا العقار ثمة عدد لا يست?ان به من?ا يناقش مسالة ما اذا كان القات في الواقع ?و نوع من انواع "المخدرات". فحتى اليوم يتم تباحث ?ذه المسالة المثيرة للجدل داخل الاتحاد الأوروبي: ف?و محظور في المانيا وجايز قانوناً في بريطانيا العظمى بينما تجري حالياً في ?ولندا مداولات ساخنة حول فرض حظر محتمل على القات. الم يغدو كل شيء معلوم الآن عن ?ذه المادة التي تشكل الحياة اليومية لليمن واليمنيين الى حد كبير اكثر من اية اشياء عديدة اخرى. إذا ما امعنا في تحليل الأدبيات الخاصة بالقات سنكتشف اننا على اطلاع كبير جداً عن القات من حيث التاريخ، وعلم الصيدلة، والكيمياء الحيوية، والتاثيرات الصحية، فضلاً عن الجوانب الاجتماعية المتعلقة به. ومع ذلك وعند استعراض ?ذه الأدبيات سنكتشف بالتالي ان القليل معروف حتى الآن عن القات من حيث الاقتصاد نا?يك عن السياسة. ان البعد السياسي ل?ذه الظا?رة ?و موضوع محوري قد تم تجا?له بشكل كامل تقريباً حتى الآن من ِقبل البحث العلمي: فباي شكل يعتبر القات اداة من ادوات السلطة بالمعنى السياسي للكلمة؟ يقدم بيير جاتر طي ?ذا الكتاب عمل رايع مستند على معرفته المكثفة بالموضوع: فقد عاش في اليمن لسنوات عديدة على ?امش عمله في الأمم المتحدة والبنك الدولي وكمستشار في عدة وزارات يمنية وعضو في لجان دولية، جمع على اثر ذلك مادة مثيرة للإعجاب عن القات تمحورت مراجع?ا دوماً على الرصد التشاركي والمسوحات الميدانية المتعددة. بذلك اكتسب جاتر روى عميقة عن العمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تحيط بقضية القات والتي بقت حتى الآن محجوبة حتى عن اعين الخبراء في شوون المنطقة. لقد تمكن بيير قاتر من الحصول على المواد التي تفتح افاقاً جديدة تماماً على "ظا?رة القات". لقد ا ْضفَت الحركات الثورية، التي احكمت قبضت?ا في اليمن على مدى العام الماضي على ?ذه الدراسة المزيد من الأ?مية ووثاقة الصلة، حيث لعبت مسالة القات دوراً مركزياً في ?ذا السياق، اذ يمكن فعلاً القول من دون تردد: ان المناورات على السلطة، والفساد، والمحسوبية، والنظام السياسي المشخصن في اليمن، يصبح قابلاً للف?م فقط عندما يتم اخذ عامل القات على نحو مناسب في الاعتبار. وفي ?ذا الصدد، فان ?ذا العمل الذي بين ايدينا يشكل حافزاً نحو ادراك اعمق للكيفية التي يتفاعل ب?ا المجتمع اليمني. ليس فقط من خلال استخلاص المعرفة السابقة عن القات، ولكن ايضا بتزين?ا بمكوِّن م?م للغاية – الا و?و البعد السياسي." كانت تلك ما كتبته دار "?ورست كوب" للنشر في مدخل الكتاب. يقول الباحث: "ان ما كُتب حول عادة مضغ القات ودور?ا الاجتماعي وتاثير استخدام القات على الصحة ?ي ادبيات جديرة بالإعجاب الى حد كبير، وعليه ف?ذا الكتاب لا يسعى للتكرار بل يقوم بالتركيز على دور القات في السياسة المتعلقة باليمن المعاصر والمنطقة بشكل اوسع – و?و موضوع قد تم تجا?له تماما حتى الآن. ان استعراض سياسات القات والأحداث الاقتصادية خلال العقود الماضية ستُظ?ر كيف ان الحكومات اليمنية المتعاقبة تنب?ت واستخدمت القات بشكل متزايد كاداة من ادوات السياسة وسوف توضح ايضا ان اجراءات الحكومة تجاه الَعقار ليست بدافع الرغبة الحقيقية للإصلاح او لمصلحة تخليص المجتمع اليمني من مفسدة اجتماعية، بل تتمثل ُجل دوافع?ا في الحاجة الى حشد الموارد المالية والرغبة في السيطرة الاجتماعية والاستقرار السياسي. فالقات السياسي – كما تقترح الدراسة – اصبح وقبل كل شيء جزء من استراتيجية شاملة لاستجلاب الريع توظف?ا النخبة الحاكمة في اوقات الأزمات الإيرادية بغية تدعيم احتكار الدولة للسلطة والحفاظ على شبكت?ا الواسعة من المحسوبية. ان ارتباط القات بالسياسة منذ سبعينات القرن الماضي يمثل نوع من الصفقة السياسية بين النظام الحاكم والقبايل، الأمر الذي يفسر موقف الحكومة المتسا?ل بل والمويد في معظم الأحيان تجاه العقار." ولعل هذا البعد الخطير هو من إهمال محاور التي يتناولها هذا الباحث، والذي يلقي الضوء على دور "النظام السابق" في اعتماد سياسات دفعت إلى انتشار زراعة القات على النحو الخطير، وتحديداً بعد الوحدة في عام 1990، ويروي قصصاً حول كل ما ارتبط ببناء العلاقات والولاءات في طول اليمن وعرضها، التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت اليه. وقد حرص الباحث المؤلف، الذي عاش في اليمن طويلاً، مشكوراً، وفي بادرة تعكس تقدير عالي منه لليمن واليمنيين، على نشر تم?يد باللغة العربية نورده كما هو فيما يلي: تمهيد المؤلف القات (Catha edulis Forsk) ?و المنشط النفساني الذي يُزرع في كثير من المناطق المرتفعة من شرق افريقيا، بدءاً من جنوب السودان مروراً باثيوبيا وكينيا ومدغشقر والترانسفال. ويزرع ايضاً على الجانب المقابل للبحر الأحمر في المرتفعات الغربية لليمن، وعلى جبال عسير وجيزان في المملكة العربية السعودية. وفي حين ينظر اليه باعتباره من المخدرات في معظم الدول العربية، وكذلك في العديد من الدول الغربية، الا انه لا يوجد في اليمن حتى اليوم تشريع قابل للتطبيق للسيطرة على زراعته واست?لاكه او المتاجرة به. تُزرع ?ذه الشجرة العنيدة التي تشت?ر لدى المزارعين بمقاومت?ا للجفاف. وفقاً لإحصاءات رسمية على 12% من اراضي اليمن الزراعية، وتغطي 153,500 ?كتار في عام 3.2009 ومع ذلك يعتقد عدد من كبار الباحثين اليمنيين ان الرقم الفعلي قد يصل الى الضعف. وفي بعض المناطق المرتفعة من اليمن يشارك اكثر من 90% من المزارعين في زراعة القات. حيث تحتل زراعة ?ذا العقار ما يربو على 80% من الأراضي المزروعة. ووفقا للتعداد الزراعي لليمن لعام 2003 فان ?ناك 494,000 من ملاك الأراضي يزرعون القات في المناطق الجبلية و?ذا يشكل 43.6%من مزارعي البلاد يمثلون 3.9 مليون فرد اذا اُعتبر ان متوسط عدد افراد عايلة من المزارعين اليمنيين يصل الى اقل بقليل من ثمانية افراد. يستحوذ القات على 6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وعلى ثلث اجمالي الناتج المحلي الزراعي. حيث يشكل في المتوسط نسبة 10%من نفقات الأسر اليمنية لكن الإنفاق ذو الصلة بالقات قد يصل الى ما يقرب من 30% لدى الأسر الفقيرة. وبينما يوفر قطاع القات فرص عمل لواحد من بين سبعة عمال يمنيين، يشارك في العاصمة صنعاء وحد?ا نحو 13,000 شخص في بيع ?ذا العقار. في المتوسط ثمة 72% من الرجال اليمنيين و33% من النساء فوق سن الـ12 من العمر يمضغون الأوراق المريرة لنبتة القات، حوالي 42% من المست?لكين الذكور يمضغونه بمعدل خمسة الى سبعة ايام في الأسبوع يظ?رون بذلك علامات التعود الإلزامي. ان القات ?و المحصول النقدي السايد والدعامة الأساسية لاقتصاد البلاد في المناطق الريفية، لذا فان الدخل الذي يولّده القات يثني الناس في كثير من المناطق المرتفعة في اليمن عن التوجه نحو المدن من اجل البحث عن عمل. تعتبر شبكة توزيع القات بلا شك الأكثر تقدما في البلاد في حين ان ?ناك عدد قليل من القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تتميز بمثل ?ذا المستوى من التنظيم. لكن القات يستنزف ايضا موارد المياه الشحيحة، ويس?م في تد?ور التربة ومزاحمة انتاج المحاصيل الغذايية الأساسية والصادرات الزراعية. لقد توسعت المنطقة الواقعة تحت ?يمنة القات بما يقرب من 20 ضعف خلال العقود الأربعة الماضية، مزيحاً بذلك المنتجات القابلة للتصدير كالبن والفواكه والخضروات والذرة والقمح. وبذلك انحسرت صادرات المحاصيل النقدية مثل البن في حين تعاظمت واردات الغذاء نتيجة للاكتساحات التي صنع?ا القات داخل الاقتصاد الريفي. ان است?لاك القات والنفقات المتعلقة به تس?م أيضا في الفساد وسوء التغذية والفقر وتفكك الأسر. وبالنسبة للمنتجين والمست?لكين على حد سواء، يُنظر للقات باعتباره واحد من المخاطر الصحية الرييسية في اليمن، ويرجع ذلك اساسا الى الاستخدام غير المنظم للمبيدات في زراعته. نظراً للأ?مية الاقتصادية للقات فانه من غير المستغرب ان تكون الضرائب الناجمة عن انتاج وبيع ?ذه النبتة جديرة بالاعتبار، بل وتشكل المصدر الرييسي للدخل المحلي لمحافظات كثيرة ولإدارات المديريات. يسا?م قطاع القات في ايرادات الحكومة باربع طرق: العشر الدينية المفروضة على انتاج القات )زكاة(، وضريبة النظافة العامة التي تفرض للحفاظ على نظافة اسواق القات، واخيراً فرض ضريبة است?لاك القات وضريبة الشباب والرياضة، على حد سواء والمفروضة على مبيعات القات في حين يتم فرض الزكاة باعتبار?ا من الضرايب المباشرة التي يتم جمع?ا على مستوى المزرعة من قبل خبراء تقدير الزكاة. وتفرض الضرايب الأخرى والضرايب غير المباشرة على الحواجز العسكرية على الطرق المودية الى المدن وداخل اسواق القات. بلغت ضريبة است?لاك القات وحد?ا 3.4 مليار رالب يمني في عام 16) 2010 مليون دولار امريكي(. كذلك يتم ت?ريب القات عبر الجبال الى المملكة العربية السعودية حيث يحظر است?لاكه وتجارته. ويعتقد ان اعمال الت?ريب ?ذه تدر عايدات لليمن بمبلغ لا يقل عن 1 مليار دولار امريكي سنوياً. لكن الحكومة ليس لدي?ا اي سيطرة على ?ذه التجارة غير المشروعة، ويعتقد ان عايدات?ا تدعم تمويل الحوثيين في المحافظة الشمالية لليمن صعدة. اصدرت الحكومات الاستعمارية في عدن وشرق افريقيا حظراً متكرراً على القات دون جدوى. كذلك قامت الحكومات الثورية الحداثية في شمال وجنوب اليمن منذ اواخر ستينيات القرن الماضي بتدشين العديد من الحملات المنا?ضة للقات و?ددت حتى باقتلاع اشجاره. ومع صعود الرييس علي عبدالله صالح الى السلطة في عام 1978 غدت قضية القات من المحرمات واختفى ذكر ?ذا المحصول من الإحصاءات الوطنية. في ذات الوقت، انتشرت زراعة القات لدى قبايل المرتفعات جراء استحداث اعداداً لا تحصى من الإعفاءات وبرامج الدعم التي اثارت بالتالي موجة لم يسبق ل?ا مثيل من عمليات استخراج موارد المياه الجوفية. لقد جعلت عملية دعم مادة الديزل زراعة القات مشروعاً مربحاً للغاية القرن الماضي - عن اضفاء عدة عقود من الاستقرار النسبي على مرتفعات يتم بذل ج?ود متجددة ضد انتشار ?ذا العقار وقبل ان يعاود القات ظ?وره في الحوليات الإحصايية لليمن جراء ضغوط الداينين الدوليين. قامت الوحدة اليمنية عام 1990 مع جنوب اليمن الاشتراكي، حيثما كانت توجد لوايح صارمة بشان القات، لكن الوحدة ?ذه لم توثر في موقف الشمال تجاه القات، بل بالعكس فقد تم الغاء القوانين الجنوبية المنظمة له واتسعت عباءة التكتم الشمالية بشان القات لتغطي كامل ارجاء البلاد. وفي اعقاب حرب الانفصال عام 1994، تم نشر عشرات الآلاف من القوات الشمالية في كل جزء من الجنوب السابق. وحيث ان معظم ?ولاء الجنود كانوا معتادين على مضغ القات، فقد تمددت شبكات توزيع العقار حتى الى المراكز العسكرية الصحراوية النايية والتجمعات البدوية على الحدود السعودية والعمانية. وقد افضى الاست?لاك المتزايد للقات بين سكان الجنوب على مدى العقدين الماضيين الى زيادة التحويلات المالية غير المسبوقة من ?ذا الجزء الم?مش اقتصادياً من البلاد باتجاه المرتفعات الشمالية. لقد غدا مضغ القات اليوم جزء لا يتجزا من الحياة اليومية في كافة انحاء اليمن وعادة مقبولة بشكل عام لدى جميع طبقات المجتمع، وحتى في الوزارات او في مجلسي النواب والشورى تعقد جلسات ما بعد الظ?يرة في جو من المضغ. كذلك، تولد لدى النخبة السياسية والاقتصادية في اليمن خلال العقود الماضية ا?تمام ملحوظ تجاه القات حيث استثمر العديد من منتسبي ?ذه النخبة في قطاع القات بسبب ان العوايد الناتجة عن زراعته وتجارته ?ي ببساطة مذ?لة. استفادت قبايل المرتفعات- التي يتم انتاج الجزء الأكبر من القات في اراضي?ا- كثيراً من ن?ج سياسة عدم التدخل من قبل الحكومة. وقد مكنت ل?ا الأرباح المستفادة من قطاع القات من الحفاظ على استقلاليت?ا عن الدولة وبناء جيوش قبلية حقيقية وحتى تج?يز?ا باسلحة ثقيلة. ان فرض اي تقليص على انتاج القات نا?يك عن فرض حظر على محاصيله او است?لاكه لن يوثر سلباً على سكان المرتفعات الريفية فحسب، بل ان ذلك سيثير مقاومة القبايل وبالتالي سيفضي الى المزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد وجعل?ا غير قابلة للحكم على الإطلاق. ان العوامل التي تعيق التغيير في اليمن فيما يتعلق بالقات ?ي قبل كل شيء خوف الحكومة من القوة القبلية والاضطرابات العامة، بالإضافة الى ضلوع العديد من اطراف الطبقة الحاكمة في زراعة القات. يقترن ذلك ايضاً مع عدم قدرة السلطات على فرض القانون في المدن - نا?يك عن المناطق القبلية - مما يجعل صناع القرار يترددون في التحدث علناً ضد القات. ويتفاقم ?ذا الأمر بسبب العوز الفادح في وجود بدايل لتمضية وقضاء اوقات الفراغ، وعدم وجود انشطة اقتصادية اخرى مجدية ومربحة، الى جانب عدم وجود اسواق للمحاصيل البديلة ذات القيمة العالية. ش?د النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي بداية تحول الدولتين اليمنيتين من دولتين شبه ريعية تعتمدا اعتماداً كبيراً على التحويلات المالية من الم?اجرين والدخل السياسي غير المستقر، الى دولة ريعية نفطية موحدة سياسياً. ومنذ ذلك الحين اصبحت السياسة في اليمن متشابكة بشكل وثيق مع ما تسقطه ?بات الرياح من القطاع النفطي واسعار السوق العالمية للنفط. تُمثل ايرادات القطاع النفطي ما يربو عن 90% من عايدات التصدير لليمن وحوالي 70%من دخل الحكومة. لقد مكنت ?ذه الإيرادات النظام، خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي والسنوات الأولى من الألفية الثانية، من توسيع شبكة المحسوبية بشكل كبير وب ْسط سلطته على مناطق كثيرة من الريف. خلال تلك الفترة اصبح ارتباط القات بالسياسة متشابكاً على نحو متزايد مع الوضع الإيرادي للنظام وتم توظيف ?ذه الارتباطية بشكل متزايد كوسيلة للبحث عن مصادر للدخل في اوقات الأزمات الاقتصادية. على الرغم من المقاومة الشديدة لمزارعي القات والقبايل، الا ان الحكومة شرعت منذ عام 1999 على نحو متكرر في اقامة حملات منا?ضة للقات ذات جاذبية جما?يرية عالية. لقد كانت ?ذه الحملات في اغلب الأحيان عفوية ومنسقة على نحو سيء وبالتالي فقد ماتت معظم?ا في م?د?ا ولم تطبق اي من القوانين التي ُسنت حول القات بشكل فعلي على الإطلاق، (على سبيل المثال ذلك قانون عام 2002 التي حظر مضغ القات في المرافق الحكومية) لم تُسفر ?ذه الحملات عن اية تغييرات من حيث زراعة واست?لاك العقار، لكن?ا نجحت في اكساب صناع السياسة اليمنيين احترام نظراي?م من الدول العربية و?ييت ل?م احسان مجتمع المانحين. ودون المساومة على قبضته على السلطة، اصبح النظام ?و المستفيد من زيادة مستويات مساعدات التنمية، وفي ن?اية الأمر، اثمرت سياسة القات بشكل سخي ليس اقل?ا سخاء حصول اليمن على وعد مبديي بقبول انضمام?ا الى مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2016. لعب القات ايضا دورا م?ما خلال "ثورة الشباب" في اليمن عام 2011. فبالرغم من الاعتقاد السايد ان القات ?و عقار يولد التراخي والخمول والتقاعس عن العمل، الا انه ساعد على حشد كل من مويدي النظام والمعارضين المتظا?رين ضد صالح: اقام انصار النظام خيام?م في ميدان التحرير وحاولوا الجلوس ضد الاحتجاجات ومضغ القات الذي كان يوزع ل?م مجاناً من قبل النظام. وفي "ساحة التغيير" كانت رحى العقل المدبر وراء الثورة ت لأنفس?م مدينة من الخيام. ?ناك، وبينما كانت تُمضغ اوراق القات كانت تدور نقاشات مستفيضة وحماسية حول نظام جديد ذو روية حديثة لمرحلة ما بعد صالح. بينما تتجه اليمن نحو عصر ما بعد النفط - مع توقع بعض المحللين استنزاف احتياطات النفط في وقت قريب كقرب عام 2017 - سيكون من المثير للا?تمام ملاحظة ما ?و الدور الذي سيلعبه القات وايراداته في ?ذا النظام السياسي في المستقبل. ف?ل سيكون النظام قادرا على الاستفادة من قطاع القات؟ و?ل سينجح النظام في احكام قبضته على اسواق القات وتنظيم وترشيد اجراءات فرض الضرايب عليه لتعويض العايدات المفقودة من النفط؟ ام ان شبكة التفكك الخاصة بالمحسوبية ستجعل البلد غير قابل للحكم بتاتاً في وقت قد تكتسب القبايل المنتجة للقات الحكم الذاتي وليصبح القات ?و الحاكم الحقيقي للمجتمع اليمني تماماً كما ?و الحال في معظم مجتمعات الصومال اليوم؟ ?ل القات من المخدرات؟ في اليمن لا يعتبر القات من المخدرات من قبل السلطات حتى ان بوليصات تامين السيارات تغطي على نحو بيّن الحوادث التي تحدث اثناء قيادة المركبات )انظر الملحق 41(. قد يكون القات مخدر او قد لا يكون، بالمدلول السريري- بمعنى ?ل القات َعقار يتسبب في الإدمان البدني؟ ان اوراق شجرة القات ?ي بالتاكيد مخدر اجتماعي اذ ان الحياة الاجتماعية في معظم انحاء اليمن تدور اليوم حول القات، بل يعتقد كثير من اليمنيين انه لن تكون ?ناك اية حياة اجتماعية حيثما لا يكون ?ناك قات. ان مضغ اوراق القات يخلق الب?جة، ويمنح الارتياح، ويحفز التفا?م المتبادل والرفقة. ف?و يساعد على خلق روابط قوية بين الناس ويس?ل عملية المصالحة وحل مشاكل اليمن القبلية الكثيرة. ليسوا قلة اوليك الذين يعتقدون ان?م لن يستطيعوا الن?وض من الفراش، نا?يك عن القدرة على العمل بدون قات وبالتالي ف?م يبدءون يوم?م بالمضغ لأن القات يعطي?م قوة للجسم وقوة للإرادة. ان مضغ القات يجعل المرء ينسى الياس والعنف – حتى ولو كان ذلك فقط لساعات قليلة - ف?و يجعل المرء يتعامل مع مظالم الحياة ويمنحه الأمل في بلد يبدو مستقبله السياسي والاقتصادي قاتماً جداً. ان مضغ القات يجعل المرء ينسى الفقر وينسى الأفواه الجايعة المحتاجة للإطعام في المنزل. ومع ذلك، يود العديد من اليمنيين - متعلمين كانوا ام لا – الامتناع عن استخدام الأوراق من وقت لآخر، سواء كان ذلك لأسباب مالية او عايلية او صحية. لكن?م يشعرون بان?م مجبرون على المضغً من ِقبل الجيران والأصدقاء او الزملاء، ويخشون استبعاد?م من الأوساط الاجتماعية والحياة الاجتماعية. بل يخشى كثيرا من?م من فقدان الاحترام، وفقدان فرص العمل، او حتى من مجرد الاستبعاد من الإحاطة بالمعلومات المتداولة في جلسات القات. لقد لاحظت على مر السنين، كيف ان عادة المضغ انتشرت في حضرموت وعلى جزيرة سقطرى، وكيف ان?ا استحوذت على سكان المناطق الساحلية ومن ثم زحفت ببطء نحو الوديان باتجاه رعاة المرتفعات، وكيف انتشرت من الجنود الى الصيادين، ومن التجار للمزارعين، ومن البالغين للمرا?قين، واخيراً من الأزواج لزوجات?م. شا?دت مجموعة من السكان العزل اليايسين، واعضاء مجالس محلية، وشيوخ، واباء، وازواج يحاربون انتشار القات بكل الوسايل المتاحة ل?م، لكن دون جدوى. شا?د ُت كيف عصف القات بالثقافة الفريدة ل?ذه المناطق، وكيف تغيرت العادات الاجتماعية والمجتمعات، وكيف تلاشت الوسايل التقليدية الخاصة بقضاء اوقات الفراغ، وكيف ذابت القيم وتخففت الأخلاق. لقدعرفتُ اليمن منذ نحو عشرين عاماً، وشاركت في اعداد لاتحصى من مجالس مضغ القات واجريت مقابلات مع عدة الاف من الناس حول قضية القات. بالنسبة لي، اوراق شجرة القات ليست عقارا مخدراً. ومع ذلك، فان لدي اعتقاداً راسخاً بان?ا اكثر بكثير من كون?ا "منبه اجتماعي خفيف" كما تشير الي?ا الأدبيات غالباً. بل ان?ا - اي اوراق شجرة القات - من المخدرات الاجتماعية القوية القابضة بشدة على حياة اليمن واليمنيين. ان ?ذه النبتة تخلق شكلا من اشكال الإدمان النفساني الذي يجعل?ا ضارة وبالتاكيد خطرة مثل?ا مثل اي ضرب من ضروب المخدرات الأخرى. من?ج الدراسة ان ما كُتب حول عادة مضغ القات ودور?ا الاجتماعي وتاثير استخدام القات على الصحة ?ي ادبيات جديرة بالإعجاب الى حد كبير، وعليه ف?ذا الكتاب لا يسعى للتكرار بل يقوم بالتركيز على دور القات في السياسة المتعلقة باليمن المعاصر والمنطقة بشكل اوسع – و?و موضوع قد تم تجا?له تماما حتى الآن. ان استعراض سياسات القات والأحداث الاقتصادية خلال العقود الماضية ستُظ?ر كيف ان الحكومات اليمنية المتعاقبة تنب?ت واستخدمت القات بشكل متزايد كاداة من ادوات السياسة وسوف توضح ايضا ان اجراءات الحكومة تجاه الَعقار ليست بدافع الرغبة الحقيقية للإصلاح او لمصلحة تخليص المجتمع اليمني من مفسدة اجتماعية، بل تتمثل ُجل دوافع?ا في الحاجة الى حشد الموارد المالية والرغبة في السيطرة الاجتماعية والاستقرار السياسي. فالقات السياسي – كما تقترح الدراسة – اصبح وقبل كل شيء جزء من استراتيجية شاملة لاستجلاب الريع توظف?ا النخبة الحاكمة في اوقات الأزمات الإيرادية بغية تدعيم احتكار الدولة للسلطة والحفاظ على شبكت?ا الواسعة من المحسوبية. ان ارتباط القات بالسياسة منذ سبعينات القرن الماضي يمثل نوع من الصفقة السياسية بين النظام الحاكم والقبايل، الأمر الذي يفسر موقف الحكومة المتسا?ل بل والمويد في معظم الأحيان تجاه العقار. بعد لمحة موجزة عن تاريخ وتطور است?لاك القات في اليمن والمدى التي انتشرت فيه ?ذه العادة واثار?ا الضارة على الصحة، يوثق الفصل الأول والفصل الثاني مسالة تحول اليمن خلال سبعينات القرن الماضي من مجتمع زراعي الى دولة شبه ريعية، فضلا عن تحوله من بلد يعتمد الى حد كبير على تحويلات العمال الم?اجرين والدخل السياسي الى اقتصاد نفطي. ثم يحلل الكتاب في فصله الثالث من منظور استرجاعي للأحداث القات السياسي على الصعيد الإقليمي، ويشمل ذلك نضال الإدارات الاستعمارية ضد القات في اليمن وشرق افريقيا، بالإضافة الى دور القات خلال الع?ود الأخيرة لأيمة اليمن وموقف جامعة الدول العربية ازاء العقار. ?نا ايضا يتم عرض الج?ود غير المثمرة لحكومة السعودية وعلماء الدين السعوديين ضد محاصيل القات، الى جانب تقديم بحث تحليلي عن القات السياسي في صومال ما بعد الاستعمار، حيث ان العقار اصبح احد العوامل التي تغذي الحرب الأ?لية طويلة الأمد. يصف الفصل الرابع ن?ج حكومات اليمن الثورية تجاه القات في كل من جنوب وشمال اليمن، ومن ثم يتطرق الفصل الخامس نحو ايلاء نظرة فاحصة للتغييرات الناجمة عن تداخل القات مع السياسة الى جانب التغيرات التي حدثت للنمو الزراعي للقات خلال العقدين الأولين من نظام صالح. ثم يُعِّرج الفصل السادس على التوثيق بقدر كبير من الإس?اب، كيف اضحى القات وسيلة لاستجلاب الريع خلال اوقات الأزمات المالية والسياسية. يشرح الفصل السابع من الكتاب تقلبات القات السياسي في اعقاب الموتمر الوطني الأول عن القات وكذلك يوثق ?ذا الفصل النشاطية السياسية بشان القات من قبل الطبقة الحاكمة عقب تصريح مجلس التعاون الخليجي عن عزمه على قبول انضمام اليمن للمجلس في حال قام اليمن بمحاربة الفساد والحد من انتشار الأسلحة ومنا?ضة القات. ويورد ?ذا الفصل ايضاً مجموعة من المقابلات مع عدد من صانعي القرار رفيعي المستوى في اليمن. يحلل الفصل الثامن الدور الذي يلعبه القات في تحقيق الاستقرار السياسي والسيطرة السياسية وال?وية في دولة ?شة. ويستعرض دور القات في حرب صعده ودوره في الإر?اب، وكذلك في نشر ?يمنة الشمال على اليمن الجنوبي السابق، ويناقش ايضاً دور القات في "ثورة الشباب" في اليمن عام 2011. علاوة على ذلك، يستطلع ?ذا الفصل اثار القات على الفساد وعلى ا?مية ايرادات القات في عملية اللامركزية في اليمن. الى جانب ذلك، يوثق ?ذا الفصل الم?مة الصعبة لمنظمات المجتمع المدني والمجتمعات الدينية في محاربة القات. واخيراً، ستعرض الفصل التاسع الاستخلاصات ويقدم اطلالة على يمن ما بعد عصر النفط." إنه كتاب جدير بالاطلاع والبحث من قبل الشباب، أصحاب وملاّك المستقبل، وهم بصدد بناء اليمن الجديد!!! إنها رسالة لليمنيين في كل الأرض اليمنية!!! إنها رسالة لليمن الجديد. يمكن الاطلاع على موقع الكتاب على الرابط التالي www.qat-yemen.com
|
just_f
| |
|