Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: كيف أدخل الجنة بعد التقصير الذي حصل مني؟ الأحد يوليو 22, 2012 3:36 am | |
|
كيف أدخل الجنة بعد التقصير الذي حصل مني؟
السؤال السلام عليكم
أنا فتاة تائبة منذ أن توفي أبي - رحمة الله عليه - أصلي في الوقت، عندي أيام كثيرة للصيام، وصلوات الفائتة أحاول الوفاء بها، أقرأ الأذكار والقرآن، أحضر دروسا في العلوم الشرعية، وأتعلم أحكام الترتيل في جمعية خيرية وفي المسجد، أجاهد نفسي على التهجد، وبر الوالدة، وترك الغيبة، وأذى اللسان، وترك الكذب؛ ولأني لا أعمل فإني أتصدق بالعلم بحضور ندوات في الدين وبعدها أطبعها وأوزعها لأخواتي في الله، كنت متبرجة، وأصاحب الشباب، وأضع المكياج فتركت ذلك لله بعد أن سمعت الآية الكريمة: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون).
وأنا الآن متحجبة - والحمد لله - لكن قبل التوبة كنت أسرق من المحلات، كما عندي دين ولا أعمل ولا يمكن إخبار أمي، فكيف أسدد ديني وأرد الحقوق لأصحابها؟ فأنا أخاف من الموت دون القيام بذلك ودون صيام وصلاة الأيام الفائتة، وحتى عند الصيام يجب إطعام مسكين عن كل يوم، وهي شهر، فما العمل؟ أخاف من النار، وأريد الجنة، لكن هل عبادتي السابقة الذكر كافية؟
أنتظر الجواب فلا تخيبوا ظني، وجزاكم الله خيرا كثيرا
الإجابــة بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sabrina حفظها الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
(التائب من الذنب كمن لا ذنب له) كلمة قالها النبي - صلى الله عليه وسلم – يبشّر بها أمته، نعم – يا أختي - إن التائب من الذنب قد غفر الله تعالى له، وليس هذا فحسب، بل غفر زلته، وكتب حسنته، وجعل بدل السيئة بعد ذلك حسنة عظيمة، فيا للفضل العظيم .. نعم فإن العبد يذنب الذنوب وتتكاثر عليه، ثم يأتي يوم القيامة فيجدها قد بدلت - بمن الله وفضله - حسنات، فمكان كل سيئة وخطيئة يجد حسنة عظيمة كريمة، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً}، فأبشري – يا أختي - بقول نبيك الأمين - صلوات الله وسلامه عليه -: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) وكذلك أبشري بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) أخرجه مسلم في صحيحه.
فأنت - بحمد الله عز وجل – قد بذلت جهدك الآن في التوبة إلى ربك، وتركت كل هذه الخطايا وكل هذه الذنوب، وأخذت بوقفة المؤمنة التي لا نقول إنها قد وجدت خيراً وفضلاً، بل إنك وجدت نفسك، إن الإنسان يكون ضائعاً تائهاً يعيش في ظلمات المعاصي، وفي شقاوات البعد عن الله، فإذا رجع إلى ربه وجد الطمأنينة والسكينة: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، ووجد القرب من ربه، ووجد أنه قد حصل نعيماً ولذة يجدها في ثنايا نفسه لم يكن ليحصلها لولا قربه من الله جل وعلا، فإن في النفس جوعاً لا يسده إلا أن يكون المؤمن قريباً من ربه عاملاً بطاعته، وقد قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
وأيضاً فإن هذا الذي وقع لك من هذه الذنوب التي أشرت إليها من ترك الصلاة، وتعمد الإفطار في رمضان، ثم حصول أخذ المال بغير حق من بعض المحلات مثلاً، فكل هذا أمر يمكن علاجه - بإذن الله عز وجل – وأصل ذلك أن تعلمي أن هذه الأمور التي ذكرتها منها ما هو حق خالص لله عز وجل، وذلك كترك الصلاة، وتعمد الإفطار في رمضان، ومنها ما هو حق لله عز وجل وكذلك يشترك فيه حق العباد، كأخذ المال بغير حق، فأما عن القسم الأول: فهذا – يا أختي - يكفيك فيه ما قد فعلته حقيقة وهو التوبة إلى الله جل وعلا، والتي شملت - بحمد الله عز وجل – ترك هذه المعاصي، والندم عليها، والعزيمة الصادقة على عدم العودة إليها، وهذا هو الذي قد حصل - بحمد الله عز وجل – جلياً ظاهراً منك.
وأما القسم الثاني: فإنه لا بد من تحقيق هذه الأمور الثلاثة مع رد الحقوق إلى أصحابها، وهذا هو محل سؤالك الكريم، فكيف لك بذلك وأنت لا تقدرين على السداد لعدم وجود عمل لديك؟
فالجواب: إنه لا يلزمك أكثر مما أنت عليه الآن، حتى تجدي قدرة على السداد، فأنت ليس لديك القدرة على أن تسددي هذه الأشياء التي قد أخذتها قبل توبتك، وأنت الآن غير موسرة، فمتى حصلت هذا المال الذي يجعلك قادرة على سداد هذه الأمور التي قد أخذتها بغير حق، فإن هذا هو المطلوب، وقد حصل المقصود حينئذ، وأما في هذه الحالة فلا إثم عليك حتى تجدي قدرة على السداد، قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}، وقال جل وعلا: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}، ولو قدر أن الإنسان قد حصل له مثل ما حصل لك ومات وهو على ذلك ولم يسدد، فإنه - بحمد الله عز وجل – قد أدى الواجب عليه، ولا يلزمه أكثر من ذلك، لأنه عاجز عن السداد، وقد تقدم أن الله جل وعلا لا يكلف نفساً إلا ما قد آتاها من ذلك، فاطمئني – يا أختي - وهوني على نفسك، ولكن أيضاً متى ما حصل المال الذي تستطيعين السداد فيه، فلتقومي بذلك، ولتكوني محتاطة في هذا السداد، فلا تفضحي نفسك وتبيني أنك قد قمت بهذا الأمر، ولكن تردي المال إلى أصحابه بأي وسيلة دون أن تصرحي بأنك قد أخذت المال بغير حق.
بل مثلاً يمكنك أن تذهبي إلى بعض المحلات التي أخذت منها بعض الأغراض، ثم تعطي المبلغ لصاحبه، وتقولي إنني قد أخذت بعض الأغراض ثم وجدت أنك لم تستوفي حقك منها، وأخطأت في الحساب، فهذا أمر يقع كثيراً وستجدين – بإذن الله عز وجل – أنك قد أديت الحق في هذه الحالة، وحصل الستر في الأمر، فعليك – يا أختي - بالصبر حتى ييسر الله جل وعلا لك المال اللازم للسداد في هذا.
وأما عن قضاء الصلوات التي قد تركتها، وكذلك الصيام فإن في هذا خلافاً بين أهل العلم، هل يجب القضاء أم لا؟ فمذهب أكثرهم أنه يجب القضاء في الصلاة الفائتة والصيام، وبعضهم لم يوجب ذلك بل قال يكفي فيه التوبة، والذي نميل إليه في حقك خاصة في مثل هذا الوضع هو الأخذ بالقول الثاني والذي ذكرنا طرفاً من أدلته في غير هذا الجواب بحيث لا يلزمك الآن قضاء هذه الصلوات المتروكة فقط، بل الواجب عليك أن تحافظي على الصلوات المفروضة التي في وقتك، وأن تبذلي جهدك في الاستغفار والعمل الصالح، وكذلك الصيام الذي أشرت إليه، فلا يلزمك إطعام مسكين عنه عن كل يوم إلا إذا كانت أياماً فائتة قد أفطرتها بعذر الحيض، ثم تهاونت في قضائها فتراكمت عليك حتى دخل رمضان الذي بعده.
وأما في حال تعمد الإفطار في رمضان فالواجب حينئذ الكفارة وليس الفدية عن كل يوم، وفي هذا الوقت طالما أنك ليس لديك ما تنفقينه على نفسك فلا يجب عليك أن تخرجي هذه الكفارات ولا الفدية حتى يتحصل لك اليسار في ذلك، فهوني على نفسك – يا أختي - وخذي الأمر برفق ولطف فإنك تتعاملين مع ربك رحيم، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ}، ونوصيك ها هنا وصية أكيدة نود أن تحرصي عليها، وأن تنتبهي لها وهي: أن تأخذي نفسك بالرفق والهدوء، فأنت مقبلة على طاعة الله، ولكن لا ترهقي نفسك بكثرة العبادة، وبكثرة قيام الليل، وبصيام النافلة، ونحو ذلك من الأمور، ولكن خذي الأمر برفق وهدوء.
فيكفيك – يا أختي – أن تحافظي على الصلوات المفروضات، على السنن الراتبة معها، و يكفيك من صيام النافلة الأيام المؤكد استحبابها كيوم عرفة ويوم عاشوراء ونحوها من الأيام الفاضلة، ويكفيك من قيام الليل أن تصلي ركعتي الشفع والوتر، وإن زدت فتصلي ركعتين قبلهما فيكون لك مجموع خمس ركعات، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (من صلى ركعتين بعد العشاء دخل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}). وليس من شرط ذلك أن يكون في آخر الليل بل لو صليت بعد العشاء حصل المقصود وكنت – بإذن الله – من القائمين الليل، وينبغي أن تهوني على نفسك بالنزهة البريئة والفسحة اللطيفة مع أخواتك المؤمنات، مع بعض أسرتك بإجمام نفسك بالزيارة الاجتماعية اللطيفة بينك وبين أخوات ك الصالحات، فهوني على نفسك وخذيها برفق، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عليكم بالأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا. قالت عائشة - رضي الله عنها - وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه صاحبه).
فهذه النفس – يا أختي - تحتاج إلى رعاية، وتحتاج من الإنسان أن يأخذها أخذاً رفيقاً حتى تستمر على الطاعة، ونرجو دوام مراسلتك إلى الشبكة الإسلامية التي ترحب بكل رسالة تصلها منك، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.
just_f
| |
|