Admin
Admin
عدد الرسائل : 13163
تاريخ التسجيل : 12/10/2007
 |  موضوع: التمييز النظري بين المواطنة والولاءآت المختلفة  الأربعاء أبريل 18, 2012 10:57 pm | |
|
التمييز النظري بين المواطنة
والولاءآت المختلفة
يعتبر مفهوم المواطنة من المفاهيم الحضارية التي أفرزها الفكر الحديث من خلال النتاج الفكري للانسان ومن خلال تراآم المنجزات الحضارية والتي ساهمت في رفع الإنسان وجعلته قيمة عليا بعدما غاب وغيّب لفترات طويلة وتحت مسميات مختلفة.
إن مفهوم المواطنة ظهر في أوربا خلال القرن التاسع عشر وبرز من خلال التناقضات التي مرت بها على المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والتي غيرت الكثير من معالم الحياة الأوربية فقد ظهرت قوانين حقوق الإنسان التي تحفظ آينونته وآرامته وضرورة ضمان حق إعتراضه على أي تشريع يصدر من الحكومة ويضر به.
إن المواطنة تعني من بين ماتعنيه الإعتراف الشرعي والدستوري بحق الفرد في المشارآة وإدارة البلاد وفي تقرير شؤونه ولعل آافة رآائز المواطنة تستند في عمقها الى منظومة الحقوق والواجبات آاساس تنبثق عنه قيم المساواة ومنح الحريات وتطبيق العدالة . ومنظومة الحقوق والواجبات وإن آانت أساسا جوهريا في التشكيل الحديث للدولة إلا إنها منظومة قيمية إنسانية في حقيقتها قبل أي شيء آخر وما الدولة سوى ظاهرة إنسانية تستند الى القواعد القيمية لكسب مشروعيتها وسلطتها الواقعية.
والمواطنة تتعدى العلاقات والروابط الإجتماعية الأخرى آالعشائرية والمذهبية والقومية والعرقية والإثنية والدينية وغيرها ، غيرإن الفرد من حيث هو عضو في طائفة فهو موجود اذن في آيان يحيط به من جميع الجهات وهذه الإحاطة الشاملة مفروضة عليه بصفة آيانية غير قابلة للنقاش فهو الإبن للطائفة آما هو الإبن للعائلة فالإنسان وفقا لذلك لايختار طبيعة المجتمع الذي يولد فيه أو نوع القومية التي ينتمي إليها أو نمط الدين الذي يؤمن به بيد إن إنتمائه الى حزب سياسي أو إنتسابه الى منظمة إجتماعية أو إنخراطه بنشاط جمعية ثقافية يأتي في سياق إختياره الذاتي ورغبته الشخصية بعد أن يعتقد إن تلك النشاطات يمكنها أن تلبي جزءاً من طموحاته وتنسجم مع بعض ميوله وتطلعاته.
المواطن هو ذلك الفرد الذي خرج من الدائرة البيولوجية ودخل الدائرة الإجتماعية بمحض ارادته وبوعيه الذاتي ويتحتم عليه الإلتزام بمنظومة الحقوق والواجبات والوعي السياسي بهويته آمواطن والدور المنبثق عن المواطنة بوصفها العلاقة القانونية والشعورية بين الفرد والدولة والإنخراط في عمل طوعي في إطار المجتمع المدني.
إن التمييز النظري بين المواطنة والولاءآت المختلفة لا ينبغي ان يقودنا الى تفسير ظاهرة الولاء للوطن او الامة على سبيل المثال وآأنها تتعارض مع واقعة الإنتماء للطائفة أو العشيرة ، فالذي لا يحسن تقدير روابط إنتمائه الطائفي أو القبلي لايستطيع أن يثمن قيمة ولائه الوطني ويستشعر أهميته في إطار بلورة هويته السياسية والذي يسهل عليه التفريط بفروض ولائه الوطني والتخلي عن ثوابته لا يمكن أن يكن الاحترام لإنتمائه الطائفي والعشائري هذا من ناحية اما من الناحية الثانية فان الحديث عن ضرورات ارتباط الولاء بالوطن وواقعة الإنتماء للطائفة لايعني ان المشاعر الوطنية تنبثق في وجدان المواطن من العدم بغير مقدمات تتداخل فيها الاعتبارات المادية والمعنوية لتفصح عن مغزى تعلقه باصوله على خلفية رواسب التاريخ والإجتماع والثقافة والدين باعتبار ان التماهي مع الطبيعة مع العشيرة مع الدين يعطي الفرد شعورا بالأمان آما وان إعلان المرء عن تمسكه باعتراف انتماءه الطائفي واذعانه للالتزام به لا يعني التنصل عن الولاء أو التخلي عن ثوابت الهوية السياسية الواحدة إذا جاز لنا ان نعبر عن المواطنة بهكذا عبارة.
ومع إشتداد ازمة المجتمع المدني وتآآل مبدأ المواطنة وانشطار وحدة الهوية تأخذ العلاقات الطائفية المشحونة بالاضاليل الآيديولوجية والمشوبة بالمغالطات التأريخية طابعا يساعد في تغيير المواقف إذ بدلا من ان تكون الطائفة أو القبيلة لبنة أساسية في آيان المجتمع لتماسك وحدته وترابط علاقاته وتعظيم قيمه، على الأقل لحين تجاوز محنته وتخطي آبوته ، فاذا بها تسهم في نسف أسسه وتصديع مقوماته وتمزيق نسيجه بحيث يكون السعي باتجاه تغليب الإنتماءات الفرعية وتغييب الولاء الوطني مما يعتبر بمنظور التحول الديمقراطي خطوة نحو الإنكفاء الإجتماعي والتقهقر الحضاري والإنحدار صوب جاهلية الأنا ضد الآخر.
إن السلطات العراقية المتعاقبة والفاقدة للشرعية أساسا لم تعتمد مباديء العدل والمساواة والتكافؤ في تعاطيها مع مواطنيها على تنوعهم العرقي والطائفي والسياسي بل إن آل سلطة أخذت تحابي وتعتمد على شريحة أو قبيلة أو طبقة أو طائفة على حساب الكل الجماهيري الوطني مما همشهم وساعد في خلق حالات العداء المؤدي لإضعاف الحس الوطني العام. آما وقد ساعدت بعض مفردات ثقافتنا وطبيعة وعينا المتميز بطيبته وقبوله بالآخر غير العراقي ، ساعدت في غزو جسدنا الوطني من قبل الأغراب الذين وظفوا طيبتنا وتسامحنا وقبولنا بالآخر ليؤسسوا لكانتونات الولاءات لصالح ذواتهم على حساب الولاء للعراق . والمعضلة الكبرى تسلط هؤلاء الاغراب واصحاب الولاءآت الأجنيبة على مرافق التوجيه والريادة الدينية والسياسية والإقتصادية في أآثر من وسط إجتماعي ومقطع زمني من حياة الدولة والمجتمع العراقي الحديث .
لعلنا من الأمم النادرة المستباح حرمها الوطني بالرجالات والطروحات والولاءات غير العراقية منذ التأسيس الحديث للدولة العراقية وليومنا هذا فكان الولاء بالاخر القومي والأسلامي والاممي على حساب الولاء لما هو عراقي فكرا وخصوصية ورمزا وحزبا. وعليه يجب ملاحظة فروض الواقع العملي أثناء التنظير للوطن والدولة وما يجب أن يقوم ويؤسس عليهما وأن نجتهد لتنضيج مناهجنا المعرفية والسياسية والمدنية في تعاطينا مع هذه المشكلات.
إن دعوتنا لترآيز مفاهيم ومباديء الوطن والوطنية والمواطنة يجب ألا يفهم منها أنها دعوة للإنعزال والتقوقع على الذات الوطنية في مرتسماتها
الجديدة ، بل هي دعوة لوعي وبناء الذات الوطنية العراقية أولا ثم تحري فرص التناغم والتكامل مع الاخرين على اسس سليمة وواقعية لا تعرف الإستلاب والتجيير والمصادرة والتبعية لهذه الأمة او تلك او لهذا البلد أو ذاك على حساب امتنا وبلدنا ودولتنا العراقية.
إن العراق بحاجة الى إنقلاب جذري في منهج الحكم يتضمن تشكيل مؤسسات دستورية وسياسية وحكومية وقضائية منفصلة . نظام يجعل قضية إستبدال السلطة قضية سلمية تتم بهدوء ورغبة الشعب وإختياره وليست عملية قيصرية تسفك فيها الدماء والروح وتستخدم فيها الاسلحة والدبابات وتودي الى الإعتقالات والإعدامات والإتهامات بالخيانة والعمالة ثم عمليات تصفية الخصوم .
إن العديد من الأزمات والتهديدات المتواصلة للسلام إنما هي نتاج نزاعات داخلية ذات طبيعة عرقية او دينية أو فكرية وليس لها من سبب سوى غياب الديمقراطية وما تمنحه الديمقراطية هنا هو ضمان التعايش السلمي رغم إختلاف الآراء والأعراق مع إنها لا تضع نهاية للظلم لكنها تضع الأسس التي تمكننا من التطلع لانجاز عدالة حقيقية وليست مجرد نظريات مثالية آما ويجب أن لا تشوه الديمقراطية بتداخلها مع الخطاب السياسي للدولة لأنها ليست قوالب جاهزة او وصفة يمكن إستنساخها في آل الامم.
إن العراق بحاجة الى نظام ديمقراطي يمنع المصادمات بين فئات وطبقات الشعب العراقي فيما بينها ويجعل ولاءها للعراق أولا. نظام يكفل تقدير الخبرة والمهارة وتوزيع المسؤوليات دون محسوبية أو منسوبية . نظام مبني على فلسفة إحترام حرية الفرد والمجتمع دون التضحية باحدهما لصالح الآخر. نظام يحترم حقوق الإنسان والإتفاقيات الدولية المتعلقة بها، يحترم حقوق الأقليات الدينية والثقافية والسياسية والقومية ، يحترم الدين الإسلامي والعادات والتقاليد والأعراف الشعبية للشعب العراقي ، يحترم حرية الفرد في العقيدة والفكر والسلوك وطريقة إرتداء الملابس والتنقل والحرآة والسفر والإجتماع والتعبير عن نفسه وأفكاره ومواقفه وفقا للقانون . نظام يكفل لجميع الشعب حرية تشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والمنظمات المهنية الثقافية والإجتماعية والفكرية والشعبية ، يكفل لجميع الشعب العراقي المسكن والعمل والتعليم والضمان
الإجتماعي والصحي ، يكفل الأيتام والأرامل والمسنين والمعوقين والعاجزين العيش بكرامة ومستوى لائق.نظام يضع سياسته على أساس توزيع عادل لثروات العراق وعدم تكديسها في أيدي جماعة أو طبقة أوفئة أو حزب أو عشيرة أو قرية أومنظمة معينة . نظام يزيل مسحة الحزن من الوجه العراقي الذي ذاق عذابات هائلة طوال السنين .يحضى بتأييد ومحبة شعبه .يعيد للشعب العراقي تماسكه وتضامنه مع بعضه البعض وبين أديانه وقومياته المختلفة.
just_f
| |
|
