التراث مليء بالعبر والدروس ، يطيب لي احينا التعريج الى زواياه ، والبحث في خباياه، ووقعت على هذه القصة العبرة ....
كانت هناك قبيلة تعرف باسم بني عرافة ... وسميت بذلك نسبة إلى أن أفراد هذه القبيلة يتميزون بالمعرفة والعلم والذكاء الحاد ؛ وبرز من هذه القبيلة رجل كبير حكيم يشع من وجهه العلم والنور.
وكان لدى هذا الشيخ ثلاثة أبناء، سماهم جميعا بنفس الاسم ألا وهو (عبدالله) ، ومرت الأيام وجاء أجل هذاالشيخ وتوفي.
وكان هذا الشيخ قد كتب وصية لأبنائه يقول فيها (عبدالله يرث وعبدالله لا يرث وعبدالله يرث)
وبعد أن قرأ الأخوة وصية والدهم وقعوا في حيره من أمرهم لأنهم لم يعرفوا من هو الذي لا يرث منهم ؛
وبعد المشورة والسؤال قيل لهم أن يذهبوا إلى قاضي عرف عنه الذكاء والحكمة ولكن هذا القاضي يعيش في قرية بعيدة ؛ فقرروا أن يذهبوا إليه.
وصلوا إلى القاضي يا قاضي يا قاضينا ياللي بالحق تقضينا :وشرحواقضيتهم
قال لهم :إذهبوا الآن وأرتاحوا فأنتم تعبون من السفر الطويل وأمر القاضي خادمه أن يقدم لهم
الغداء وأمر خادم آخر أن يراقبهم أثناء تناولهم الغداء وفي أثناء الغداء
قال عبدالله الأول: أن المرأة التي أعدت الغداء حامل.
وقال عبدالله الثاني: أن هذا اللحم الذي نتناوله لحم ليس حلال.
وقال عبدالله الثالث: أن القاضي إبن حرام.
وكان الخادم الذي كلف بالمراقبة قد سمع كل كلام الثلاثة
وفي اليوم الثاني سأل القاضي الخادم عن الذي حدث أثناء مراقبة الخادم للعبادلة وصاحب الجمل
فقال الخادم: أن أحدهم قال أن المرآة التى أعدت الغداء لهم حامل فذهب القاضي لتلك المرأة وسألها
ما إذا كانت حامل أم لا فاجابت المرأة أنها حامل
فتفاجأ القاضي كيف عرفوا أنها حامل وهم لم يروها أبداً ثم رجع القاضي إلى الخادم وقال ماذا قال الأخر.؟؟
فقال الخادم: الثاني قال أن اللحم الذي أكلوه على الغداء لم يكن لحما حلال
فذهب القاضي إلى الرجل الذي كلف بالذبح فقال له ما الذي ذبحته بالأمس؟؟
فقال الذابح: أنه ذبح ماعز ولكن القاضي عرف أن الجزار كان يكذب فأصر عليه أن يقول الحقيقه إلى أن أعترف الجزار بأنه ذبح حيوان آخر لأنه لم يجد ما يذبحه من أغنام أو ما شابه فإستغرب القاضي كيف عرف ضيوفة.أن اللحم الذي أكلوه كان لحم غير حلال وهم لم يروا الذبيحة إلا على الغداء وبعد ذلك رجع القاضي إلى الخادم وفي رأسه تدور عدة تساؤلات فسأله إن كان العبادلة قد قالوا شي آخر فقال الخادم: لا لم يقولوا شي فشك القاضي بالخادم لأنه رأى على الخادم علامات الأرتباك وقد بدت واضحة المعالم على وجه الخادم فأصر القاضي على الخادم أن يقول الحقيقة وبعد عناد طويل من قبل الخادم
قال الخادم للقاضي: أن عبدالله الثالث قال أنك أبن زنا فانهار القاضي وبعد تفكير طويل
قرر أن يذهب إلى أمه ليسألها عن والده الحقيقي ؛ في بداية الأمر تفاجأت الأم من سؤال أبنها
وأجابته وهي تخفي الحقيقة وقالت أنت أبن أبوك وهو الذي تحمل أسمه الآن إلا أن القاضي كان شديد الذكاء فشك في قول أمه وكرر لها السؤال إلا أن الأم لم تغير أجابتها وبعد بكاء طويل من الطرفين وإصرار أكبر من القاضي في سبيل معرفة الحقيقة خضعت الأم لرغبات إبنها وقالت له
أنه إبن رجل آخر كان قد زنا بها.... أصيب القاضي بصدمة عنيفة كيف يكون إبن زنا؟؟ وكيف لم يعرف بذلك من قبل؟؟ والسؤال الأصعب كيف عرف ضيوفه بذلك؟؟ وبعد ذلك جمع القاضي الثلاثة
قال القاضي للثلاثة:: كيف عرفتم أن المرأة التي أعدت لكم الطعام كانت حاملاً؟؟
فقال عبدالله الأول: لأن الخبز الذي قدم على الغداء كان سميكاً من جانب ورفيعاً من الجانب الآخر وذلك لا يحدث إلى إذا كان هناك ما يعيق المرأة من الوصول إليه كالبطن الكبير نتيجة للحمل ومن
خلال ذالك عرفت أن المرأة كانت حاملاً.
وبعد ذلك سأل القاضي عبدالله الثاني: قائلاً كيف عرفت أن اللحم الذي أكلتموه كان لحم غير حلال؟؟
> > فقال عبدالله: أن لحم الغنم والماعز والجمل والبقر جميعها تكون حسب الترتيب التالي= عظم ؛
لحم ؛ شحم. إلا أن اللحم الذي قدمتموه لنا فكان حسب الترتيب التالي= عظم ؛ شحم ؛ لحم لذلك عرفت أنه لحم غير حلال.
ثم جاء دور عبدالله الثالث وكان القاضي ينتظر هذه اللحظة فقال القاضي: كيف عرفت أني إبن زنا؟؟
فقال عبدالله: لأنك أرسلت شخصاً يتجسس علينا وفي العادة تكون هذه الصفة في الأشخاص الذين ولدوا بالزنا.
قال القاضي: (لا يعرف إبن الزنا إلا إبن الزنا).
وبعدها ردد قائلاً أنت هو الشخص الذي لا يرث من بين إخوتك لأنك إبن زنا.