في
خضم الأحداث التي شهدتها جامعة ذمار في الآونة والمطالبة بإقالة رموز
الفساد وعلى رأسهم الدكتور/ احمد محمد الحضراني رئيس الجامعة تكشفت لنا مع
هذه الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات تفاصيل عدد من قضايا الفساد التي كانت
طي الكتمان ويتم إدارة فصولها المأساوية من تحت الطاولة وخلف أبواب الغرف
المغلقة وأبرز هذه القضايا نظام التعليم عن بعد الذي افتُتح له مكتب بمدينة
جده بالمملكة العربية السعودية لإدارة شئونه قبل عدة سنوات وبطريقة تدعو
إلى الريبة الشك . . وحتى تتضح الرؤيا تجاه المخالفة القانونية والأخلاقية
والمهنية التي من شأنها أن تسيء إلى سمعة التعليم العالي في بلادنا علينا
التنويه إلى ما يعنية العليم عن بعد.
إن هذا البرنامج لاتقوم به إلا الجامعات العالمية العريقة لعدد من
الطلاب المنتسبين لها في خارج الدولة على الأغلب ولايتسنى تبني مثل هذا
النظام إلا وفق شروط دقيقة أهمها توفر شبكة الكترونية متطورة تربط قاعة
التدريس التي تتحول إلى ما يشبه استديو ببث مباشر عبر الانترنت عالي السرعة
ويتلقاها في نفس الوقت الدارسون عن بعد في أي مكان آخر خارج الدولة أو
داخلها في المكتب أو في البيت ويمكن من خلال هذا البث التحاور والمناقشة مع
الأستاذ المحاضر عبر الشبكة وكأنهم داخل القاعة.. وهذه التقنية طبعاً كما
يعلم الجميع ليست متوافرة في جامعاتنا ومن بينها جامعة صنعاء فكيف بجامعة
ذمار. . وعلى العموم وعودة إلى موضوعنا الأصلي فقد تم افتتاح هذا البرنامج
في السعودية وحينما فاحت الرائحة النتنة لجملة من المخالفات وكثر اللغط فقد
سارع وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور صالح با صرة وفق الوثائق
التي حصلت عليها "الجمهورية" إلى التوجيه بإغلاق أي مكتب يقوم بالتسجيل
بنظام التعليم عن بعد في السعودية وذلك من خلال رسالة برقم 1739 وتاريخ
31/8/2009م موجهة إلى وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي والغريب في
الأمر إشارة الرسالة إلى عدم حصول هذه المكاتب على ترخيص أو حتى علم
الوزارة عن هذا النشاط التعليمي.
علماً بأن توجيه باصرة بالإغلاق جاء بناءً على قرار صادر عن المجلس
الأعلى للجامعات في اجتماعه المنعقد بتاريخ 15/4/2009م والعجب العجاب أنه
لم تمر سوى أيام قليلة على رسالة وزير التعليم العالي حتى عاد مكتب جامعة
ذمار في جدة لمزاولة العمل من خلال إصدار مرسوم (ملكي) عفواً (جامعي) ممهور
بتوقيع رئيس الجامعة بتاريخ 6/9/2009م والذي قضى بتعين محمد ناصر العزاني
مديراً للمكتب، أعقبه رسالة إلى وكيل وزارة الخارجية مفادها تسهيل مهام
مدير المكتب للقيام بعمله المنوط به.. وهو مايعتبر إيذانا باستمرار التعليم
عن بعد بصورة سرية اتفق عليها أكثر من طرف رسمي وآخر الوثائق التي حصلت
عليها "الجمهورية" هو كشف يوضح أسماء عدد من الخريجين من جنسيات عربية
مختلفة بكالوريوس وماجستير في العام 2010-2011م وتسجيل آخرين في العام
2011-2012م والكارثة الجسيمة أن مدة الحصول على البكالوريوس قد لايتجاوز
السنة والنصف (يابلاشاه يانعمتاه) يذكر أن رسوم الدراسة في التعليم عن بعد
في السعودية المفروضة على كل طالب قد تصل إلى 4500ريال سعودي مايعادل 270أ
لف ريال يمني وهو مبلغ باهظ جداً يفسر لنا استماتة رئيس الجامعة في استمرار
نشاط هذه الدكاكين التعليمية وضرب التوجيهات والقرارات العليا عرض الحائط.
حتى مجلس جامعة ذمار وعمادة الدراسات العليا هناك لايوجد لديهم أدنى
فكرة عن هذا المكتب في أنشطته وبرامجه ففي مذكرة رسمية مرفوعة إلى رئيس
الجامعة والمؤرخة بتاريخ 3/12/2011م ورقم 941 أكد فيها الدكتور / سالم محمد
عقيل نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي تلقيه عدداً من
الرسائل الالكترونية والاتصالات الهاتفية للاستفسار عن صحة الإعلان بشأن
فتح برنامج الدارسات العليا بنظام التعليم عن بعد بجامعة ذمار فرع جده
بالمملكة السعودية ولتوضيح اللبس طلب عقيل من رئيس الجامعة التوضيح لهؤلاء
أن الجامعة لم تقم بفتح برامج للدراسات العليا بنظام التعليم عن بعد مطلقاً
لا داخل اليمن ولا خارجه أي أن مسئول الجهة المعنية بالإشراف على النظام
قانوناً كان نائماً على أذنيه ولايعلم عن تلك الطبخات السرية شيئاً .. ومن
سخرية الأقدار الدالة على عبث مقصود في هذا النظام هي تلك المعلومات
الواردة إلينا التي تؤكد أن عدداً من الطاقم التدريسي في مكتب جدة لايحملون
من مؤهلات سوى البكالوريوس فهل يعقل أن يقوم هذا الطاقم بتدريس طلاب
يحضرون الماجستير !!
لذلك كله فقد أصرت القوى المطالبة بالتغيير بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق
في قضايا الفساد ومعرفة مصير الإيرادات المالية الضخمة وأوجه صرفها والتي
تقيد في حسابات سرية سواءً رسوم نظام التعليم عن بعد أو إيرادات ورسوم معهد
التعليم المستمر النظام الموازي، مدرسة سبأ الأهلية ، إدارة الاستثمار
وملحقاتها مثل دار الضيافة ومزرعة الدواجن والأبقار ومزرعة العسل ومزرعة
الأغنام .