Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: الدكتور.حمود العودي : ثورة المؤسسات تعبير حقيقي لفشل السلطة الخميس يناير 05, 2012 9:58 pm | |
| قال إن اللقاء المشترك ليس على مستوى دخول قاعدة القوات الجوية والتوجيه المعنوي والرئيس يعطيه أكبر من حجمه الدكتور. حمود العودي لـ(الجمهورية): ثورة المؤسسات تعبير حقيقي ومباشر عن فشل السلطة حتى مع نفسها الخميس 05 يناير-كانون الثاني 2012 الساعة 04 مساءً ينصح الدكتور/حمود العودي شباب الثورة في اليمن بالتوحد، ورفع شعار اتحدوا عاد المراحل طوال ويقول العودي ـ وهو استاذ لعلم الاجتماع في جامعة صنعاء ومحلل سياسي، في حديث لـ(الجمهورية) ـ : إن العجلة دارت ولايمكن أن تعود إلى الوراء، وأمام هذه العجلة العديد من المتاعب، وتحتاج إلى نفس طويل لتحقيق ماخرجت من أجله.. في هذا الحديث، يتحدث العودي عن الربيع العربي وثورة المؤسسات، وكثير من القضايا التي تتعلق بالثورة اليمنية وهذه التفاصيل:[/size] > قراءتك كأستاذ لعلم الاجتماع لما دار ويدور على الساحة العربية منذ فترة في صورة لم تكن متخيلة من قبل؟ أنا سعيد أولا بالحديث لصحيفة الجمهورية هذا الصوت الإعلامي الحر والواسع التي تتلمس كل هموم الناس وقضاياهم، وهي تعكس روح أبناء تعز الصابرة والمثابرة.. قراءتي للمشهد العربي بشكل عام، هو أولا مشهد تاريخي بكل ما تعني الكلمة من معنى، وليس الأمر في ذلك من المسائل التي قد تبدو عفوية كما قد يراها البعض بقدر ما هو تراكم تاريخي عن معاناة تاريخية عانتها الأمة على مدى نصف قرن أو قرن بأكمله، فمنذ انحسار المشروع القومي في الخمسينيات والستينيات بدأ نوع من التراجع والفقدان لخطوط السير التي رسمتها الأمة والشعوب، وسقطت الأنظمة السياسية في متاهة لا نهائية من التشرذم والتبعية والتقوقع والإضرار بثوابت الأمة وقضاياها المصيرية على مستوى الوطن العربي، وثورة الربيع العربي نتاج لهذا، وأنا واحد ممن شهد حالة الزخم الثوري في الخمسينيات والستينيات وعشت حالة الإحباط التي كنت أخشاها وأن نغادر الحياة ونحن على ما كنا عليه قبل ثورة الياسمين في تونس، والبوعزيزي الصخرة التي حركت البحيرة الآسنة، اليوم أنا وكل من ينتمي لجيلي من أبناء الخمسينيات والستينيات نحمد الله أننا رأينا هذا المشهد ونطمئن أرواح شهداء الوطن العربي الذين قضوا نحبهم بأنهم كانوا على حق وأن نضالهم قد أثمر.. > على ذكر المشروع العربي في منتصف القرن الماضي.. هل نستطيع القول إن ذلك المشروع التحرري قد فشل سواء كليا أم جزئيا؟ لا أستطيع القول بأنها قد فشلت، الحركة نجحت فيما نجحت فيه، في تحرير الوطن العربي من النفوذ الاستعماري وأطاحت بالقوى القديمة والمتخلفة وطرحت مشاريع طموحة تعثرت ما يتعلق منها بالمستقبل، أما مشاريعها الراهنة آنذاك فقد أنجزت، القضاء على الاستعمار.. التخلص من القوى التقليدية القديمة.. خلق تيار الحداثة الذي لا يزال حتى اليوم يشكل المكسب الأساسي لمسيرة الثورة في هذا المرحلة، ولهذا لا نستطيع القول أنها فشلت؛ لكن نستطيع القول أنها لم تستكمل كل أهدافها الطموحة نتيجة التآمر الذي أحاط بها من الداخل والخارج.. > برزت الآن من اللاوعي عقدة المؤامرة؟!! أنا لا أؤمن بالمؤامرة على الإطلاق، لكن هناك صراع مصالح، مشروع الوحدة العربية هو مصلحة للأمة العربية ومشروع القضاء على الوحدة العربية وترحيله دون تحقيقه الذي كان يدعي إليه عبد الناصر هو مصلحة استعمارية.. أنا بصدد الحديث عن صراع مصالح تاريخية وسياسية واقتصادية.. > هذا عن المشهد العربي بشكل عام.. ما ذا عن اليمن على وجه الخصوص؟ اليمن جزء من الوطن العربي واليمن رقم أساسي وفاعل قوي سابقا ولاحقا، واليمن عندما قامت ثورتها عام 62م كانت بمثابة رد اعتبار لأول نكسة للوحدة العربية حين انفرط عقد الوحدة بين مصر وسوريا، وبالتالي لعبت اليمن دورا كبيرا في رد الاعتبار للمشروع القومي العربي، أذكر أيضا في 5 حزيران إبان النكسة العربية الشهيرة للعرب أمام إسرائيل كان في يوم 20 حزيران نفسه أسقطت الجبهة القومية في عدن كريتر آخر معقل للبريطانيين في اليمن، وبعدها بدأ التفاوض على الانسحاب النهائي للبريطانيين من اليمن. اليمن أعادت الابتسامة للوطن العربي.. في مطلع التسعينات ومع بداية حرب الخليج الأولى والثانية وأيضا مع ما شهدته الجزائر من أحداث عنف بعدها واستسلام العرب بعد ذلك لمشروع التطبيع العربي الصهيوني يأتي اليمن بمشروع الوحدة بين الشطرين بطريقة سلمية، وإن كنا في الواقع بقدر ما ننجز من أعمال عظيمة إلا أننا نعود فنفسدها بأيدينا ونفرغها من محتواها للأسف الشديد > هل حققت ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر أهدافهما كاملتين؟ أهداف سبتمبر أو أكتوبر من الثوابت العظيمة في تاريخ اليمن بكل تأكيد، وقد ازداد نجم هذه الأهداف سطوعا مع مرور الوقت لما تحمل من دلالات غير عادية، وما من شك أن جزءا كبيرا منها تحقق، النظام الجمهوري تحقق، الوحدة اليمنية تحققت.. وجود نوع من مساحة الحرية وإن كنا لا نزال نشكو من ضيقها..لكن نحن أفضل من غيرنا قبل الربيع العربي.. > دكتور ولكن ألا تلاحظ معي عودة ثقافة الإمامة في الشمال مقابل ثقافة الجمهورية التي متجذرة في نفس كل يمني، مثلما هو الشأن مع ثقافة الانفصال لدى بعض فصائل الشارع الجنوبي مقابل ثقافة الوحدة التي كانت راسخة في أذهانهم منذ زمن.. ألا نعتبر ذلك شرخا في منظومة الثقافة الوطنية؟ في إحدى المقابلات التلفزيونية في الفضائية اليمنية سئلت ذات السؤال، وقلت: إن الوحدة التي نعها الناس وحملوها في ضمائرهم ودافعوا عنها زمنا طويلا ـ وهم موحدون في كل الأحوال ـ قد أفسدتها المطامع السياسية بكل ما تعنيه الكلمة، ولهذا الفساد والإفساد صور مشينة بدت واضحة بعد الوحدة مباشرة حاول كل طرف أن يلغي الآخر بالسياسة وبالتآمر ليحقق ما عجز عن تحقيقه بالحرب قبل الوحدة، فكل طرف كان يحاول استيعاب الآخر لصالحه وإلغاء شريكه، وهذا ما تم، وقد قال البعض إن حرب 94م انتصار للوحدة، ولكنني أقول: نعم هي انتصار شكلي مزيف للوحدة على الصعيد العسكري لكنها كانت الهزيمة الحقيقة للوحدة الوطنية التي لم تر نفسها بعد حتى اللحظة، ومن هذا المنطلق يمكن أن تجد كل الأسباب من وراء تحول شعار الوحدة من الشعار الثابت لجيل كامل على مدى ربع قرن سلطة وشعبا في كل مكاتباتهم وشعاراتهم إلى شعار الانفصال بعدما عانوه، هم ليسو انفصاليين، إنما هم متوجعون ولهم كامل الحق في ذلك، الأسس التي انبنت عليها الوحدة انطلاقا من الشراكة واحترام الآخر والقبول به هدمت على رأس الجميع، على رأس الشمال والجنوب، بدليل أن ما بدأ به الأخوة الحراكيون في الجنوب منذ مطلع العام 2007م من معارضة للنظام والمطالبة بالحقوق المنتهكة والمصادرة حتى تحولت المطالب إلى دعاوى انتهازية لشخصيات عتيقة من قبل الثورة وما قبل الاستقلال التي دعت إلى فك الارتباط والاستقلال وغير تلك الدعاوى وذلك العفن الفني الذي يخجل المرء أن يتكلم عنه، وكل ذلك بسبب النظام السياسي الذي ألغى الكل في الشمال والجنوب لكي يبني عليه مصالح مضادة للمصالح الوطنية العليا لليمن شمالا وجنوبا..ومثل تلك الدعوات المتخلفة في الجنوب أيضا النزعات الطائفية المتخلفة في شمال الشمال في صعدة للأسف الشديد ساهمت فيها السلطة أكثر مما صنعت هي نفسها!! > هذا ما يتعلق بالجنوب.. ما ذا عن ثقافة الإمامة في صعدة على وجه التحديد أيضا؟ أقول: عن صعدة القصة فيها محنة وبلية وشر البلية ما يضحك كما يقال، هي بدأت كصنعة سياسية داخل القصر الجمهوري منذ منتصف التسعينيات ربما منذ أن بدأ الإصلاح والاشتراكي يتواجدان داخل محافظة صعدة وكذا الناصري، حصل الرعب لدى السلطة من أن تتمدد هذه الأطرف خاصة بعد أن خرج الاثنان من السلطة وأصبحا يمثلان معارضة لها، لأن أي تمدد سياسي لهم في هذا المحافظة التي ظلت مغلقة على نفسها هو خسارة سياسية بالفعل على السلطة فعمدت على إيجاد بديل آخر واستنجد ببؤرة متخلفة وكان الأفضل أن يتمدد هو ليملأ الفراغ، راح يفتش عن النزعات المذهبية والطائفية القديمة ويمولها ويعطيها المال والإمكانات، وسلمت لهم المحافظة من وقت مبكر، وهذا معروف، وكان حسين بدر الدين الحوثي يتسلم ريع المحافظة كاملا من زكوات وضرائب، إضافة إلى ميزانية أخرى من النفقات المركزية والكل يعرف هذا، وكانت السلطة تظن أنها ستخلق كتلة كان يحسب أنها ستكون معه لكي تقف في وجه الإصلاح من الناحية المذهبية والأيديولوجية، ولكي يوجد معادلة سياسية، ولكن لأن هذه المنطقة فيها جذور تاريخية عميقة لفكر ديني وسياسي ليس من السهل أن تحوله إلى مجرد دمية تلعب بها انقلب السحر على الساحر، وصاروا هم يتحسسون إمكانية أن يكون لهم مشروعهم الخاص بدلا عن علي عبد الله صالح، علي عبدالله صالح في نظرهم ووفقا للرؤية الفقهية المحسوبة على الإسلام والإسلام منها براء، أنه مغتصب للسلطة وليس صاحب حق لها؛ لأنه ليس من البطنين، إضافة لدخول الطرف الإقليمي الآخر الذي دخل في الزفة بعد نجاح الثورة الإيرانية التي وجدت لها أذرعا مرحبة بها في المنطقة ربما ليس ضد اليمن، بل ضد المملكة، ونحن نتمنى على القيادة الإيرانية أن يعتمدوا منطق العصر ومنطق العصر في تعاملهم مع هذه القضية... ــ دكتور.. والوضع بهذه الصورة التي أشرت إليها ما الحل الذي يمكن أن يكون ناجعا ومفيدا خلال المرحلة القادمة لتجاوز ما وقع اليمنيون فيه منذ فترة أو بالأصح لتجاوز عقبات السلطة ومشاكلها التي زرعتها ومضت؟ أولا سبب هذا الشرخ ليس لأن المعارضة أقل شأنا من السلطة التي افتعلت كل هذه المشكلات، بل لقد ساهمت شخصيات كثيرة في السلطة والمعارضة في خلق هذه البؤر وهذا الشرخ العميق في منظومة الثقافة الوطنية وتمويله والارتماء في أحضانه، انتعشت القبلية.. انتعشت الطائفية.. انتعشت القاعدة.. هذه بذور إما بذرتها السلطة مماحكة للمعارضة أو صنعتها المعارضة للمزايدة بها في وجه السلطة الفاسدة، الطرفان ساهما في ذلك وتسببوا في إيجاد هذا الشرخ الوطني بل وصنعوه من العدم.. من الذي اصطنع دماج وجامعة الإيمان؟ من الذي اصطنع الحراك؟ الفساد صنع هذا كله. وهم الآن يجنون ثمرة ما زرعوه.. > طيب أنا سألتك سابقا.. ما الحل؟ نحن نعيش الآن مرحلة الربيع العربي والوضع الراهن يشهد توافقا سياسيا بين قوى سياسية أكثر منه بين كافة القوى الوطنية حسبما أشرنا في دراسة متكاملة جاهزة الآن لمجلس تنسيق منظمات المجتمع المدني، هذا التوافق بين القوى السياسية من أفضل ما فيه أنه يمكن أن يوقف القتل وسفك الدماء التي كثرت في الفترة الماضية فأن يتفقوا علينا أفضل من أن يقتتلوا بيننا، أما البعد الاستراتيجي الآخر للمستقبل فيكمن في ثورة الشباب وثورة المجتمع اليمني الذي لا يزال في أغلبيته صامتا، ويتحرك ببطء، هذه الثورة يجب أن تتجذر ويجب أن تتبلور وتتأطر في أطر وطنية وسياسية منظمة وتتجاوز حالة الشتات والتبعثر القائم، من حسنات ما دار بعد المبادرة الخليجية أنها فرزت الألوان، كان في مرحلة ما قبل الاتفاق يوجد خلط بين مناصري الثورة وأعداء الثورة، فكثير من رموز الفساد كانوا قادة للثورة، وآخرون كانوا في المعارضة تحولوا إلى سلطة، وفي حقيقة الأمر فالطرفان سلطة، ليس من قبل 33 سنة إنما منذ خمسين سنة، وربما منذ أحداث نوفمبر من حين أجبر التيار الوطني والحداثي على التنازل ويصبح عنصرا تابعا للقبيلة والعسكر وكذا على مستوى جنوب الوطن سابقا تحول مركز الثقل الوطني التغيير إلى تابع يبحث عن السلاطين والقبيلة وشخصيات ما قبل الاستقلال، وعندما قامت الثورة اليوم أراد الكثير أن يصطاد في الماء العكر ويقدم نفسه للثورة، إنما لحسن الحظ المبادرة الخليجية فرزت هذا الموقف ووضحته كثيرا ولم يعد الشباب مجرد ضحية تستخدم لترجيح كفة المعارضة أو السلطة، اليوم يتبلور موقف وطني وحضاري مدني وسلمي وهو أعظم إبداع تاريخي في الربيع العربي، وفي الربيع اليمني على جه أخص.. ــ ألا ترى أن الأحزاب السياسية هي العمود الفقري لهذه الثورة كقوى فاعلة ولها حضورها السياسي والاجتماعي؟ لا أرى ذلك، ومن يقول هذا فهو يغالط التاريخ، الأحزاب السياسية منذ نشأتها ومن قبل عشرين سنة لم يحركوا شارعا، هات لي موقفا تحركت فيه الأحزاب السياسية سلطة أو معارضة..هم موجودون لكنهم ظلوا منشغلين بمسألة التقاسم ونصيبي ونصيبك فقط، وكم لي وكم لك، انشغلوا بما يدور في السطح ولم ينشغلوا بهموم الشارع مباشرة، المسألة هكذا وإلا لما كان الحراك في الجنوب أو الحوثيون في الشمال، الشارع عزلهم تماما، هذه تحركات اجتماعية أفرزت نفسها بنفسها على الساحة بما في ذلك ثورة فبراير بدأها الشباب كما تعرف، ونزلوا إلى الميدان ثم جاءت الأحزاب وركبت الموجة والتحقت بالساحات مؤخرا، ثم تسلطت عليها بآليتها..وأضرت بها في النهاية.. ــ معذرة دكتور.. كيف أضرت بها؟!! أضرت بها أن أرادت أن تؤطرها حزبيا وتجعل منها ورقة تساوم بها السلطة وتضغط عليها بها، السلطة لم تكن تعترف ـ سابقا ـ للمعارضة بشيء، ولا تريدها لا مناصفة ولا غير ذلك، ولولا الشباب لما وصلوا إلى هذا الحل.. > ألا ترى في المبادرة الخليجية والتي تبناها الساسة بالطبع ما يفيد ويخرج اليمن من ورطته؟ كما قلت لك سابقا، المبادرة الخليجية أحسن ما فيها أنها أوقفت الدم المسال يوميا في الساحات وميادين الحرية في المحافظات فقط، وهذه لن تحل مشكلة اليمن، وحتى الآن لا يزال كل في موقعه، الرئيس موجود وأصحاب الحصبة موجودون وغيرهم، المرحلة لا تزال تستدعي الجهود الشاقة والمضنية > ألا ترى أن الشباب الموجودين في الساحات هم حزبيون ومرتبطون تنظيميا بأحزابهم التي لا يستطيعون مخالفتها تنظيميا؟ غالبيتهم ليسوا حزبيين، وحتى الحزبيون الموجودون في الساحات وأنا أعرف بعضا منهم ومن حزب الإصلاح تحديدا وعلى رأسهم رمز الحداثة والوطنية اليمنية المناضلة توكل كرمان التي رفعت رأس اليمن عاليا كما رفعت رأس العرب والمسلمين، هذه قيادات وشباب لم يعودوا يتوافقون مع قياداتهم السياسية، صارت لهم برامجهم الخاصة التي لم تعد تتوافق مع برامج الأحزاب، ونحن لا ننكر هنا دور الأحزاب كخيار سياسي لا بد منه لممارسة السلطة والمعارضة على حد سواء، إنما نحن محتاجون اليوم لصوت جديد ضامن لمسار وطني عام ليس بالضرورة أن يكون سلطة يدافع عنها، أو معارضة تطمح إلى سلطة سياسية، صوت في اتجاه مسار وطني وتاريخي عام يقرر مستقبل البلد.. > هذه المكونات الشبابية التي تتكلم عنها لا تزال حتى الآن رهين الفعل الثوري نفسه، بينما الأحزاب تقدمتها إذا ما نظرنا للمبادرة الخليجية من منظور إيجابي؟ بكل تأكيد الأحزاب تقدمت هنا، لكن طبيعة الخبرة السياسية التي راكمتها الأحزاب السياسية جعلتها تتقدم في هذا المسار والوصول إلى هذا الحل.. > من الطبيعي كأحزاب سياسية أن تشتغل في الواجهة السياسية ليس بالضرورة أن تلتحم بالساحات الثورية بصورة مباشرة، الفعل الثوري من مهام الشباب الثوار على نحو أدق؟ أقصد حتى المعارضة، نحن لا نعيش معارضة في الفاتيكان، ولسنا معارضة في مجتمع طائفي، النفس الثوري لا يزال هو نفس اليمن حتى اليوم الذي لم يخمد، وعلى كل الأحوال يفترض بالتغيير أن يكون شاملا ووطنيا، الأحزاب اليوم أمام خيارين: إما أن يستعيدوا نفس الاستجابة والتمثل للمسار الوطني الثوري وإما أن يظلوا متقوقعين في محلهم منذ أن عطلوا مسيرة الانتخابات السابقة حتى الآن.. اليوم المؤسسات تثور..انتقلت الثورة إلى المربع الحقيقي ثورة حقيقية وليس كما تقول السلطة إن هذا استهدافا لها أو انقلابا من أحزاب اللقاء المشترك لكوادرها، إلى حد أن المشترك بدأ يشتكي اليوم وهو في السلطة مما يجري ويلمح إلى التهدئة وطلب الفرصة، ياأخي هذا الحدث التاريخي العظيم الذي يسير في اليمن كله لا أحد يستطيع توقيفه، مسيرة الحياة من تعز وقف المشترك في طريقها لأول مرة.. > هذا سؤال آخر.. دعنا نفصل القول في ثورة المؤسسات اليوم وانتقالها من الميادين إلى المؤسسات وهذا الحدث الأهم في الأيام الأخيرة؟ أستطيع القول في هذا الأمر بأن هذه ظاهرة صحية وجيدة وتسير في طريقها، بدأ القطاع الصامت في المجتمع ينطق وكان لم يتحرك من سابق، هذه ليست حزبية على الإطلاق ولا علاقة لها بالأحزاب؛ لأنه ما فيش عاقل يصدق أن في التوجيه المعنوي مثلا شخصيات معارضة إصلاحيين أو اشتراكيين، أو في قاعدة القوات الجوية أو في الشرطة العسكرية أو في بعض المعسكرات المهمة، هذه الثورة في المؤسسات تعبير حقيقي ومباشر عن فشل السلطة حتى مع نفسها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فهذه الثورة المؤسسية هي أعر ف بمكامن الفساد ومخابئه ومنابعه ورؤوسه وكيفية استئصال هذه الرؤوس بأقل الخسائر وأقرب الطرق، لا يوجد أحد أقدر منهم عليها.. > ما دامت محاربة للفساد بم تعلل إذن انزعاج الرئيس منها حد الهوس واعتبار ذلك مؤامرة يقودها اللقاء المشترك؟ والله الرئيس يعطي اللقاء المشترك أكثر من حجمه، اللقاء المشترك ليس على مستوى دخوله قاعدة القوات الجوية أو قيادة الألوية المهمة هذا نوع من الإفلاس.. > طيب برأيك لماذا يدافع عنهم؟!! هذا هو الفساد، والفساد من الطبيعي أن يدافع عن نفسه، فبدلا من أن نعترف بالخطأ ونعتذر ونقول أخطأنا ندافع عن الفساد، ياأخي علي الشاطر رئيس دائرة التوجيه المعنوي هذا شيء عجيب.. بيني وبينه على الصعيد الشخصي علاقة جيدة لكن كما في المثل: “الحق صراح والصحبة على حالها” هذا مؤبد داخل التوجيه المعنوي منذ ما يقارب أربعين سنة أكثر من الرئيس نفسه..بأي حق يتأبد في هذا المنصب!؟ التركة حق أبيه قد تقسمت بين جيلين بينما هو لا يزال في منصبه وهي حق عام.. موقف عجيب وصعب. > دكتور برأيك ما هي العوامل الموضوعية والذاتية التي هيجت الشارع العربي هكذا فجأة منذ مطلع العام الماضي في صورة لم تكن على الحسبان.. أنا شخصيا لا أراها مرتبطة مباشرة بمحمد البوعزيزي التونسي وإن كان ساهم في ذلك.. في الأمر ما يستدعي التمهل في التقييم؟ أخي العزيز بمنطق العلم وبمنطق الجدل، والذي لا يعجبه أن يسمع هذه الكلمة عليه أن يسمعها؛ لأن الجدل يقوم في الأساس على النقيض ونقيضه في الوصول إلى نتيجة ثالثة ـ أقول: هذه الأمة ليست استثنائية عن الأمم وليست أمة هامشية، هذه أمة ارتكزت عليها حضارة البشرية في يوم من الأيام بالكامل وأمة تحتل أهم موقع استراتيجي على الكرة الأرضية وتقف على أهم موارد العالم وتملك من العمق والثقافة والتاريخ ما لا تملكه أي أمة من الأمم وبينها من القواسم المشتركة واللحمة القومية والروحية والدينية الواحدة ما لا يتمتع به مجتمع صغير في مكان آخر، مجتمع كإيران مثلا فيه أكثر من ثلاثين قومية وديانة بينما الأمة العربية من المحيط إلى الخليج تتمتع بمقومات لا نظير لها في العالم، ومع ذلك ساستها يعملون على تفتيت وتجزئة هذا المشترك الذي يبحث عنه البشر اليوم، أوربا عاشت قرونا من الصراع والحقد والكراهية بينها، الألماني اليوم إذا كلمته باللغة الإنجليزية وهو يعرفها يرفض أن يرد عليك، وبل ويحتقرك، بينما هذه الأمة تكاد تكون شيئا واحدا وابتليت في القرن الأخير بما لم تبتل به عبر التاريخ وبما لم تبتل به أمة أخرى، وبالتالي حدث عملية تراكم وصبر، وهناك قانون في الجدل يقول: التراكم الكمي يفضي إلى التحول النوعي، وفي المثل الدارج: ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، وما عربة عزيزي إلا القشة التي قصمت ظهر البعير، هل تموت هذه الأمة بكل مقوماتها؟! شيء لا يحتمل. > العملية لا علاقة لها بالمؤامرات الخارجية كما يقول زعماء الدول التي اندلعت فيها الثورات؟ هم يقولون كذلك لأنهم عاشوا على ثقافة وعقلية المؤامرة في الأساس، المؤامرة هي حياتهم، وهي مبرراتهم..ولا هو أيضا تقليد لطرف آخر.. > الثورة الآن اشتعلت في العالم كله تقريبا.. منذ بداية الربيع العربي العام الماضي بدأ الشارع الغربي والأمريكي يتحرك.. اسبانيا واليونان.. موسكو واليوم أمريكا نفسها.. كيف تقرأ المشهد؟ من أجل نكون منصفين وحتى لا نقول عن أنفسنا إننا المصدرون للثورات الحالية أقول: قد بدأت الثورات المدنية الشعبية من وقت مبكر، الثورة الإيرانية من قبل، وهي من الثورات الشعبي التي استطاعت أن تغير حياتها بثورة سلمية، آسيا وأوربا الشرقية نجحت في ثوراته البرتقالية، لكن أن تدخل نفس الثورة الآن إلى البلدان التي تعتبر نفسها أم الديمقراطية في أوربا الغربية وفي أمريكا هذا هو الشيء الجديد، وهذا ما نستطيع تفسيره من منظور اجتماعي بالقول إن العالم اليوم قرية واحدة ومصالح العالم مترابطة وأي حدث في أي مكان يؤثر في المكان الآخر من الكرة الأرضية مهما بعد، مصالح الناس اليوم لم تعد تتجزأ. الذي حدث من وقت مبكر أن الطبقة العالمية الجديدة المسيطرة على الثروة والمال والتجارة والتكنولوجيا والتي لا تتعد الشيء القليل وهم الدول الصناعية الثمان هذه الفئة بدأت من وقت مبكر تنظم مصالحها وتنتظم كطبقة سياسية، وما حلف دافوس الذي ينعقد بين وآخر لكي ينسق المصالح العالمية بين هذه الشركات التي تعدت العام في حجمها ونشاطها، إلا جزء من هذا التحالف الطبقي العالمي الذي يريد أن يسيطر على مصالح البشرية، وكما تقول تقارير الأمم المتحدة أن اثنين ونصف في المائة من أغنى أغنياء العالم يسيطرون على 85 % من الموارد الطبيعية والإنتاج الصناعي من رأس المال الثابت، من التجارة العالمية. هؤلاء عندهم مصالح عالمية مشتركة الطرف الآخر المتضرر منهم لم ينتظم بعد، وهو السواد الأعظم الذي يتحمل مآسي العولمة والأزمات العالمية والحروب وغير ذلك، هذه الثورة وهذا الامتداد الذي يتجاوز البلدان النامية باتجاه البلدان المتقدمة هو جزء من التحالف الجديد للمجتمع البشري المتضرر من النظام العالمي المستغل الفاسد وهذا ما يبشر بثورة عالمية يعقبها نظام عالمي جديد، عالم يصنعه الكل اليوم لينتفع الكل بعد ذلك بمخرجاته.. > أفهم من كلامكم ميلاد ونشوء مجتمع كوني عالمي موحد أو متقارب ومتعايش أحسن من النموذج الحالي معياره الأساسي هو الإنسان كقيمة تنتهي عندها كل القيم بعد أن تعاملت النظم السابقة معه كآلة فقط؟ تماما..إنسان العالمية والكونية.. > في مشهد الثورة اليمنية ما يستدعي الانتباه والتحليل أن شارك في الثورة الطبقة البرجوازية والإقطاعية ضد النظام في صورة قد تكون مغايرة للثورات كل الثورات.. ما حقيقة ذلك؟ هذا التداخل يمكن أن يكون مقبولا ويمكن أن يكون ممكنا في الظروف الطبيعية العادية، أن يكون للثورة الشعبية أنصار من الطبقة البرجوازية أو حتى من الأسر الحاكمة، وتاريخ اليمن حافل بهذه المواقف العظيمة لأسر وعائلات تجارية عريقة ناصرت حركة الأحرار من وقت مبكر، أنا أذكر من وقت مبكر عندما كنا هربنا ونحن طلاب قبل ثورة 26 سبتمبر بشهرين من تعز إلى عدن كان بيت الأسودي هم من ينفق علينا، كانوا يعطون الطالب يوميا شلنا ونصفا وكنا خمسين طالبا عن طريق الاتحاد اليمني هذا دور وطني يقدمه هؤلاء، البرجوازية الوطنية هي ثورية بطبيعتها؛ لأنها تبحث عن الجديد.. عن المستقبل.. عن النظام.. عن القانون.. عن الدولة.. خلافا للمؤسسة المتخلفة كالقبيلة أو الطائفة أو المذهب، ما حدث عندنا هو نوع من الخلط، المؤسسة التقليدية القبلية حصل لها أزمة من داخلها، الكبير يريد أن يختصر الكل في واحد ويورثه!! الصغار لهم مطالب أخرى وهم سلطة واحدة، هؤلاء وجدوا في آلام الناس وفي تطلعاتهم وفي ثورتهم ملجأ للثورة.. الحصبة هي سبب متاعب البلد من خمسين سنة مضت، وليس من ثلاثة وثلاثين سنة، علي عبد الله صالح هو رعوي عند عبدالله بن حسين الأحمر هذا الكلام أقوله بشفافية، مثل هؤلاء الناس وجدوا أن الفساد هو المرتكز الذي نرتكز عليه لكي نطرح واحدا بدل وحد. إنما مع مرور الوقت وتعلم الناس للحقائق ولما يجري سيزيل الغموض... > تنبؤاتك إذن لمستقبل الوضع في العالم العربي خلال الفترة القادمة؟ أولا العجلة دارت ولا يمكن أن تعود إلى الوراء وأمام هذه العجلة العديد من المتاعب والمصاعب وتحتاج إلى نفس طويل لتحقق ما خرجت من أجله وما أراده الشباب الذي خرج بعد صمت طويل ليس أمام عمل وطني مباشر إنما أمام ثورة يعقبها عمل وطني، ولا بد أن يصبر ويتعلم، والحقيقة أنه كما يقول الشاعر مطهر الإرياني: يا قافلة عاد المراحل طوال وعد وجه الليل عابس. وقد تنبه الجيل هذا إلى أخطر سلاح يستخدمه في الدفاع عن حقوقه وهو السلمية والسلام. > ظهرت بعض الدول الإقليمية لاعبا أساسيا في مجريات الأحداث الأخيرة ليس على مستوى اليمن فحسب، بل على مستوى الوطن العربي ولها تعاملها الخاص مع كل مشهد، بمعنى أنها تتبع سياسية الكيل بمكيالين.. ماذا تخفي وراءها من لعب هذا الدور؟ بشفافية كاملة سأعطيك نموذجين لهذا اللعب. قطر توصف بأنها الدولة التي تقف وراء الثورات والمشاكل حد تعبير الأنظمة المتهالكة، هكذا يقولون، مقابلها السعودية التي على الضد من هذا الموقف، لكن الاثنين معا يحكمهما طرف ثالث خفي يقرر ما الذي يحدث أو يكون!! وأقول لك: لا تستغرب وقوف قطر مع الثورة، مع كامل احترامنا لمواقفها المشرفة تجاه اليمن منذ سنوات، الأمريكان أنفسهم والغرب يقفون اليوم مع الثورة؛ لأنهم يعقلون ويشتغلون سياسة بحتة، يعرفون أن كل أوراقهم القديمة لم تعد تنفع ولم تعد صالحة للاستعمال وأن الثورات اليوم من صنع الداخل لا من صنع الخارج فما كان منهم إلا أن يتكيفوا مع هذا المتغير ويلعبوا معه لعبة القط والفأر، هم يحاولون أن يستوعبوا ما جرى لكي يجدوا لهم مكانا في المستقبل في هذه الشعوب، يحاولون أن ينظفوا أنفسهم أمام الرأي العام كما يفعل بعض الفاسدين اليوم عندنا في الساحة.. هذا الاتجاه انعكس على مواقف بعض الدول العربية إما مع التغيير بشكل قوي وإما بدرجة أقل بين بين.. > لو توقفنا قليلا أمام مسألة تاريخية لليمنيين وهي لجوءهم إلى الخارج لحل قضاياهم الداخلية على الدوام مهما كان هذا الخارج.. ما هذه العقدة اليمنية الخالصة؟ لا أريد القول أن العقدة اليزنية تسحب نفسها علينا كيمنيين على الدوام..مع أن الواقع يقول ذلك، والعالم اليوم قرية لا يستطيع أن يعيش بمفرده، وقد تكون اليوم مبررة مع أنها انتقاص في حقنا وإساءة للشعب وتفريط بكرامته، يا أخي هذه المبادرة ليست مبادر الخليج مع احترامنا لهم، وإلا هناك مشاريع مبادرات وصلح بين الطرفين كثيرة ابتداء من اتفاق فبراير 2009م إلى اتفاقيات النائب إلى غير ذلك من الاتفاقيات.. لماذا لا نحترم هذه الاتفاقيات فيما بيننا؟ المشكلة أنه لم يعد أي طرف يثق بنفسه ولا بالطرف الآخر، فصار يبحث عن وصي يضمن له صاحبه!! ونحن كشعب لا نقبل على أنفسنا هذه الإهانة أن جعلوا قضيتنا تحت وصاية هزيلة مؤسفة.. كيف تنخفض رؤوس اليمنيين أمام بعض الأمراء؟ ــ قراءتك لمسيرة الحياة الراجلة من تعز إلى صنعاء التي تذكرنا بمسيرة الملح التاريخية عند غاندي؟ في تقديري هذا من أعظم الأحداث التاريخية في تاريخ اليمن، هذه مسيرة قفزة نوعية لرسالة اليمن لنفسها وللآخر، مسيرة عظيمة وسيكون لها ما بعدها، هذه المسيرة لم يصنعها حزب أو سلطة أو صاحب نفوذ أو مال إنما صنعها شباب اليمن، وهي الصوت البديل الذي يجب أن يسمع له العالم. وقد استرد اليمانيون أنفاسهم بحكومة الوفاق الحالية التي نأمل منها كل الخير وتخليص اليمن مما يمر به. ــ كلمة أخيرة؟ إن كان من كلمة أخيرة فهي للشباب أقول لهم: ارفعوا شعار: يا شباب اليمن اتحدوا عاد المراحل طوال..just_f[/td] | [/tr] |
|