Admin Admin
عدد الرسائل : 13163 تاريخ التسجيل : 12/10/2007
| موضوع: ليلة القبض على مفتي القذافي (عبد الرحمن الصلاحي الأحد سبتمبر 04, 2011 7:23 pm | |
| كثيرة هي مشاهد انتصارات الثورة الليبية هذه الأيام التي تستدعي التأمل ، ومن آخرها مشهد القبض على مفتي القذافي بموقف مخزٍ ممزوج بالرعب ودموع المهانة ، مع أن الثوار الذين انتزعوه من غرفة نومه بملابسه الداخلية تعاملوا معه بأخلاق عالية لا يستحقها أمثاله.هذا المشهد من مشاهد الحياة التي قد لا تستغرق دقائق معدودات ، لكنها تظل عالقة بالذهن تستدعي التفكير وعشرات الدروس والعبر ، أولها أن الإنسان يجب أن يحسب لأقواله وأعماله ويضع الاحتمالات لمستقبله ومآله الدنيوي والأخروي ، فالحياة ليست لعبة نخوضها ولا مقامرة نغامر فيها ، بدون التفكير في النتائج والعواقب . ويا ظالم لك يوم ، والبغي مرتعه وخيم. هذا المفتي الذي كان إلى أيام قليلة ونحن نشاهده يصف هؤلاء الثوار بأنهم خوارج وزنادقة وفسقة وخارجين عن الملة وأعوان للكفرة ويجب قتلهم بلا رحمة ولا تردد، انقلب موقفه تماماً فأصدر فتوى سريعة بعد القبض عليه بأنه يجب طاعة المجلس الانتقالي وأنه صار هو ولي الأمر الشرعي ، بل واستدعى من كلام ابن تيمية الذي توفي قبل سبعة قرون بأنه يفتي بوجوب طاعة المجلس الانتقالي ، مثلما كان يفتري عليه طوال الفترة السابقة بأنه يفتي بوجوب طاعة القذافي وقتل كل من يتمرد عليه . وقد أصابته حالة الصدمة التي تصيب المجرمين عند القبض عليهم والتي تدفعهم لإنكار كل ما ينسب إليهم ، مع أننا إلى أيام قليلة كان يقف أمامنا بالصوت والصورة أ ويحشد الأدلة من هنا وهناك ، ويستدعي الأقوال من علماء السلف والخلف ، حتى كاد يقنعنا بأن القذافي هو أبو بكر الصديق وأنه يخوض حروب الردة ضد الليبيين الثائرين . وليته كان أبقى ولو قليلاً من الاحترام لذاته وامتنع عن الكلام وإصدار الفتاوى المعاكسة بعد القبض عليه ولو حتى لفترة وجيزة حتى نقول إنه ربما وقف مع نفسه وراجع مواقفه ، فالإنسان يحترم صاحب المبدأ ولو كان عدوه ، لكن الإنسان التافه لا يزال يثبت لنا كل يوم أنه تافه. ربما يتكشف لنا لاحقاً أن هذا المفتي لا صلة له بالعلم ولا بالفتوى ، وأنه لم يكن إلا شخص مستأجر لجهات أمنية أو سلطوية كان يؤدي مهمات مرسومة له ، كغيره من الحفنة المستأجرة لتلميع صورة المستبد الكالحة ، وإضفاء الهالة والقداسة على شخصه وعلى أفعاله ، لكن ما يميز أمثال هذا المفتي وأمثاله عن غيرهم من العكفة ، أنهم يتقمصون الدور ويعيشون الوهم الذي رسموه هم ويحاولون أن يلعبوا دور البطولة بينما الحقيقة أنهم مجرد أشخاص ثانويين على الهامش يؤتى بهم لمجرد اكتمال الصورة والمشهد.أصحاب الأدوار الفاعلة (أمنوا حالهم) أبعضهم من فرَّ إلى الخارج بما خف حمله وغلا ثمنه ، وبعضهم اكتفى برصيده السري لدى بنوك سويسرا ، والبعض فر إلى الداخل واختبأ جيداً ، والبعض أعلن انضمامه للثوار لعلّ وعسى .. وبقي هؤلاء الكمبارس المغفلون يلاقون مصيرهم المزري ، فلا ربحوا ديناً ولا دنيا ولا سلمت لهم حتى أنفسهم ولا الفتات الذي كان يلقى لهم. just_f | |
|