في تصريف الأيام وتقلبها من حال إلى حال يجد الإنسان نفسه بين أمرين
أولهما: إما أن يصمت ويجنب نفسه العناء (وهذا الغالب )
وثانيهما: أن يتقدم ويتحمل نتيجة أفعاله أو أقواله (وهذا النادر)
فالناس ينقسمون بين شجاع وجبان ..أما الجبن وحب السلامة فلن نتطرق له ...أما الشجاعة فهي محور حديثنا ....فالشجاعة كخلق تعد عماد الفضائل يدعيها الكثير ولكن تكشف الوقائع ادعائهم .
ولكن يختلط على العامة التفريق بين (الشجاعة والتهور) ويعتقد البعض إن التهور من الشجاعة وهذا غير صحيح
فالشجاعة والتهور بينهما خيط رفيع يميز بينهما العاقل ولا يفطن لها الجاهل .
فالشجاع :
له غاية وهدف وهذا ما يتفق معه المتهور, ولكن يختلف عنه بأنه يحسب للأمور فأن كانت له وحان وقتها سبق إليها ولم يتردد ,وان لم تكن الظروف في مصلحته تريث حتى تحين الفرصة (فهو يحسب لما سيكسبه وما سيخسره) ويتحمل (المسؤولية)في ما سيواجهه من ردة فعل أو قول .
أما المتهور:
فهو المندفع لنيل مكسب ما، دون حساب التبعات ورد الفعل على ما قاله أو فعله فهو في الغالب يضر نفسه ويضر من اتبعه وقليلا ً ما يجني من المكاسب.
مقدمة أحببت أن ابدأ بها مقالي لتطبيق ما قراناه على مداخلة في برنامج فتأوي لقناة فضائية يوم الجمعة 13/3/1429 هـ استمعت لها حتى نهايتها وبدأت أفكر وأراجع مضمون المداخلة ....هل تعد من الشجاعة أم من التهور ؟
القناة قناة (المجد ) المداخلة من الأمير خالد بن طلال موضوع المداخلة (انتقاد واضح وصريح بالأسماء لشخصية وزارية ومؤسسات إعلامية)
نقاط المداخلة كالتالي :
1- نقد لسياسة وزير الإعلام في ما تبثه القنوات الرسمية من مظاهر تخالف توجهات الدين (اختلاط وخاصة في البرامج الحوارية ، الحجاب وضوابطه , عرض أفلام ومسلسلات يتحرج المجتمع من ظهورها في منازلهم ومشاهدة أسرهم لها ) .
2- نقد القنوات الإعلامية المملوكة لسعوديين وتسميتها (art-mbc LBC-روتانا) ودورها في إفساد المجتمع والأخلاق .
دعونا نفصل في النقد من واقع ما يعرض ونبدأ بوزارة الإعلام ونذكرها كالتالي :-
1-الاختلاط :عند النظر في موضوع الاختلاط نجد النصوص الثابتة في تحريم الاختلاط ، ولم يسمح الدين بالاختلاط إلا بشروط واضحة واعتقد أن هذه الشروط ليست متوفرة وليس لها مكان في استيديو البرامج الحوارية.
2-الحجاب : يستخدم البعض رأي بعض مذاهب أهل السنة والجماعة مثل الشافعية بجواز كشف الوجه واليدين ولكن ليت الأمر توقف عند هذا....
فلا اعتقد إن من علماء أهل السنة والجماعة ومنهم الشافعية من يبيح ويجيز كشف الوجه واليدين، وإظهار نصف شعر الرأس، وبروز الصدر(بحيث يستطيع المتزوجون معرفة مقاس السينتيانه) ثم يقال لنا إننا لم نخرج عن الحجاب الشرعي !!(افحمتمونا بهذا الحجة!!)
إذا هناك مخالفات شرعية مقصوده كان يمكن للإعلام السعودي تجنبها والوصول إلى المتلقي داخل المملكة وخارجها بدونها ....إذا لماذا يصر الوزير على الاستمرار على هذا النهج !!
إما لموضوع انتقاد القنوات الفضائية فاللافت للنظر هو انتقاد المؤسسات الإعلامية بأسمائها وهذا الجديد في الأمر... فالأمير ذكر( أسماء القنوات) وذكر إنها معاول هدم وإفساد لما تعرضه في قنواتها...هنا نطرح سؤال : هل ذكر الأسماء صراحة ً... تهور أم شجاعة ؟
و لماذا ذكر الأسماء ... ولم يجعل الخطاب عام؟
سيقول البعض وما وجه التهور أو الشجاعة في ذكر الأسماء ؟
والجواب كالتالي :عندما يذكر الأمير أسماء القنوات فأنه يصنع له خصوما وهؤلاء الخصوم ليسوا بالخصم السهل فهم يمتلكون قنوات تبث في إرجاء العالم ويستطيعون الرد صراحة و بطريقة مباشرة أو باستخدام أسلوب الغمز الواضح
فكلنا يعلم إن الإعلام يسيطر على عقول الملايين من المتابعين ويستطيع قلب الحقائق وتصيد الأخطاء ونشرها وأيضا ًالتضييق على المصالح الخاصة لأي شخص (مستهدف) وكل أصحاب النفوذ والمصالح يجاهدون لتكون علاقتهم بالإعلام والإعلاميين جيدة .
فلماذا أعلنها الأمير بصراحة ووضوح بأن هذه القنوات أدوات إفساد للدين والأخلاق .
في واقع الحال( الأمير شجاع في مداخلته) لان الأغلبية تعرف اثر هذه القنوات وان مضارها أكثر من نفعها على الأسر والمجتمع (هذا واضح وضوح الشمس )..ولكن فضل الأغلب لزوم الصمت والاكتفاء بالنقد في المجالس الخاصة والعامة ولم يخرج احد في الإعلام ليوضح هذا الواقع صراحة ويذكر أسماء القنوات ودورها السلبي الواضح ويستخدم النقد الصريح الموجه بدلا من خطاب الوعظ الذي نعلم ويعلم صاحبه انه لن يغير في الوضع لان أصحاب هذه القنوات اختاروا طريقهم ولن يتراجعوا عنه .
وأيضا ً لم يكتب احد عن دور هذه القنوات(في الانترنت) وتسميتها وآثارها السلبية على المجتمع إلا بأسماء (مستعارة) ولم يخرج احدهم باسمه الصريح وتحت مسؤوليته ....وما فائدة هذه العنتريات والخطابات الرنانة إذا كان أصحابها يضعون أنفسهم خلف الستائر!! وخصومهم يظهرون بأسمائهم وهيأتهم وكأنهم اصحاب الرسالة الحق !!.
إما بالنسبة لذكر أسماء القنوات صراحة (يعتبر ذكاء منه) لأنه قطع الطريق على الذين كانوا ينتقدونه عند (سماعهم له) بانتقاد ما يقدمه الإعلام ولسان حالهم يقول (ابدأ بأخيك قبل غيره) وكلنا يعلم إن الوليد من اكبر المساهمين في هذه الشبكات الإعلامية ولكن انتقاده لهذه القنوات بالأسماء أرسل رسالة بأنه غير راضي ورافض لما تقدمه فلا يستطيع احد أن يلومه على ما يقدم فيها... وان كان الوليد من الممولين لها .
ولننظر لتبعات هذا المداخلة : -
1- إن الواقع لا يسمح بالسكوت والتمتمة فديننا ليس دين تصوف وتكاسل وليس في ديننا ضعف في الحجة والدليل لنترك الساحة لهم يفعلون ما يشاءون من دون نقد يكشف إضرارهم أمام ألعامه .
2- ما الفائدة والمكاسب التي سيجنيها الأمير خالد من انتقاده ...
أ-الأمير انتصر لدينه فأنكر على الإعلام ما فيه من منكرات ونشر لثقافة هابطة لن يجني منها المجتمع خير.
قال تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم)) ....أما يكفيه هذا الوعد من العزيز الجبار !!
ب- أما يكفيه دعاء الغيورين على دينهم له بعد سماعهم للمداخلة !!
وخلاصة الموضوع نقول :ـ
المداخلة كانت بشكل عام شجاعة ووضعت النقاط على الحروف وليس لنا إلا أن نقول للأمير تكلمت بلسان حالنا وعبرت عما في صدورنا (فلا فض فوك) .
موضوع: مداخلة الأمير خالد بن طلال...الأخيرة هل تعد من الشجاعة 
الجمعة مارس 28, 2008 2:25 am
