لماذا تزدهر "أسطورة الفل الغرامية" كل خميس في اليمن؟
الاربعاء 4 يونيو 2014
أحد بائعي الفل في اليمن الاناضول-مأرب الورد
نبات عطري فاق في شهرته كل “ماركات” العطور العالمية وأضحى ضيفا حاضرا في منازل سكان صنعاء، وراجت تجارته بشكل كبير وخاصة يوم الخميس من كل أسبوع.
إنه الفل الذي يعرف بـ”الياسمين اليمني”، وتزدهر تجارته يوم الخميس أكثر من أي يوم آخر من أيام الأسبوع، لارتباط هذا اليوم بمناسبات اجتماعية كالأعراس وعادات وطقوس أخرى خاصة بسكان المدينة.
واعتاد سكان المدينة خاصة الجزء القديم منها على شراء الفُل يوم الخميس أسبوعياً كتقليد قديم لإهدائه للزوجات والأقارب أو تقديمه للعرسان في حفلات الزواج؛ فالفُل من النباتات العطرية الفواحة التي يستطيع المواطن البسيط أن يقتنيها ويعود بها كهدية طيبة إلى زوجته في المساء، كتعبير عن الحب والمودة الكبيرة.
وإلى جانب كونه مصدر بهجة للنفس، يُعتبر “الفُل” أسطورة غرامية لارتباطه الجذري بحفلات الزواج بشكل خاص، والمناسبات الأخرى في الأعراس وحفلات أعياد الميلاد وتخرج الطلاب من الجامعات.
ولا توجد روايات تاريخية حول أسباب تخصيص سكان صنعاء الخميس مناسبة لشراء الفُل وإهدائه لمن يحبون أكثر من غيره من الأيام، لكن جاء اختيارهم لهذا اليوم على الأرجح، لكونه آخر أيام العمل في الأسبوع ومناسبة للراحة الأسرية.
وباتت شجرة الفُل، التي يكثر انتاجها في اليمن خلال شهر الصيف “رمز الحب والجمال” في أوساط المجتمع، وأهم انواع الزينة للمرأة اليمنية في الأعراس واللقاءات النسائية الخاصة والحفلات العائلية، حيث تتباهي كل امرأة بكمية العقود المطرزة من الفُل على صدرها على شكل قلادة.
وفي المناطق الحارة اليمنية، وبالأخص في منطقة “تهامة” شمالي اليمن، وفي “لحج” جنوبا، تنتشر رواية عن زراعة “الفُل” تقول إن الأمير لحج “أحمد فضل القمندان” هو من أتى بها من الهند، وقام بغرسها في بستان الحسيني محافظة لحج، ومنها انتشرت إلى مناطق أخرى.
أحد سكان صنعاء، ويدعى محمد علي قال للأناضول إن “الناس اعتادوا على تخصيص يوم في الأسبوع لإهداء من يحبون هدايا جميلة يأتي الفُل على رأسها في إطار تعزيز أواصر العلاقة والمحبة”.
وأوضح أن “الفُل من أفضل الهدايا التي يمكن تقديمها للزوجة أو المخطوبة أو حتى للعرسان في حفلات الزفاف”.
ويبقى “الفُل” الضيف الدائم في أعراس اليمن، حيث من التقاليد قيام العريس بوضع قلادة كبيرة على عنقه تصل أحيانا إلى طول متر، كما تتزين به العروسة على صدرها بقلادات تصل إلى نصف متر، ويتم تطريزه وسط شعرها ليضع شكلاً جماليا للمرأة.
هنا، قال سالم سالم، صاحب أحد محلات بيع الفُل في العاصمة صنعاء إن “مبيعات ذلك النبات العطرى تزداد الخميس أكثر من غيره من الأيام؛ نظراً لإقبال الناس على شرائه بكميات أكثر من أي يوم أخر في الأسبوع″.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول، أضاف سالم أن “الفُل نبات عطري طبيعي لا يؤثر على من يشتم روائحه بخلاف بعض العطور الصناعية التي يتأثر منها من يعانون من التحسس″.
ولفت إلى أنه يبيع يومياً ما بين 50 إلى 100 عِقد فُل تتراوح قيمة كل واحد حسب طوله وجودته ما بين 200 ريال (أقل من واحد دولار),إلى 1500 ريال (حوالي 10 دولار)، وهذه أسعار منخفضة لآن موسم إنتاج يحل هذه الأيام.
ويعمل مع سالم ثمانية عمال في بيع الفُل وجمعيهم من منطقة “الأباسي”, وهي أحد أشهر مناطق زراعة شجرة الفُل وتقع في محافظة الحديدة غربي البلاد.
وتشتهر المناطق الحارة مثل محافظة الحديدة (غرب) ولحج (جنوب) بزراعة الفُل, ويتخذ منه عشرات الباعة مصدراً للدخل وإعالة أسرهم من خلال بيعه في الطرقات والمدن.
ويرجع خبراء زراعيون ذلك إلى أن نبات الفُل “يتطلب مناخاً استوائياً دافئاً”، وأفضل درجة حرارة للنمو هي 52 درجة مئوية؛ إذ أنه يتحمل الحر الشديد ولا يتحمل البرودة المنخفضة.
ولا يخلو الأدب اليمني من ذكر الفل، إذ تغنى كثير من الشعراء به، ومن أشهر الأغاني أغنية “لحجية” الشائعة في منطقة لحج، وتقول “يا ورد يا كاذي (أحمر)، إلا يا فُل الوادي”، كما يحضر “الفُل” يوميا في تحية الصباح بين المواطنين حيث يحرصون على تحية بعضهم البعض بالقول: “صباح الفٌل” كتعبير عن النقاء والمحبة.