لا تزال الصحف البريطانية تولي اهتماما بالغا للشأن الباكستاني على خلفية اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو, ففي حين ركزت إحداها على الموجات الارتدادية لهذه العملية على المستوى المحلي والدولي, اهتمت أخرى بموضوع خلافة بوتو في زعامة حزب الشعب الذي كانت تترأسه.
تسونامي سياسي تحت عنوان "كل العيون على مشرف" كتب سايمون تيسدال مقالا في صحيفة غارديان شبه فيه عملية اغتيال بوتو بسقوط جلمود صخر من علو مرتفع على بركة ماء مختلط بالوحل, مبرزا أن الموجات الارتدادية لهذا الاغتيال تجاوزت باكستان بل المنطقة كلها لتشغل المجتمع الدولي.تيسدال أكد أن التقييم الحقيقي لهذا تسونامي السياسي ربما يأخذ أشهرا, مبرزا في الوقت ذاته أن القرارات التي سيتخذها الرئيس الباكستاني برويز مشرف في الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة في الحيلولة دون الانزلاق الوشيك لباكستان إلى هاوية الفوضى. وأضاف الكاتب أن الأنظار كلها موجهة إلى مشرف, حيث يرى الكثيرون أن هذا الاغتيال أضعف موقفه بشكل كبير, بل إن بعض مساعدي بوتو يتهمونه بالتآمر لقتلها أو على الأقل الفشل في توفير الإجراءات الأمنية الضرورية لسلامتها. واستعرض روبرت فيسك في صحيفة ذي إندبندنت بعض المضايقات التي سببها مشرف لبوتو من قبيل حرمانها من العودة من منفاها بلندن وأمره باعتقال الآلاف من أنصارها ووضعها تحت الإقامة الجبرية وإعلان حالة الطوارئ. واعتبر أن تلك الإجراءات تبرر ما ذهب إليه بعض مؤيدي بوتو من أن مشرف هو بالفعل من اغتالها, متهكما من محاولة بعض الصحفيين تفسير ترديد مناصري حزب الشعب الباكستاني "مشرف قاتل" بأنهم إنما يعنون أن الإجراءات الأمنية التي وفرّها لم تكن كافية. رهانات كبيرة للجميع ذي إندبندنت قالت في افتتاحيتها إنه أيا كان المسؤول عن اغتيال بوتو فإن الأهداف من وراء تلك العملية واضحة, فهي تهدف إلى زعزعة باكستان ودفعه إلى الخروج عن الفلك الأميركي وتأجيج الصراعات بين أحزابه السياسية وحكومته, وكنتيجة لذلك كله الوصول إلى تأخير الانتخابات البرلمانية المزمعة إلى أجل غير مسمى. وحذرت الصحيفة من تحول باكستان إلى دولة ممزقة وفاشلة وعدوة للغرب، مشيرة إلى أن الرهانات في هذا البلد النووي لا تقل أهمية بالنسبة للباكستانيين منها بالنسبة للغرب. وهذا هو ربما ما دفع إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى العمل على إعداد خطة "للتعامل مع باكستان ما بعد بوتو", كما ورد في صحيفة غارديان. إذ ذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين بدؤوا في جس نبض زعماء حزب الشعب الباكستاني بشأن من سيخلف بوتو في قيادة الحزب. كما اتصلوا بمسؤولين في حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف, رغم تحفظهم السابق على عودة هذا الأخير إلى باكستان لروابط حزبه مع المتشددين الإسلاميين, حسب الأميركيين. وتخشى الإدارة الأميركية أن تسقط باكستان بيد المتشددين الإسلاميين مما سيقوض الحرب التي تشنها على حركة طالبان وتنظيم القاعدة, ويعزز شبح سقوط الأسلحة النووية في يد إسلاميين متشددين مناهضين للغرب. واعتبرت برنوين مادوكس في صحيفة تايمز أن حزب الشعب الذي كانت تتزعمه بوتو سيكون له دور مركزي في تحديد ما سيؤول إليه العنف الحالي, فباستطاعته تقويضه أو تركه يتجذر وينتشر. وتنبأت بأن يفوز في أي انتخابات تجرى الآن بأغلبية مريحة, إذا تمكن من توحيد صفوفه خلف زعيم واحد.
خلافة بوتو قالت صحيفة فايننشال تايمز إن مسألة خلافة بوتو في زعامة حزب الشعب وأثر اغتيالها على حظوظ الحزب في الانتخابات القادمة خيمت على أجواء مراسيم دفنها أمس في إقليم السند.وأضافت أنه رغم أن المراقبين لا ينتظرون أن يبت رسميا في قضية خلافة بوتو قبل الأسبوع القادم, فإنهم يعتقدون أن زوجها عاصف علي زرداري سيلعب دورا محوريا في هذه المسألة إن لم يصبح هو نفسه الزعيم الجديد لحزب الشعب. ونقلت عن مساعد سابق لبوتو قوله إن حزبا مثل حزب الشعب تعود على أن يلعب فيه آل بوتو دورا مركزيا لن يتجاهل في المستقبل المنظور دور زرداري. وتقول تايمز إن الاسم الذي تردد أكثر على الشفاه كخليفة لبوتو هو مخدوم أمين فهيم, الذي كان النائب الأول لبوتو وتولى قيادة حزبها عندما كانت تعيش في المنفى. فيما ترى ذي إندبندنت أن المحامي البارز ومناضل حقوق الإنسان اعتزاز أحسن, وهو وزير داخلي سابق, قد تردد اسمه باعتباره خليفة محتملا لبوتو.
|