الحوثية ظاهرة في التأريخ تكرر نفسها، قوام سماتها الشعور بالتفوق على الخلق، وأنها مختارة من الله كما يقولون (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ..) [القصص : 68] وأنهم عنوان الإنسانية الكاملة وقد تجلى هذا الوهم كشعور مرضي فيمن سبق عبرت عنه الآية الكريمة في سورة المائدة (..نحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ..) فرد الله عليهم (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) أي أن البشر الذي خلق الله خلقهم بنظام واحد، أما الاصطفاء للتبليغ الرسالي فهو اختيار الأنفع للمهمة العظمى من بين الناس ثم تأتي العصمة لحفظ الوحي من صفة البشرية الضعيفة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ..) [الكهف : 110] فلا فرق من حيث أصل العنصر البشري إلا بهذه المهمة التي اختاره الله لتنفيذها، وينتهي الاصطفاء بانتهائها.
أما من عدا الأنبياء فلا يوجد تفوق بشري بالوراثة ولا بالانحدار السلالي (لا فرق بين عربي على عجمي إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ..) [الحجرات : 13]ولو كان لفضل النبوة انسحاب طيني على القرابة وتأثير جيني على العشيرة لكان أبو لهب من خيار أهل الجاهلية لأنه من أصل هاشمي، وقد التقى مع والد النبي – صلى الله عليه وسلم – في صلب واحد ورحم واحد، ولِمَ قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- (سلمان منا آل البيت) وهو فارسي أعجمي؟!!
إنها مجرد خيالات قادت هذه الظاهرة إلى المهالك على مر التأريخ واقرؤوا ما جرَّ هذا الفكر على المسلمين من الويلات باسم الحق الإلهي و (مظلومية أهل البيت) ولا علاقة لسلالة آل البيت الطيبين الطاهرين بها، فظهرت تحت تأثير هذا الشعور المرضي حركات استباحية مدمرة كحركة حمدان بن قرمط في سواد العراق وعلي بن الفضل في اليمن وسعيد الجنابي بالقطيف والحشاشين في قلعة الموت بإيران وحركة الزنج بالبصرة وعبيد الله الفاطمي في المغرب وغيرها من الحركات وكلها كانت يافطتها " آل البيت".
لا يوجد أي دليل قطعي الدلالة حصري الإشارة يدل على أن الهاشميين متميزون عن غيرهم في شيء لا في العنصر ولا في السلطة.. إلا أدلة متشابهة استنباطية إذا قرأتها لأول وهلة لا تضعك على أي معنى متميز خاص بفئة بعينها، إنهم يستدلون على أنهم أطهار بآيات وردت في القرآن من مثل الآية التي سبقت (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ..) [القصص : 68] فماذا نفهم من هذه الآية؟؟ إذا لم نقم بتوظيف خاص وتوجيه تلفيقي ؟ سنفهم أن الله مطلق التصرف في خلقه يخلق الإنسان ويختار أن يكون مكلفا .. ويخلق الدواب ويختار أن تكون مسخرة لمهمة غير الاستخلاف .. ويخلق الملائكة ويختار أن تكون مهمتهم غير مهمة البشر والدواب .. ويخلق الحشرات والسحالي ويختار لها فوائد ومهام ووظائف غير أولئك .. ويخلق الجن ويختار أن تكون لهم صفات وخصائص غير البشر...إنها آية عامة لا تدلنا على معنى محدد غير ما يمكن أن يفهمه أي إنسان.. فمن أين جاء هذا التوظيف الخصوصي السلالي.
ويستدلون بقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) ً [الأحزاب : 33] واختاروا من الآية هذا الجزء (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) وجعلوها خاصة بسلالة النبي من فاطمة – عليها السلام- وقالوا : إن الله قال (عليكم أهل البيت) ولم يقل (عليكن)، ولم يعبئوا بآية أخرى في خطاب الملائكة سارة زوج نبي الله إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فقد جاء فيها (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) [هود : 73] قال (عليكم) ولم يقل (عليكِ) فأهل البيت بهذا يشمل جميع من ينتسب إلى رسول الله من زوجات وأقرباء لكن جعلوها خاصة بهم واجتزؤوها اجتزاء من سياقها.
ولكن فلنقل إنها في الهاشميين من سلالة الإمام علي فأين نفهم منها العصمة، أو معنى التطهير من الخطايا والتنقية من الأعراض البشرية ولو كان فيها هذا المعنى لكان كل مؤمن نقي وطاهر ومعصوم من كتاب الله أيضا فالله يقول: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة : 103] قال الله (تطهرهم) فجميعنا طاهر بهذه الآية مطهر وفي هذه الآية زيادة على آية الأحزاب وهي أمر الله للنبي بالصلاة على المؤمنين وهي معززة بآية أخرى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [الأحزاب : 43] فالنبي يصلي على جميع المؤمنين والله وملائكة يصلون على جميع المؤمنين فلماذا لابد أن يكون الهاشميون متميزين وكتاب الله جاء للجميع، وأين نجد ذلك في دليل خاص واضح لا يقبل التأويل؟!!!
يقولون لكن الله تعالى يقول: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ*ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ..) [آل عمران : 33-34] ونحن آل محمد اصطفانا الله كما أصطفى آل إبراهيم وآل عمران عل العالمين، يقولون هذا لأنهم لا يعرفون من هم آل إبراهيم وآل عمران، إنهم أنبياء آل إبراهيم هم يوسف و يعقوب وإسماعيل وإسحاق. وآل عمران هم أنبياء منحدرون من إبراهيم وهم موسى وهارون ابنا عمران، ويأتي بعد هؤلاء : داود وسليمان وعيسى وزكريا وأصلهم أبو الأنبياء إبراهيم فهم أنبياء ذرية بعضها من بعض، فهل الهاشميون أنبياء، ولما لم يكن أبناء آدم ونوح أنبياء لم يقل إن الله اصطفى آل آدم وآل نوح لأن أبناءهم غير أنبياء.
ولو كان الهاشميون متميزين لأنهم أبناء نبي لكنا جميعا سادة وأبناء نبي لأننا أبناء إبراهيم ولقد اعترف الله بأبوة إبراهيم لعامة المسلمين لأنها أبوة دينية فقال (.. مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ..) [الحج : 78] قال (أبيكم) بينما لم يعترف بأبوة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – لأبنائه لأنهم أرادوها أبوة طين لا دين فقال: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ..) [الأحزاب : 40] فمن أراد أن يدخل في أبوة نبينا إبراهيم فهو سيد من جملة المسلمين ومن أبى فلن تنفعه أبوة الطين كما أثبت ذلك في القرآن.
وكذلك نجد أن الأمومة هي في الدين هي الثابتة في كتاب الله كالأبوة في الدين قال تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ..) [الأحزاب : 6] فأمهاتنا في الدين هن نساء حبيبنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم- ومن لم يؤمن بهن أمهات فلن تنفعه أمومة الطين وأين نجد ذلك في كتاب الله؟!!!
كما أن الله أثبت أخوة الدين كذلك ولم يثبت أخوة الطين فقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ..)[الحجرات : 10] فمن لم يؤمن بأخوة الدين فلن تنفعه أخوة الطين والسلالة هذا هو كلام الله.
إن القرآن الكريم لا يعتد بالطين والجينات الوراثية كما يعتد بالدين كمعيار للتميز والرفعة والتكريم بل إن القرآن ليثبت أن قرابة الطين مع القرب النبوي غير مجدية ولا نافعة إن لم تلتقِ على الدين فالله تعالى ينفي عن نوح بنوة ابن نوح الطينية لأنه لا معنى لها في علاقة القرابة كالدين: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [هود : 46] ولقد جعل الله مراجعة نوح – عليه السلام- لربه في ابنه الكافر بمثابة تعصب سلالي جاهلي لا ينبغي(إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
.. ونجد أبا إبراهيم آزر يهلك وإبراهيم يتمنى أن تنفعه قرابته له في شيء فلم تنفعه واستغفر لأبيه فلم ينفعه استغفاره قال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ..) [التوبة : 114] ولم تنفع نبوة النبي واحدا من أحب الناس إليه كان يتمنى أن يموت مسلما وهو عمه أبو طالب، وذلك لسبب بسيط وهو أن الله لم يعط أحدا من خلقه صكا مفتوحا يكون هو سبب في اختصاص أحد من قريب بشيء أو الاستئثار بأمر من أمور الدنيا أو الدين.
على أن الله لو أراد أن يكون للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- اختصاص سلالي وحظوة طينية كمكافأة له لكان حفظ الله له ابنه إبراهيم غير أن إرادة الله سبقت أن لا يكون لمهمة الرسالة والتبليغ أي إنسحاب عصبوي سلالي فجاءت التدابير الإلهية ألا يكون للنبي ولد ذكر ثم يؤكد خلوصية النبي لهذه المهمة وحسب وهي النبوة كما سبق في الآية.
إن أدبيات الحوثي وملازمة تقرر أنهم الأطهار والمصطفين الأخيار وغيرهم السراب الخادع.. أما كبار الصحابة فمدنسين بالخطايا مع أن الله يذكر أن الصحابة هم الأعظم درجة عند الله وليس غيرهم قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [التوبة : 20] فرغم أن الله يقول عن الصحابة أنهم أعظم درجة وأنهم خير أمة وأنهم خير البرية إلا أن الأوهام والخزعبلات العنصرية جعلت وجودهم في حكم العدم .. إنه مرض الوهم الذي ضخم من الأنا وتسببت في جناية الحوثيين على أنفسهم وعلى أتباعهم وعلى المسلين من بعدهم وتلك الأوهام والخيالات جاءت من التشبث بأدلة ظنية انخدعوا بها وخدعوا أنفسهم وليس لهم في واقع الأمر أي مستند من عقل أو نقل.
الحوثية ظاهرة في التأريخ تكرر نفسها، قوام سماتها الشعور بالتفوق على الخلق، وأنها مختارة من الله كما يقولون (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ..) [القصص : 68] وأنهم عنوان الإنسانية الكاملة وقد تجلى هذا الوهم كشعور مرضي فيمن سبق عبرت عنه الآية الكريمة في سورة المائدة (..نحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ..) فرد الله عليهم (بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ) أي أن البشر الذي خلق الله خلقهم بنظام واحد، أما الاصطفاء للتبليغ الرسالي فهو اختيار الأنفع للمهمة العظمى من بين الناس ثم تأتي العصمة لحفظ الوحي من صفة البشرية الضعيفة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ..) [الكهف : 110] فلا فرق من حيث أصل العنصر البشري إلا بهذه المهمة التي اختاره الله لتنفيذها، وينتهي الاصطفاء بانتهائها.
أما من عدا الأنبياء فلا يوجد تفوق بشري بالوراثة ولا بالانحدار السلالي (لا فرق بين عربي على عجمي إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ..) [الحجرات : 13]ولو كان لفضل النبوة انسحاب طيني على القرابة وتأثير جيني على العشيرة لكان أبو لهب من خيار أهل الجاهلية لأنه من أصل هاشمي، وقد التقى مع والد النبي – صلى الله عليه وسلم – في صلب واحد ورحم واحد، ولِمَ قال النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- (سلمان منا آل البيت) وهو فارسي أعجمي؟!!
إنها مجرد خيالات قادت هذه الظاهرة إلى المهالك على مر التأريخ واقرؤوا ما جرَّ هذا الفكر على المسلمين من الويلات باسم الحق الإلهي و (مظلومية أهل البيت) ولا علاقة لسلالة آل البيت الطيبين الطاهرين بها، فظهرت تحت تأثير هذا الشعور المرضي حركات استباحية مدمرة كحركة حمدان بن قرمط في سواد العراق وعلي بن الفضل في اليمن وسعيد الجنابي بالقطيف والحشاشين في قلعة الموت بإيران وحركة الزنج بالبصرة وعبيد الله الفاطمي في المغرب وغيرها من الحركات وكلها كانت يافطتها " آل البيت".
لا يوجد أي دليل قطعي الدلالة حصري الإشارة يدل على أن الهاشميين متميزون عن غيرهم في شيء لا في العنصر ولا في السلطة.. إلا أدلة متشابهة استنباطية إذا قرأتها لأول وهلة لا تضعك على أي معنى متميز خاص بفئة بعينها، إنهم يستدلون على أنهم أطهار بآيات وردت في القرآن من مثل الآية التي سبقت (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ..) [القصص : 68] فماذا نفهم من هذه الآية؟؟ إذا لم نقم بتوظيف خاص وتوجيه تلفيقي ؟ سنفهم أن الله مطلق التصرف في خلقه يخلق الإنسان ويختار أن يكون مكلفا .. ويخلق الدواب ويختار أن تكون مسخرة لمهمة غير الاستخلاف .. ويخلق الملائكة ويختار أن تكون مهمتهم غير مهمة البشر والدواب .. ويخلق الحشرات والسحالي ويختار لها فوائد ومهام ووظائف غير أولئك .. ويخلق الجن ويختار أن تكون لهم صفات وخصائص غير البشر...إنها آية عامة لا تدلنا على معنى محدد غير ما يمكن أن يفهمه أي إنسان.. فمن أين جاء هذا التوظيف الخصوصي السلالي.
ويستدلون بقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) ً [الأحزاب : 33] واختاروا من الآية هذا الجزء (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرا) وجعلوها خاصة بسلالة النبي من فاطمة – عليها السلام- وقالوا : إن الله قال (عليكم أهل البيت) ولم يقل (عليكن)، ولم يعبئوا بآية أخرى في خطاب الملائكة سارة زوج نبي الله إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فقد جاء فيها (قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) [هود : 73] قال (عليكم) ولم يقل (عليكِ) فأهل البيت بهذا يشمل جميع من ينتسب إلى رسول الله من زوجات وأقرباء لكن جعلوها خاصة بهم واجتزؤوها اجتزاء من سياقها.
ولكن فلنقل إنها في الهاشميين من سلالة الإمام علي فأين نفهم منها العصمة، أو معنى التطهير من الخطايا والتنقية من الأعراض البشرية ولو كان فيها هذا المعنى لكان كل مؤمن نقي وطاهر ومعصوم من كتاب الله أيضا فالله يقول: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة : 103] قال الله (تطهرهم) فجميعنا طاهر بهذه الآية مطهر وفي هذه الآية زيادة على آية الأحزاب وهي أمر الله للنبي بالصلاة على المؤمنين وهي معززة بآية أخرى (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [الأحزاب : 43] فالنبي يصلي على جميع المؤمنين والله وملائكة يصلون على جميع المؤمنين فلماذا لابد أن يكون الهاشميون متميزين وكتاب الله جاء للجميع، وأين نجد ذلك في دليل خاص واضح لا يقبل التأويل؟!!!
يقولون لكن الله تعالى يقول: (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ*ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ..) [آل عمران : 33-34] ونحن آل محمد اصطفانا الله كما أصطفى آل إبراهيم وآل عمران عل العالمين، يقولون هذا لأنهم لا يعرفون من هم آل إبراهيم وآل عمران، إنهم أنبياء آل إبراهيم هم يوسف و يعقوب وإسماعيل وإسحاق. وآل عمران هم أنبياء منحدرون من إبراهيم وهم موسى وهارون ابنا عمران، ويأتي بعد هؤلاء : داود وسليمان وعيسى وزكريا وأصلهم أبو الأنبياء إبراهيم فهم أنبياء ذرية بعضها من بعض، فهل الهاشميون أنبياء، ولما لم يكن أبناء آدم ونوح أنبياء لم يقل إن الله اصطفى آل آدم وآل نوح لأن أبناءهم غير أنبياء.
ولو كان الهاشميون متميزين لأنهم أبناء نبي لكنا جميعا سادة وأبناء نبي لأننا أبناء إبراهيم ولقد اعترف الله بأبوة إبراهيم لعامة المسلمين لأنها أبوة دينية فقال (.. مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ..) [الحج : 78] قال (أبيكم) بينما لم يعترف بأبوة نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – لأبنائه لأنهم أرادوها أبوة طين لا دين فقال: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ..) [الأحزاب : 40] فمن أراد أن يدخل في أبوة نبينا إبراهيم فهو سيد من جملة المسلمين ومن أبى فلن تنفعه أبوة الطين كما أثبت ذلك في القرآن.
وكذلك نجد أن الأمومة هي في الدين هي الثابتة في كتاب الله كالأبوة في الدين قال تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ..) [الأحزاب : 6] فأمهاتنا في الدين هن نساء حبيبنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم- ومن لم يؤمن بهن أمهات فلن تنفعه أمومة الطين وأين نجد ذلك في كتاب الله؟!!!
كما أن الله أثبت أخوة الدين كذلك ولم يثبت أخوة الطين فقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ..)[الحجرات : 10] فمن لم يؤمن بأخوة الدين فلن تنفعه أخوة الطين والسلالة هذا هو كلام الله.
إن القرآن الكريم لا يعتد بالطين والجينات الوراثية كما يعتد بالدين كمعيار للتميز والرفعة والتكريم بل إن القرآن ليثبت أن قرابة الطين مع القرب النبوي غير مجدية ولا نافعة إن لم تلتقِ على الدين فالله تعالى ينفي عن نوح بنوة ابن نوح الطينية لأنه لا معنى لها في علاقة القرابة كالدين: (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [هود : 46] ولقد جعل الله مراجعة نوح – عليه السلام- لربه في ابنه الكافر بمثابة تعصب سلالي جاهلي لا ينبغي(إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ).
.. ونجد أبا إبراهيم آزر يهلك وإبراهيم يتمنى أن تنفعه قرابته له في شيء فلم تنفعه واستغفر لأبيه فلم ينفعه استغفاره قال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ..) [التوبة : 114] ولم تنفع نبوة النبي واحدا من أحب الناس إليه كان يتمنى أن يموت مسلما وهو عمه أبو طالب، وذلك لسبب بسيط وهو أن الله لم يعط أحدا من خلقه صكا مفتوحا يكون هو سبب في اختصاص أحد من قريب بشيء أو الاستئثار بأمر من أمور الدنيا أو الدين.
على أن الله لو أراد أن يكون للنبي محمد – صلى الله عليه وسلم- اختصاص سلالي وحظوة طينية كمكافأة له لكان حفظ الله له ابنه إبراهيم غير أن إرادة الله سبقت أن لا يكون لمهمة الرسالة والتبليغ أي إنسحاب عصبوي سلالي فجاءت التدابير الإلهية ألا يكون للنبي ولد ذكر ثم يؤكد خلوصية النبي لهذه المهمة وحسب وهي النبوة كما سبق في الآية.
إن أدبيات الحوثي وملازمة تقرر أنهم الأطهار والمصطفين الأخيار وغيرهم السراب الخادع.. أما كبار الصحابة فمدنسين بالخطايا مع أن الله يذكر أن الصحابة هم الأعظم درجة عند الله وليس غيرهم قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [التوبة : 20] فرغم أن الله يقول عن الصحابة أنهم أعظم درجة وأنهم خير أمة وأنهم خير البرية إلا أن الأوهام والخزعبلات العنصرية جعلت وجودهم في حكم العدم .. إنه مرض الوهم الذي ضخم من الأنا وتسببت في جناية الحوثيين على أنفسهم وعلى أتباعهم وعلى المسلين من بعدهم وتلك الأوهام والخيالات جاءت من التشبث بأدلة ظنية انخدعوا بها وخدعوا أنفسهم وليس لهم في واقع الأمر أي مستند من عقل أو نقل.