مخاوف على «شرايين» الرئيس!؟
لم يعد خافيا على المتابع لما يجري في البلاد أن هناك محاولات وأفعال وعمليات لقتل رئيس الجمهورية، وهناك إلحاح من قبل الذين يديرون تلك العمليات، إنها من جهة لم تلق أية انعكاسات سلبية عليها، وكأنها لم تفعل شيئا ومن جهة أخرى لم تيأس من تكرار الفشل في تحقيق هدفها، وستظل تخطط وتدبر وفي أذهان من يخططون ويديرون أنها قد تصيب في لحظة ما.
لماذا؟
تعتقد قوى الثورة المضادة أن أقصر الطرق لإسقاط ثورة فبراير 2011م تتمثل في تغييب الرئيس هادي ليس على المسرح السياسي فحسب بل عن الحياة، لذلك تتكرر محاولات استهدافه.
عملية الدفاع
ربما قدر المخططون لعملية مجمع الدفاع أن نجاحها سيكون بنسبة 99%، لعملية غير مسبوقة في شراستها ووضاعة منفذيها، الذين سعوا لإبادة كل حي في المجمع مع احتياطات خارج المجمع وأكثر من مجموعة، عملية محترفين وليسوا هواة، لديهم خبرات أمنية وعسكرية، وجاءوا بمنفذين يخيل لك أنهم من خارج دائرة البشرية، في قسوتهم ووحشيتهم وهمجيتهم.
الثورة المضادة كشفت في عملية مجمع الدفاع عن وجود تحالفات على نطاق واسع بين عصابات محلية وأجهزة استخبارات وحكومات إقليمية ودولية، ذهبت كثيرا من الصحف الغربية ومواقع استخباراتية، إلى أن العملية كانت بتنسيق بين الرئيس المخلوع والحوثيين، والسعودية وإيران، وكان الحضور السعودي ظاهرا مباشرة بعناصر بشرية 7 أشخاص وأما الإيراني فإنه سلاح.
أهداف الثورة المضادة
ماذا لو؟
إن السؤال الذي يفرض نفسه هو: ما الذي يحدث لو نجحت القوى المعادية للثورة في اغتيال الرئيس؟
إن هذا السؤال المطلوب الإجابة التفصيلية عنه المفترض أن يتم إعداد الإجابة عنه من قبل الأجهزة المعنية في الدفاع والداخلية والمخابرات ومركز بحث علمي، ومن ثم إعداد بدائل وليس بديلا واحدا بل أكثر.
استشعار المسئولية
إن الإجابة عن السؤال ماذا بعد هادي؟ المفترض أن يعد من الرئيس نفسه، مع مسئولين معنيين، كونها تتصل بالبلاد وشعبها وبالدولة ووجودها، وليس فقط بعملية انتقال للسلطة أو نقل لها.
الحالة الراهنة
تقف الدولة اليمنية على حافة الهاوية وإن كان مراقبون غربيون قد وصفوا الحالة اليمنية بأنها قفزت إلى الهاوية لكنها لم تصطدم بالأرض بعد، ذلك كان عام 2004م، وكان ذلك الوصف للإشارة بإمكانية استعادتها من الهاوية لأنها كانت تهوي ببطء، أو على الأقل إعداد الأرضية لهبوط آمن، بدلا من ارتطام يجعلها أشلاء.
جاءت الثورة 2011م وكان من أهدافها المحافظة على الدولة اليمنية ووحدتها وسلامتها، والمحافظة على الأمن والسلم في البلاد غير أن الوقائع والمعطيات منذ توقيع المبادرة الخليجية تشير إلى ازدياد قوة الدفع نحو الهاوية، ولم تمهد الأرض لهبوط آمن، أو إذا افترضنا أن ما حدث في نوفمبر 2011 - فبراير 2012م كانت عملية هبوط آمن لكن لم يكن آمنا تماما، فالأرضية التي هبطت عليها الدولة كانت -ولا تزال- مليئة بالحجارة الحادة، والأرضية غير المستوية، ومن ثم فإن الدولة بكل ما تمثله من أهمية قصوى للحياة الجماعية للشعب تهبط وتستعد وتوشك أن تتدحرج إلى واد سحيق، ثم تتحول إلى كيانات صغيرة متقاتلة.
أحداث
من مجمع الدفاع الذي حقق للفاعلين هدفا يتمثل في إظهار السلطة على أنها في غاية الضعف وتم غزوها في عقر دارها المتمثل بالدفاع، ومركز قيادتها العسكرية، لم تستطع حماية ذاتها، بعدها الأحداث تتوالى، الحوثيون يسعون لإسقاط مناطق في عمران، وحضرموت تخرج عن السيطرة، ومساع لإشاعة الفوضى.
شبكة خارجية
ثمة أحداث ووقائع يمكن تصنيفها بأنها خارج المعقول، هناك شبكة من التحالفات بين الشبكات المحلية وقوى خارجية، كيف يمكن أن ندركها؟
كيف يمكن فهم علاقة السعودية بصالح والحوثيين؟ مع أن المعروف هو أن السعودية من رعاة المبادرة الخليجية وتتناقض مصالحها مع الحوثيين وإيران.
الوقائع تقول:
المبادرة الخليجية، إعداد أمريكي تم إلباسها رداء خليجي، أي أن دول الخليج السعودية والإمارات خاصة كأنما أرغموا على تبني المبادرة، ومن المعروف أن الإمارات مركزا للثورة المضادة، فهل تريد السعودية والإمارات إسقاطها؟
هنا تلتقي الإمارات والسعودية مع إيران والحوثيين، فالأخيرين رفضوا المبادرة وأعلنوا أنهم سيعملوا على إسقاطها.
المملكة لأسباب كثيرة منها أنه لا توجد لديها رؤية دقيقة وأن مجموعات داخل الأسرة لها صلات استخبارية دولية وإقليمية تعمل على إسقاط التسوية في اليمن، وتضييق الخناق على السلطة القائمة.
هناك التقاء بين الحوثيين والسعوديين في صنعاء وفي العاصمة البريطانية، وتواصل سعودي إيراني مع الحراك وخاصة المسلح.
إن الولايات المتحدة التي لها دور فاعل في الإشراف على التسوية عدلت سياستها الخارجية تجاه إيران، وتقاربت معها، وتم التوافق بشأن سوريا. ومن ثم للإدارة الأمريكية سياستان معلنة وغير معلنة، ومن ثم فهم يتعاملون مع هادي والحكومة ظاهراً ويتعاملون مع صالح والحوثيين والحراك باطناً.
قد يقول البعض ليس من مصلحة تلك القوى الخارجية انهيار الدولة، وحلول الفوضى وهنا يمكن القول بوجود فرضيتين الأولى أنهم يريدون الوصول باليمن إلى حالة التفكيك المنظم وقيام كيانات من غير فوضى واقتتال، الفرضية الأخرى أنهم يعتقدون أنها ستظل تحت السيطرة.
خطابات الحوار:
إن الحوار الوطني قد وقع في أخطاء استراتيجية قاتلة منها:
- إشراك القوى المعادية للدولة اليمنية والساعية لتفكيكها (الحوثيين والحراك "الانفصاليين").
إن إشراكهم يعني اعتراف بهم، وإعطاءهم اعتبار، مع احتفاظ الحوثيين بالسلاح وسعيهم لامتلاك المزيد والتوسع، وسلب الدولة سلطتها في صعدة.
- اعتبار صالح ومن رئاسته للمؤتمر طرفا في الحوار، مع أنه يعمل بكل الوسائل لإسقاط النظام، ومحاولة استعادة السلطة، مع ما تتمخض عنه جهود في إضعاف للدولة وتعريضها للانهيار.
- إنه جعل السلطة من الضعف بأنها لا تستطيع التعامل مع مجموعات إجرامية بالقانون، بل السلطة تهاب المجموعات، مثل أنك ترى المجرم أمامك ولا تستطيع أن تقول هذا هو وتدعه يتمادى في الإجرام.
- إن طرح شكل الدولة في الحوار، وقضايا الأقاليم هو إضعاف للدولة، ومناقشة في غير وقتها، إن الأصل هو العمل لتثبيت كيان الدولة القائم، وتمكينها على الأرض حتى تقف على أرض صلبة، إن ما يجري يشبه إلى حد كبير قوم في سفينة مهترئة تتقاذفها الأمواج ويمكن أن تغرق في أية لحظة، وبدلا من أن يقوموا بإصلاح ما هو ضروري للوصول إلى الشاطئ يتنازعون في استبدالها وتغييرها بسفينة جديدة، أي أنهم قد يدعون السفينة تغرق ويغرقون وهم يناقشون السفينة الجديدة وشكلها.. الخ.
إنها عملية عبثية، تزيد من إضعاف الدولة وتعمل على التسريع بانهيارها.
ماذا بعد هادي؟
تعتقد قوى الثورة المضادة بأن تغييب هادي أقصر الطرق لتحقيق أهدافها في إسقاط ثورة فبراير 2011م والعودة إلى ما قبلها والذي يزيد من قناعاتها تلك مجموعة من العوامل أهمها:
1- لا يوجد لدى قوى الثورة بدائل، لا نظريا ولا عمليا، من الناحية النظرية فقد تعمدت المبادرة الخليجية وآلياتها السكوت عن هذه الحالة، والدستور يجعل السلطة تنتقل إلى رئيس مجلس النواب ضمنيا وليس تصريحا على اعتبار أن الرئيس ليس له نائب.
2- أن تقع فوضى واسعة، وارتباك لا يسمح لأي من القوى السياسية القيام بأي شيء، وهي حالة من المتوقع أن تكون، فلدى الرئيس المخلوع عناصر ولدى الحوثيين كذلك، للقيام بعمليات سلب ونهب وقطع طرق حتى يستغيث الناس فيكون المخلوع هو المنقذ أو ابنه بما لديه من قيادات عسكرية وأمنية موالية، وقيادات عسكرية وأمنية غير عاملة تظهر كمنقذ.
3- إن الرئيس هادي وقوى الثورة يزيدون من إغراء الثورة المضادة بعدم الإجابة عن السؤال وإعداد البدائل.
إن عملية التسوية وفقا للمبادرة وآلياتها وما يتصل بها من مؤتمر الحوار الوطني، وما نتج عنها من تداعيات تؤكد أنها عملية فاشلة، وأن المعطيات تقول: الجمهورية اليمنية "الدولة" تسير نحو الانهيار، وأن الاستمرار في هذه العملية يعني بالضرورة الانهيار، ومن ثم فإن الضرورة تقضي قيام عملية جديدة، أي أننا أمام خيارين:
الأول: وهو القائم يقول بأن الشبكات المحلية والخارجية تسعى لإسقاط الرئيس لتملأ الفراغ، وقد تنجح وقد تخفق وفي الحالتين فإنها قضاء على مستقبل الدولة اليمنية وتسريع عملية التفكيك.
الثاني: التفكير الجدي في إنقاذ البلاد من مصير تشاهده وتعيشه لحظة بلحظة، وحتى لا تسقط الدولة وتقع البلاد في فوضى عارمة، مع وجود قوى متحفزة ولديها أحقاد وضغائن، وقد تغرق في الدماء والدمار.
صيغة بديلة
لهذه الأسباب يجب تجاوز الدستور والمبادرة والحوار والسير بآليات استثنائية ولفترة تستعيد فيها الدولة عافيتها، ثم بعد ذلك يمكن إعادة تشكيلها وتركيبها، إن المرحلة وإدارة الأزمة تتطلب القيام بالخطوات والإجراءات التالية:
1- يقوم الرئيس بتكليف مجموعة من القانونيين والخبراء الدستوريين بإعداد إعلان دستوري مؤقت، يعلق بموجبه العمل بالدستور، وتحدد فيه اختصاصات وصلاحيات الهيئات الانتقالية، ويتم بموجبه حل مجلسي النواب والشورى، وتشكيل جمعية وطنية تمثل المحافظات كافة وتقوم بدور مجلس النواب.
2- قطع الطريق على الثورة المضادة بتحديد من يخلف رئيس الجمهورية في حالة الوفاة أو العجز، بحيث لا تسمح الحالة بحلول رئيس مجلس النواب محل الرئيس، لأن لنا أن نتخيل أن رئيس الجمهورية المفترض وفقا للدستور القائم، اللواء يحيى الراعي صار رئيسا فمن السهل وبإملاء من سيده المخلوع أن يصدر قرارات استثنائية وخطيرة، وربما أول ما سيفعله هو حل المجلسين وإصدار إعلان دستوري، وحل مجلس الوزراء، وتكليف شخص بتشكيل حكومة من المؤتمر الشعبي ولا يستبعد أن تصدر قرارات بحل الأحزاب السياسية والتمهيد لعودة المخلوع أو هذه الأسرة.
3- إعلان حالة الطوارئ لمدة لا تقل عن 15 يوما وإعلان حظر التجوال في المدن الرئيسية من التاسعة مساء إلى السادسة صباحا أو حسب الحاجة.
4- الإعلان عن التعامل مع الحوثيين والحراك "المسلح الفوضوي" وصالح باعتبارهم مجموعات غير قانونية، والسعي لتحرير صعدة أو محاصرة الحوثيين وملاحقتهم في المناطق المختلفة حتى يتم التفرغ لتمردهم في صعدة.
5- إعادة الانضباط للمؤسسات والهيئات الحكومية والتعامل بحزم مع كل مصادر الفوضى، وفق برنامج وخطوات.
6- خلع صالح من رئاسة المؤتمر الشعبي أو حل المؤتمر ذاته.