هل تلقى حكومة الوفاق طوق النجاة!؟
ميناء عدن ومأساة موانئ دبي
ميناء عدن من المواقع ذات
الاستراتيجية الكبيرة بالنسبة لخطوط الملاحة الدولية، ونظراً لمكانها
المغري وقعت فريسة بين الخوف من قيام الميناء بواجبه الرئيسي تجاه دولته
وأهله وناسه، وبين من أراد أن يجمده ليتحرك هو بحرية أفضل تحت مبدأ عرقلة
مهاجم الفريق الخصم الذي دائماً ما يحرز الأهداف وفرصه في النجاح أفضل، وقد
نجح بالفعل بإرساله ليس فقط إلى دكة الاحتياط بل إلي المستشفى للعلاج
والتأهيل ويا حبذا أن تكون مدة إصابته طويلة كما هو حاصل في إصابة ميناء
عدن بفرعيه محطة الحاويات وميناء المعلا واللذان كان سبب إعاقتهما للأسف من
المحسوبين على قيادة هذا البلد من الذين لفظتهم شعوبهم.
ميناء عدن.. من هنا بدأت الحكاية
في العام 1990م تم اختيار شركة محلية ذات علاقات دولية قوية لتبدأ وعلى
حسابها الخاص دراسة وضع الميناء في حينه ودراسة عدن كمنطقة حرة، وذلك
لتنشيط فكرة المناطق الحرة، وفعلاً بدأت الدراسة في 1-1-1991م بتكليف
الشركة اليمنية للاستثمار -شركة مشتركة بين عائلتين من الطراز الرفيع هم آل
بن محفوظ وآل باوزير.
وبدأت بالدراسة شركة أمريكية متخصصة تدعى "ريثيون" وتعتبر من أقوى الشركات
في مجال الدراسات الدولية، ونتج عن هذه الدراسة مجموعة قرارات تم عكسها في
قرار مجلس الوزراء رقم 65 لعام 93م بتخصيص 15 منطقة حرة في عدن "إحدى هذه
المناطق ميناء المعلا التاريخي وموقع كالتكس" لعمل ميناء جديد ومطار عدن
الدولي، ومن هنا بدأت الحكاية.
وتم تدشين العمل في المشروع في عام 96م حين بدأ بناء ميناء لمحطة الحاويات
كمرحلة أولى، وبدأ العمل في عام 99م، وكان العمل يسير نحو التوسع الكبير
تحت إدارة واحدة من أكبر شركات الإدارة، وبدت الأمور تسير بشكل جيد وتمضي
نحو الأفضل إلى أن وقعت حادثة استهداف المدمرة الأمريكية "كول" فانتكست
الأمور واتجهت اتجاهاً آخر.
وبعد حادثة التفجير بفترة اتخذت شركة PSA والتي كانت تدير الميناء قراراً ببيع حصتها من المشروع والبعد عن الميناء فجاءت شركة أخرى منبثقة من موظفين سابقين في PSA وكونوا شركة OPM
لإدارة الموانئ واستمر الأمر بوتيرة جيدة ولا بأس بها حتى قررت الحكومة أن
تعطي العقد لشركة أخرى، وهنا تفتقت الذهنية الشيطانية للمسئولين المخلوعين
عن كيفية بيع ميناء عدن لمن يدفع أكثر بغض النظر عن مصلحة الدولة وبالنظر
فقط إلي مصلحة المسئول الشخصية.
وبعد مناقصة عبثية تم إرساء عقد الإدارة الجديد على شركة مشتركة بين
الدولة والقطاع الخاص على أن تتولى موانئ دبي إدارة المينائين وذلك بعقد
مكتوب يضع الحكومة في الزاوية ويجعلها في مرمى نيران من تعاقدوا معها بدون
أي سبب سوى مصلحة المسؤلين الشخصية وعلى رأسهم الرئيس المخلوع الذي أصر
-بحسب وثائق ويكيليكس- على أن تتولى دبي مقاليد الحكم على المينائين
وإقصائهما من خريطة الموانئ العالمية ولمدة طويلة.
وهنا نضع القارئ في صورة بعض بنود النسخة الأولى من العقد ومقارنتها مع عقد لنفس المشغل مع ميناء جدة.
جدول يقارن بين الاتفاقية السابقة مع موانئ دبي وميناء جدة الذي تديره دبي في جزء معين
|
الشرح
|
ميناء جدة
|
ميناء عدن
|
|
مدة إيجار المبنى
|
20 سنة
|
35 سنة
|
|
فحص حالة المعدات
|
قبل استلام الميناء وعلى حساب المقاول
|
بعد استلام الميناء وعلى حساب الحكومة
|
|
عدد الموانئ المستأجرة
|
محطة حاويات واحدة
|
محطة حاويات اثنتين
|
|
القيمة الحالية للمعدات
|
ضمن الإيجار
|
حوالي 80 مليون دولار
|
|
قيمة المعدات في العقد
|
غير محدد
|
35 مليون
|
|
دخل الحكومة
|
65% من الدخل
|
متأرجح
|
|
تحصيل المبالغ النقدية
|
شهري
|
سنوي
|
|
لائحة رسوم الموانئ
|
تقرها الدولة
|
يقرها المشغل
|
|
تأمين معدات جديدة
|
يوجد وموضحة بجدول
|
لا يوجد
|
|
التزامات على الدولة بعد التوقيع على العقد
|
لا يوجد
|
لا يوجد
|
|
التزام بتوظيف عمالة وطنية
|
ملزم ضمن جداول واضحة
|
غير ملزم
|
|
برنامج خاص لسلامة العمال
|
موجود
|
غير موجود
|
|
برنامج الإسعافات الأولية والعلاج الطبي
|
موجود
|
غير موجود
|
|
سعر الكهرباء
|
متغير بحسب المتغيرات
|
ثابت لمدة 35 سنة
|
|
تسويق الميناء
|
محدد بميزانية
|
غير محدد بميزانية
|
|
الضمانات المقدمة للحكومة
|
100 مليون ريال سعودي
|
لا شيء
|
|
التأمين على المحطة والمعدات
|
يوجد
|
لا يوجد
|
|
إلزام المقاول بالتعامل مع مؤسسات خدمية وطنية
|
ملزم
|
غير ملزم
|
|
التنازل عن العقد أو جزء منه
|
بموافقة الدولة
|
بدون موافقة الدولة
|
|
رهن المشروع
|
غير ممكن
|
ممكن
|
|
تسوية المنازعات
|
في المملكة
|
خارج اليمن
|
|
مبلغ تحسين الميناء على حساب المقاول
|
84.5 مليون ريال سعودي
|
صفر
|
|
ملكية الميناء
|
100% للدولة
|
ملكية غير خالصة للدولة حيث هناك بعض المشاكل العالقة
|
|
المعدات التي يتعذر إصلاحها أثناء العقد
|
يستبدلها المقاول وعلى حسابه
|
لا وجود لمثل هذا البند
|
|
توظيف العمالة الحالية بنفس امتيازاتهم
|
ملزمة
|
غير ملزمة
|
|
حق الحكومة في رفض الموظفين غير الملائمين
|
حق كامل
|
لا يوجد حق للرفض
|
|
إلزام المقاول بتوفير مرافق سكنية ومؤثثة للموظفين
|
ملزم
|
غير موجود وغير ملزم
|
|
في حالة إخفاق المقاول صيانة الميناء
|
يتم صيانة الميناء من خصمها من قيمة الضمان
|
لا وجود لمثل هذا البند
|
|
التأخر في تنفيذ العقد
|
غرامة 5000 ريال سعودي يوميا
|
لا شيء
|
|
أي انخفاض في مستوى أداء مناولة البضائع وفق المعدلات المتفق عليها
|
يتم الخصم من الضمان
|
لا يتم أي شيء
|
|
إلزام المقاول بالشراء من المنتجات الوطنية في حال توفرها
|
ملزم
|
غير ملزم
|
|
الحق للتعاقد من الباطن لتنفيذ جزء من الأعمال
|
يتطلب موافقة خطية
|
لا يتطلب موافقة خطية
|
|
نطاق الأعمال المنوطة بالمقاول
|
مفصلة ومحددة
|
ضبابية
|
|
حد أدنى لأداء الأوناش
|
20 حركة في الساعة
|
لا يوجد حد أدنى
|
|
ربط المعلومات الآنية وعلى مدار الساعة للميناء بمركز الحكومة للمراقبة
|
موجود وبأحدث التقنيات نظام متابعة الحاويات (نافس)
|
غير موجود
|
|
ملكية النظام كاملا مع المعدات والبرامج
|
تؤول لملكية الدولة بعد نهاية العقد
|
لا يوجد مثل هذا البند
|
|
وجود برنامج صيانة تفصيلي
|
موجود
|
غير موجود
|
|
شراء معدات جديدة في مدة العقد وعلى حساب المقاول
|
بمبلغ يزيد عن 800 مليون ريال سعودي
|
لا يوجد بند لشراء أي معدة على الإطلاق
|
كما أن هذه النقاط المختصرة تكشف كثيرا من الحقائق:
- عند استلام ميناء الحاويات كان معدل مناولة الحاويات حوالي 560 ألف حاوية.
- السنة الماضية 2011م وصل مناولة الحاويات إلى 160 ألف حاوية بفقدان حوالي 500 ألف حاوية.
- حسب المفترض أن تكون حركة الحاويات قد وصلت إلى أكثر من مليون ونصف
حاوية سنوياً مما يعني تدمير ممنهج لمحطة الحاويات ونقل الشركات الكبرى
الناقلة للحاويات إلى ميناء جيبوتي كأولوية كون ميناء جيبوتي تابع لإدارة
موانئ دبي وهذا ما أرادوا وهو ما حدث.
- من المفترض أن يتم شراء كرينات كبيرة وأخرى صغيرة ومعدات أخرى بقيمة
تتجاوز 350 مليون دولار في السنوات الخمس من تاريخ البدء في إدارة الميناء
وحتى تاريخه ولكن للأسف لم يتم شيء بل تعطلت معدات ولم تقم موانئ دبي
وشركائها بعمل ما يجب القيام به.
- من المفترض قيام موانئ دبي وشركائها بتوسعة الميناء والتزامات أخرى
لتهيئة الميناء ورفع الطاقة الاستيعابية له بمبالغ تتجاوز الثلاثمائة مليون
دولار ولكن لا حياة لمن تنادي.
- مراقبة العقد من الدولة كان ضعيفاً جداً وفي المواسم وسبب ذلك مبدأ "أطعم الفم تستحي العين".
- في المدة من بداية العقد لموانئ دبي وشركائها حتى اللحظة جرى تدمير
للبنية التحتية للمينائين ولسمعتهما وبالتالي لسمعة الدولة كاملة وينبغي أن
لا يمر هذا الأمر دون محاسبة أو عقاب سواءً على المسؤول أو على الشركة
المشغلة كما يجب أن لا يتعذر المشغل ببند القوة القاهرة كون المشغل هو من
أوجد القوة القاهرة وكان سبب فيها، كما كان السبب في عدم التزامه ببنود
العقد المجحفة أصلاً سبب أساسي في انتكاسة الميناء لذا وجب محاسبة ومعاقبة
المشغل لهذين المينائين كما يجب محاسبة ومعاقبة من فاوض ووقع أو أمر
بالتوقيع علي هذه الاتفاقية المخجلة.
الحلول
- التعامل مع فريق عمل قانوني دولي قوي وقادر علي إنهاء عقد موانئ دبي
وشركائها وهذا الفريق يجب أن يشمل في عضويته مسئولين محليين لم تتلطخ
جيوبهم بأموال حرام، ويجب أن يتكون الفريق أساساً من أصحاب الخبرة من رجال
أعمال أو شركات تابعة لهم.
- يكون من مهام الفريق إنهاء العقد والبحث عن فكرة قوية قابلة للتطبيق
لإنقاذ الميناء والبحث عن سبل لإصلاح العطب الذي أصاب الميناء.
- تكوين فريق قانوني للنظر في التعويضات التي سوف تدفعها موانئ دبي
وشركائها للدولة وللعمال والتعويضات الأخرى عن الضرر السابق واللاحق
للمينائين وللمدينة ككل.
- البدء في عمل شركة ذات رأس مال محلي تستقطب شركاء عالميين في نفس المجال
لتحل محل المشغل الحالي على أن تؤخذ الضمانات الكاملة مع وضع خطة عمل
ملزمة للأطراف.
- يحبذ وجود شركاء عالميين مالكين لخطوط ملاحة دولية باستطاعتهم نقل جزء
من حاوياتهم إلي ميناء عدن وبسرعة لكي تبدأ الحركة التصاعدية في المينائين.
just_f
موضوع: ميناء عدن ومأساة موانئ دبي 
الخميس أبريل 12, 2012 6:14 pm
