يا صانع المجد في أرضٍ رسختَ بها | دهراً فأصبحتَ فيها الرمز والعلمَ |
أنت الذي أبصر الأعمى صنائعه | وأسمع القول منه الصمّ والبُكُمَا |
الخيل والشمس والأحزاب معظمها | لم يرتضوا حاكماً إلاك أو حكما |
فليمكث الشعب راضٍ عن مودّته | ولْتمتطي الخيل ولْتمضي بنا قُدُما |
ونحو ألفيةٍ أخرى استمرَّ بنا | رمزاً عظيماً بحبل الله معتصما |
عقدان والبحر كم يبغي لنا غرقاً | ولا تزال ترد البحر منهزما |
والدهر كم بالأعاصير ابْتلاك وما | هزّتْ لكم شعرةً أو زلزلتْ قدما |
إن كان بعض الأُلى قد شيدوا مدناً | أو كان فرعون يوماً قد بنى هرما |
لسدِّ مأربَ أحجارٌ نُقشتَ بها | وللتوحد مجدٌ في يديك نما |
وللتمرد أنذالٌ.. بخبثهمُ | قاموا فقمتَ ولم تبقي لهم صنما |
وللحدود انتصاراتٌ ظفرتَ بها | بحكمةٍ دونما حربٍ تريق دما |
وللتحاور والشورى ممارسةٌ | حققْتها بعد أن كانت لنا حلُما |
وللقضايا بأرض العرْب منطقكم | أبدى العروبة والإسلام فاحْتُرمَا |
وفي فلسطين والأقصى مواقفكم | قد حدثَ السهلُ عن إكبارها الأكما |
وللسلام طريقٌ أنت فارسه | أكنتَ تحمل سيفاً فيه أم قلمَا |
وللصعود مسيرٌ دمتَ قائده | فواصل السير حتى نبلغ القممَا |
سجل مكانك يا تاريخ عن قلمٍ | أمضى على الوحدة الشمّاء والتزما |
وأبلغِ الكون أنْ بنيانَ وحدتنا | لو النيازك حطَّتْ فيه ما انْهدما |
لو أنها الكرة الأرضية انْشرخت | نصفين فانشقّ هذا الترْب وانْقسما |
وجدتَ أبداننا في الشرخ بانيةً | جسراً يعيد الثرى المشطور ملتحما |
واذكر بطولتنا في خوض معركةٍ | مع الذين أرادوا الشمل منقسما |
لمّا تبدّتْ نوايا السوء معلنةً | حرب انفصالٍ من الأعداء قد رُسمَ |
وجاهد الشعب؛ كل الشعب ضدهمُ | حتى النساء بعثن الخبزَ واللقمَا |
وهبّ أجبننا في الحرب عكرمةً | وثار أضعف من في الجنْد معتصما |
غدتْ أُسودهمُ من هولنا قططاً | وجيشهم عندما اشْتدّ الوطيس دُمى |
- إنّا نـغير على الأهوال نفزعها | وينـزف الشوك إن دسنا عليه دما |
وإن ظمئنا فقل للنا س كلهمُ | ما دام في الأرض ماءٌ.. لن نموت ظما |
سلِ العظيمات من أرسى دعائمها | ومن لإرساء دين الله قد دعما |
الأوس والخزرج الأنصار من يمنٍ | والفاتحون بلاد الله والأممَا |
لنا على كل مجدٍ بصمةً ويداً | وخلف كل انتصارٍ للحقوق دما |
فكيف كان جزاء المبتغين لنا | قهراً وتشتيت شملٍ بعد أن لُحمَا |
سقنا إليهم رياحاً صرصراً مكثتْ | سبعين يوماً حسوماً تمطر الحممَا |
حتى غدوا "قوم عادٍ" بعدها، وغدتْ | معسكراتُهُمُ من بعدهم "إرما" |
لقد حمى من جيوش البيض وحدتنا | من قد حمى من جيوش الأشرمِ الحرمَا |
في حين بيّتَ أمراً بات منحسراً | وبيّت الله أمراً صار منحسما |
أطاع إبليس واستعطى نصائحه | حتى إذا جاء يوم الزحف وانْهزما |
أتاه إبليس مذعوراً.. يقول له: | ( ويكَ اسْتهنتَ بشعبٍ طافحٍ عِظما |
بطشتَ، حتى كأنْ لا عقلَ تملكه | وطِشتَ، حتى كأنْ لم تبلغِ الحُلُما |
إني تبرأت منك اليوم يا ولدي | ولا أراني بما أفسدتَ متهما |
ما كان مني سوى رأيٍ أقول به | وكنتَ أفظع مما قلتُه جرما |
فاترك بجرمك أرض الجنتين وكن | منها رجيماً كما مغويك قد رُجمَا) |
وهرولتْ نحوه الأنباء منذرةً: | ( عواصف الحق لم تبقي لكم سيما |
الأخطبوط الذي جهزتَ أذرعه | ممدودةً لالتهام الوحدةِ الْتُهِمَا |
فانفذ بجلدك إن النار قادمةٌ | وارحل.. وُصمتَ بعارٍ منك قد وُصمَا |
ولا تكابر فلن تجدي مكابرةٌ | واغْمد حسامك إن الأمر قد حُسمَا) |
هنالك اسْوَدَّ ندماناً.. فوا عجبي | أمارد القوم يغدو هكذا قزما!! |
وارْتدّ في أول الفارين والْتحقت | به الذئاب التي قد أصبحتْ غنما |
وسدد الله سهم القهر نحوهمُ | وما رمينا؛ ولكن الإله رمى |
فلا مخافة بعد النصر يا وطني | على التوحد مهما الناقم انْتقما |
شاء الأعـادي له أن ينـمحي ولقد | غدوا لتأكيده عن غفلةٍ خدما |
كان التوحد في حبرٍ على ورقٍ | من قبلُ.. حتى الْتقى الجمْعان واصْطدما |
فقامت الحرب تعميداً لوحدتنا | وأُبدل الحبُر من جرح الشهيد دما |
وإن فيك لشعباً ماؤه عكرٌ | يصيّر الطفل جندياً إذا انْفطما |
شعباً أشد من البركان ثورته | بطشاً.. وألين من مزنٍ إذا حلِما |
يكتّم القهر دهراً في حفيظته | حتى إذا امْتلأت ضيقاً بما كَتمَا |
مضى لقاهره مستنقماً شرساً | كالنار مهما تزدْ أكلاً تزدْ نَهَما |
كالبحر بالفيَضان الهائجِ الْتطمتْ | أمواجه الهوج فوق البر ملتهما |
فلا يغادر ممن تحته أحداً | إلا وقد أصبحتْ آثاره عدما |
فهل لشعبٍ كهذا من ممزقةٍ؟! | لا والذي قد حباه العز والشممَا |
يا يوم مايو ستبقى خالداً أبداً | ما دام في الشعب شريانٌ يفيض دما |
لكل شعبٍ حمىً لا يستهان به | وإن وحدة هذا الشعب فيه حمى |
فمن أراد انْتهاكاً بعض حرمته | فقد أراد انتحاراً بعد أن سئما |
ومن أراد له مكراً أحاق به | مكرٌ ومات على أعقابه ندما |
ما جُمِّع الشملُ كي يلقى الفِكاك ولا | قامت به العروة الوثقى لتنفصما |
أحرى بمن شاء تفكيكاً لوحدتنا | أن يشرب البحر أو أن يهدم الحرمَا |
يا قادة العرْب.. حتى ما تفرقكم | وذا النـزاع وهذا الإختلافُ لمَا |
لولا التفرق ما هُنّا أمام عدىً | ولا أقاموا لهم في أرضنا خيما |
ولا بقى المسجد الأقصى بنكبتهِ | ولا أراق بنو صهيون فيه دما |
يا قادة العرْب.. هل آن الأوان لكي | توحدوا السيف والميدان والقلمَا |
هل آن للأمس أن تُطوى صحائفه | وللمواجع أن تُكوى لتلتئما |
قولوا "نعمْ" أثلجوا صدر الزمان بها | وقدسوا اليوم من أقوالكم نَعمَا |
فإن في يوم مايو خيرَ منطلقٍ | لوحدة العرْب.. فلْتسْتنفروا الهممَا |
وبعدُ يا ربُّ وحّـدْ شمل قادتنا | أعد بهم عزة الإسلام والشممَا |
ثم الصلاة على المختار سيدنا | وأجمل القول قولٌ هكذا خُتمَا |